تطمينات بقرب عودة الطيران الروسي لمطارات البحر الأحمر

تطمينات بقرب عودة الطيران الروسي لمطارات البحر الأحمر

10 فبراير 2021
درس الروس وضع مطاري شرم الشيخ والغردقة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر في وزارة الطيران المدني المصرية، لـ"العربي الجديد"، أن فريق التفتيش الروسي، المكون من الخبراء الأمنيين والتقنيين، الذي زار جميع مطارات الجمهورية الأسبوع الماضي، قد غادر البلاد بانطباعات إيجابية، وأبلغ المسؤولين المصريين عن تقديم توصيات إيجابية بشأن قرب عودة الطيران الروسي المباشر إلى منتجعات البحر الأحمر، بعد دراسة الوضع الأمني والفني بمطاري شرم الشيخ والغردقة تحديداً.
وكان مطارا شرم الشيخ والغردقة يستقبلان نحو 90 في المائة من حركة السياحة الروسية إلى مصر، قبل حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015. وكانت السياحة في مدن البحر الأحمر تعتمد بنسبة 92 في المائة على الطيران المباشر، وليس الداخلي الآتي من القاهرة. وأثر إجبار السائحين الروس على استخدام الطيران الداخلي، من القاهرة إلى أي مدينة أخرى للوصول إلى محل إقامتهم، بالسلب على إقبالهم على الحجوزات الفندقية بنسبة تصل إلى 70 في المائة. علماً أن السائحين الروس، يمثلون بحسب إحصاء أجري مطلع 2019، نحو 40 في المائة من إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر.

الموعد المبدئي لعودة الطيران الروسي إلى مدن البحر الأحمر والأقصر يواجه تأجيلاً مستمراً

واستأنفت شركة "إيروفلوت" الروسية الحكومية رحلاتها من موسكو إلى القاهرة والعكس في إبريل/نيسان 2018، بناء على بروتوكول استئناف الرحلات وتأمين المطارات الذي وقّعه البلدان. إلا أن الموعد المبدئي لعودة الطيران إلى مدن البحر الأحمر والأقصر يواجه تأجيلاً مستمراً. وأوضحت المصادر أن فريق التفتيش سجل خلال الزيارة نقطتين سلبيتين فقط، وتدارس مع المسؤولين المصريين كيفية علاجهما سريعاً. وأشارت إلى أنه تم علاج إحداهما بالفعل خلال فترة إقامة الفريق في مصر، وهو ما يعتبر تقدماً كبيراً قياساً بآخر زيارتين لفريق التفتيش إلى المطارات ذاتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ويناير/كانون الثاني 2020، حيث كان الفريق قد سجل أربع ملاحظات سلبية، ما أدى إلى إعلان موسكو إرجاء حسم مصير عودة الرحلات إلى 2020. لكن جائحة فيروس كورونا المستجد ووقف حركة الطيران الروسي إلى معظم عواصم العالم، أدت إلى تأجيل الأمر برمته إلى العام الحالي.
وأوضحت المصادر أن مصر استغلت فترة توقف الرحلات خلال الجائحة، واستجابت لاشتراط موسكو تركيب أنظمة قياس بصمة بيومترية متقدمة، وبصمة الوجه، في المناطق الأمنية الخلفية بمطاري شرم الشيخ والغردقة، على الرغم من التكلفة المادية الكبيرة لذلك، والتي لا تتناسب مع الخسائر الفادحة التي لحقت بقطاعي السياحة والطيران بسبب كورونا. كما تم تركيب بعض الأجهزة في المناطق الخاصة بدخول وخروج الأمتعة وعمل الموظفين. علماً بأن مصر لم تطبق نظام بصمة الوجه في مطار القاهرة إلا في أكتوبر 2019 فقط، وبدأ العمل بها، بهدف التأمين وإحكام السيطرة على منافذ المطار. وذكرت المصادر أن القاهرة أمنت قسماً كبيراً من الميزانية المخصصة لتأهيل المطارات، أمنياً وفنياً، من القروض التي حصلت عليها العام الماضي، من مؤسسات تمويل دولية وأوروبية. وبحسب المصادر فإن النتيجة المثالية التي ترجوها مصر، وتتواصل بشأنها حالياً وزارتا الخارجية وسلطات الطيران في البلدين، هي أن يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عودة الرحلات الجوية من بلاده إلى مطارات البحر الأحمر، خلال زيارة محتملة إلى القاهرة في مارس/آذار المقبل، لم يُحدد تاريخها النهائي حتى الآن، وفي الأغلب ستكون جزءا من جولة في المنطقة.

