أستانة 15: بيان إنشائي يعكس غياب التوافقات حول سورية

أستانة 15: بيان إنشائي يعكس غياب التوافقات حول سورية

18 فبراير 2021
لا يدعو البيان الختامي للتفاؤل (الأناضول)
+ الخط -

لم تخرج نتائج الجولة الـ15 من مباحثات مسار أستانة حول القضية السورية عن نطاق التوقعات المسبقة، أمس الأربعاء، مع تكرار الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (تركيا، روسيا، إيران)، ما ذُكر في أغلب بيانات الجولات السابقة، بما في ذلك تمديد التهدئة في الشمال السوري، تحديداً إدلب، التي أرساها اتفاق أنقرة وموسكو، المبرم في مارس/ آذار الماضي. وكل ذلك يؤكد اختلاف مقاربة الدول الثلاث للمسألة السورية، ويرسّخ الاعتقاد أن لا حلول سياسية في الأفق. وتبيّن بعد يومين من الاجتماعات في سوتشي الروسية، أن الثلاثي الضامن جدّد تأكيده في بيان، أمس، على "وحدة الأراضي السورية"، ورفضه "الأجندات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سورية ووحدة أراضيها وإدانة تزايد أنشطة التنظيمات الإرهابية فيها"، ودعا إلى "رفض محاولات خلق وقائع جديدة على الأرض بحجة مكافحة الإرهاب ورفض نهب النفط الذي يجب أن تعود عائداته للدولة السورية"، في إشارة واضحة للوجود الأميركي في شمال شرقي سورية. واتفقت الدول الضامنة على أنه لا يمكن إحلال الأمن والاستقرار طويلي الأمد، إلا استناداً إلى أساس الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها. ودانت هذه الدول الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على سورية ودعت إلى وقفها، لافتة إلى أنها "تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".


لم تحصل المعارضة على وقف لإطلاق النار ولا على حلّ للنازحين

 

وعلى صعيد اللجنة الدستورية التي لم تحقق أي نتائج لكتابة دستور جديد للبلاد بعد 5 جولات تفاوض في مدينة جنيف السويسرية، جددت الدول الضامنة تصميمها على "دعم عمل اللجنة، من خلال التفاعل المستمر مع الأطراف السورية وأعضاء اللجنة الدستورية والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسورية غير بيدرسن كميسر لضمان عملها المستدام والفعال". وجاء في البيان أن ممثلي إيران وروسيا وتركيا "أعربوا عن قناعتهم بأن اللجنة يجب أن تسترشد في عملها بالسعي للتوصل إلى حل وسط والتفاعل البنّاء من دون تدخلات خارجية وفرض مواعيد نهائية من الخارج، من أجل تحقيق توافق بين أعضائها". وأعربت عن قناعتها بغياب الحل العسكري للنزاع السوري، وأكدت تمسكها بـ"تقديم عملية سياسية طويلة الأمد وقابلة للحياة يديرها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة، وفقاً لبيان مجلس الأمن القومي 2254". وكان بيدرسن قد حمّل منذ أيام النظام السوري مسؤولية فشل اجتماعات اللجنة الدستورية، بينما لم يشر البيان الختامي لمحادثات أستانة إلى هذا الأمر. وحسب البيان، سيعقد الاجتماع الـ16 في العاصمة الكازاخية نور سلطان في منتصف العام الحالي. وكان من المتوقع ألا يخرج الثلاثي الضامن بنتائج يمكن البناء عليها لدفع العملية السياسية، إذ من الواضح أن لكل طرف مقاربته، واهتمامه في سورية. تركيا تركّز على منطقة شرقي نهر الفرات، التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية"، والتي تُعدّ بنظر أنقرة خطراً داهماً. في المقابل، يهتم الروس والإيرانيون بمسألة اللجنة الدستورية، تحديداً لجهة تعطيل أعمالها وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية وفق دستور 2012، تفرض بشار الأسد رئيساً للبلاد لسبع سنوات جديدة، ما يعني عملياً تمييع القضية السورية ودفع المعارضة للمشاركة بالسلطة على نطاق ضيق مع بقاء النظام ورأسه. ولم يعلن الثلاثي الضامن وقفاً دائماً لإطلاق النار في سورية كما تطالب المعارضة، مكتفياً بتمديد الهدنة. بالتالي تُرك الباب مفتوحاً أمام احتمالات التصعيد العسكري، بحجة "محاربة الإرهاب" في الشمال الغربي من سورية. ومن الواضح أن المعارضة خرجت من الجولة خالية الوفاض، من دون الحصول على وقف دائم لإطلاق النار، ولا على سقف زمني لعمل اللجنة الدستورية، ولا حتى الاكتراث بملف مئات آلاف المعتقلين في سجون النظام. ووفق وفد المعارضة، فإن هناك أكثر من 400 ألف معتقل في سجون النظام، و17 ألف مفقود، لا يزال النظام يرفض مقاربة ملفهم، خشية من تبعات قانونية ومساءلة دولية. ولم تطرح هذه الجولة حلولاً لأكثر من مليون نازح أجبرهم تقدم قوات النظام على ترك منازلهم في الربع الأول من العام الماضي في أرياف إدلب وحلب.


أبدت الدول الثلاث دعمها لأعمال اللجنة الدستورية

 

في السياق، يرى المحلل طه عبد الواحد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الجولة الخامسة عشرة من اجتماعات أستانة "فشلت في تقديم أي جديد من شأنه تغيير واقع الحال السوري"، مضيفاً أن "اللافت في البيان الختامي للجولة هو غياب أي إشارة تدفع للتفاؤل بشأن عمل اللجنة الدستورية". ويشير إلى أن "موسكو كررت الأسطوانة نفسها حول عمل اللجنة من دون تدخل خارجي ودون أطر زمنية، مع العلم أن وفد المعارضة السورية جاء حاملاً معه مطلب تحديد جدول زمني لعمل اللجنة". ويوضح عبد الواحد أن البيان الختامي "لم يشر ولا بأي شكل إلى الجهة المعطلة للحوار السوري، ولا إلى خطوات ستتخذها الأطراف بغية تحريك العملية، لا سيما ممارسة روسيا الضغط على النظام". ويبدي اعتقاده بأن المحادثات التي جرت، بما فيها تلك التي حصلت مع بيدرسن، لم تؤد إلى تفاهم بشأن كيفية التعامل مع النظام لإرغامه على انخراط جدي في العملية الدستورية.

تقارير عربية
التحديثات الحية