انتقادات ألمانية لغياب بروكسل عن حل القضية الفلسطينية

انتقادات ألمانية لغياب بروكسل عن حل القضية الفلسطينية

14 مايو 2021
تعاني دول الاتحاد الأوروبي من غياب توجهات مشتركة في ما يتعلق بفلسطين وإسرائيل (فرانس برس)
+ الخط -

يحاول الاتحاد الأوروبي العمل على تهدئة الوضع المتدهور في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أمس الخميس، إن الاتصالات الدبلوماسية المكثفة ستستمر من أجل خفض التوتر وإنهاء التصعيد.

ودفعت هذه التصريحات الإنشائية بسياسيين ألمان لانتقاد الدور المحدود للاتحاد الأوروبي بما يخص النزاع المستمر منذ عقود بين الجانبين، رغم وجود اللجنة الرباعية والدعم المالي الذي تمنحه المفوضية الأوروبية للفلسطينيين.  

وإزاء ما تقدم، برزت انتقادات طاولت المسؤولين في بروكسل، بعد أن استغرق رد منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، يومين لتقديم شرح موجز، وساد التحفظ إزاء النزاع في الشرق الأوسط.

 وفي السياق، قالت عضو حزب الخضر في البرلمان الأوروبي كاترين لانغنزيبن، وفق شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، إن على المفوضية فعل المزيد، ولا بد من إعادة قضية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إلى جدول الأعمال الأوروبي والحديث بصوت عالٍ وواضح، قبل أن تضيف "أعلم أنه على المستوى الأوروبي ليس هناك من قدرة على التصرف كما نرغب، لكن أؤمن أننا لسنا بدون إمكانيات تماماً".

 ومن المعلوم أن دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين تعاني من غياب توجهات مشتركة في ما يتعلق باسرائيل وفلسطين، ويتوقف الاتفاق بشكل عام عند حل الدولتين، والاختلافات واضحة بالفعل عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بفلسطين، فلا تعترف غالبية دول الاتحاد بفلسطين كدولة، ما عدا تسع دول حتى الآن بينها بولندا والتشيك وسلوفاكيا وبلغاريا والمجر ورومانيا ومالطا وقبرص. 

من جهته، رأى عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر راينهارد بتيكوفر ،مع "تاغس شبيغل"، أن الاتحاد يلعب دوراً دبلوماسياً ثانوياً في الشرق الأوسط، على الرغم من الالتزام المالي الكبير للاتحاد الأوروبي في المنطقة، والتأثير الأكبر للولايات المتحدة، منتقداً عدم وجود تعاون بين الأطراف الدولية رغم وجود اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، التي تأسست عام 2002 والمؤلفة من الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، لافتاً إلى أنه لم يعد من تأثير لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الوضع.   

وفي هذا الإطار، أشارت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين أصبحوا في عهد ترامب متفرجين، مع تحيزه الواضح لصالح إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأخيراً دعم الاستيطان الإسرائيلي، وهذا ما يتعارض مع القانون الدولي. 

وأبرز عضو الاتحاد المسيحي والمسؤول عن السياسة الخارجية في كتلة حزبه في البرلمان الأوروبي ميشائيل غاهلر أن إدارة ترامب أعطت الحكومة الإسرائيلية مطلق الحرية وبنسبة مائة بالمائة، ولم تكن مفاوضاً نزيها.

 ورأى غاهلر أنه مع التهديد الحالي بالحرب، فإن الفرصة الوحيدة في حل سلمي تتمثل في حقيقة أن يتحد الأوروبيون والأميركيون ويمارسون ضغطاً مشتركا على طرفي النزاع، وفرصة حل النزاع ممكنة إذا ما توفرت آلية عمل أوروبية أميركية، إلا أن الأوروبيين حتى الآن ينتظرون عبثاً استراتيجية الرئيس جو بايدن الجديدة في الشرق الأوسط، والتي على ما يبدو ما زالت في مرحلة الاستكشاف في واشنطن بعد أربعة أشهر من دخوله البيت الأبيض

ولم يفاجئ التصعيد الحالي الأوروبيين فحسب، وإنما إدارة بايدن التي لم يكن على قائمة أولوياتها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي التي لم تقدم بعد على تعيين سفير جديد لها في إسرائيل، وحتى مبعوث خاص إلى الشرق الأوسط، قبل أن يعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أخيراً عن إرسال الخبير في شؤون الشرق الأوسط هادي عمرو إلى المنطقة، التي تشهد تصعيداً ينذر بالأسوأ بعد أن هُمشت القضية بشكل شبه نهائي خلال السنوات السابقة.

وفي خضم ذلك، لم تستبعد التعليقات المكاسب التي قد يحققها طرفا النزاع حاليا، حيث يعيش نتنياهو أسوأ مراحل حياته السياسية بفعل التحديات القانونية والسياسية ضده، مع تكليف شخصية غيره لتشكيل الحكومة بعد أربع انتخابات برلمانية شهدتها بلاده خلال عامين لم تمنحه الأغلبية، ناهيك عن غياب الدعم الأميركي المطلق له بعد رحيل ترامب عن البيت الأبيض، وربما قد يستعيد جزءاً من شعبيته مع التحرك العسكري، وبالتالي العودة إلى الواجهة فارضاً نفسه على منافسيه يائير لابيد ونفتالي بينيت، بعد أن بات من الصعب عليهما حاليا الاتكال على على دعم الأحزاب العربية في هذه الظروف لتشكيل ائتلاف حكومي.  

وفي الجهة المقابلة، هناك محاولات للي أذرع بين حركة "فتح" بقيادة عباس التي تعاني من الوهن، وحركة "حماس" التي تقدم نفسها صاحبة القضية والمدافع الأول عنها في الصراع القائم مع الإسرائيليين. 

وفي هذا الشأن، ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" أن هناك الكثير من الدلائل التي تفيد بأن  "حماس" لديها حسابات خاصة دفعتها لتصعيد الصراع، ولتحقيق مكاسب على حركة "فتح" في الضفة الغربية وأمام الرأي العام العربي، والقتال من أجل المسجد الأقصى يلقى التقدير من دول الشرق الأوسط التي لم تعد مهتمة بالفلسطينيين .

تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي واصل اتباع سياسته في الشرق الأوسط، ويواصل دعمه للسلطة الفلسطينية بموارد مالية كبيرة، حيث تدفق حوالي 1,3 مليار من أموال الاتحاد بين 2017 و2020.

وأمام هذا، اعتبر غاهلر أن دعم ومساعدة السلطة الفلسطينية صحيح ولفرض سيادة القانون، رغم التقارير التي تشير إلى الفساد، ولفت قائلاً: نحن نستعد لدولة فلسطين التي يجب أن تأتي في يوم من الأيام، والمساعدات استثمار للمستقبل في الشرق الأوسط مع دولة فلسطينية فاعلة.