موقف
التحديثات الحية

وأشارت المصادر إلى أن القرار النهائي لعودة الطيران ليس فنياً ولا أمنياً فقط، بل هو سياسي أيضاً، فالقضية الأساسية التي تلقي بظلالها على هذا الملف هي الخاصة بالتحقيقات القضائية في حادث سقوط الطائرة الروسية، المُتعثر منذ خمس سنوات بسبب تمسك مصر باحتمال حدوث مشاكل فنية، وعدم الاعتراف بمسؤوليتها الأمنية عن الواقعة، التي كان تنظيم "ولاية سيناء"، التابع لتنظيم "داعش"، قد أعلن مسؤوليته عن تنفيذها بواسطة علبة مشروبات غازية متفجرة أدخلت إلى الطائرة. وهو ما ترتب عليه خلافات بين القاهرة وموسكو حول التعويضات المستحقة لشركة الطيران وذوي الضحايا. وأضافت المصادر أن القضية كانت محل مباحثات خلال الزيارة الأخيرة لفريق التفتيش، حيث جدد الفريق التأكيد على أهمية غلق الملف بصورة نهائية، وإعلان مضمون التحقيقات بصورة شفافة، كعامل محفز لسرعة صدور قرار عودة الطيران، خاصة أن الخسائر الحالية للاقتصاد المصري لا تقل جسامة عما يمكن تحمله في حالة الاعتراف بالمسؤولية.

القرار النهائي لعودة الطيران ليس فنياً ولا أمنياً فقط، بل هو سياسي أيضاً

وعن مدى ارتباط مسألة عودة الطيران بملفي صفقات السلاح الروسي لمصر، والتعاون في مفاعل الضبعة النووي، قال مصدر دبلوماسي مطلع على الملفين، إن مفاعل الضبعة يمضي في مسار مستقل تماماً عن قضية الطيران، لكن مسألة التسليح مرتبطة بصورة ما، حيث يتزامن دائماً التلويح الروسي بعودة الطيران أو الإرجاء، مع ممارسة الولايات المتحدة ضغوطاً على القاهرة لوقف صفقات التسليح المتصاعدة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة بشأن شراء طائرات "سوخوي-35" المزمع تسليمها للجيش المصري خلال العامين الحالي والقادم.
ويخشى الروس أن تؤثر هذه الضغوط، إلى جانب رغبة السيسي في إرضاء العواصم الأوروبية، على مركزها بين مصادر تسليح الجيش المصري، الذي أصبح من أكبر المستوردين على مستوى العالم أخيراً، خاصة بعد انتزاع فرنسا صدارة لائحة مصادر التسليح، ومزاحمة إيطاليا للروس أيضاً. فبحسب وثائق حكومية، اطلعت عليها "العربي الجديد"، تأتي روسيا حالياً في المركز الثالث بين موردي الأسلحة لمصر في السنوات الخمس الأخيرة، بعد فرنسا (التي انتزعت الريادة بنسبة تفوق 40 في المائة) والولايات المتحدة، لكن هذه المكانة مهددة بالصفقة التاريخية بقيمة 10 مليارات يورو، الموقعة العام الماضي، مع إيطاليا. وكانت مصر أنفقت نحو 15 مليار دولار بين 2014 و 2017 على التسليح، منها نحو 60 في المائة على الأسلحة الروسية.

مفاعل الضبعة يمضي في مسار مستقل تماماً عن قضية الطيران

وفيما كانت واشنطن ممتنعة عن إرسال مساعداتها العسكرية السنوية إلى مصر بين 2013 و2014، زار السيسي روسيا أكثر من مرة لعقد صفقات عسكرية، شملت منظومة "بريزيدنت - إس" المخصصة لحماية الطائرات والمروحيات المدنية والحربية من الصواريخ، وصواريخ أرض-جو وجو-جو، والصواريخ البحرية أيضاً، ومروحيات "مي - 28 " و"مي - 26" و"كا - 52"، والصواريخ المضادة للطائرات "أنتي - 2500" وصواريخ "إس 300"، وطائرات "ميغ 29 إم" و"ميغ 35 "، ومقاتلات "سو 30"، وزوارق صواريخ وقاذفات "آر بي جي"، ودبابات "تي 90". وفوق كل ذلك أهدت روسيا طراداً من طراز "مولنيا" إلى مصر. وفي العام 2014 توصلت روسيا ومصر إلى اتفاقات حول التعاون العسكري التقني بنحو 3.5 مليارات دولار. وشملت الاتفاقات عمليات تسليم القاهرة 46 مقاتلة من طراز "ميغ-29" حتى عام 2020، و46 هليكوبتر استطلاعية وهجومية من طراز "Ka-52" (التمساح)، تسلمت منها 40 حتى الآن. وفي مايو 2017 فازت روسيا بمناقصة لتزويد مصر بطوافات من طراز "Ka-52K Katran " لوضعها على متن حاملة المروحيات من طراز "ميسترال"، التي حصلت عليها مصر من فرنسا عام 2015.