الجمعية العامة للأمم المتحدة: تشويش أميركي على قمة المناخ

الجمعية العامة للأمم المتحدة: تشويش أميركي على قمة المناخ

23 سبتمبر 2019
واجه ترامب انتقادات بسبب تشكيكه في وجود احتباس حراري(Getty)
+ الخط -
تنطلق، غداً الثلاثاء، رسمياً أعمال الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحضور قرابة 150 رئيساً وزعيماً إضافة إلى مئات المسؤولين والوزراء والدبلوماسيين الكبار. أجندة مزدحمة تنتظر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وقادة العالم، وسط هيمنة للملفات الساخنة، منها إيران والتوتر في الخليج، وكوريا الشمالية، والصراعات في الشرق الأوسط، والهجرة واللجوء، وأهداف التنمية والصحة والمناخ.

قضية المناخ، والفعاليات المتعلقة بها، مستمرة على مدار أيام. وأبرز هذه الفعاليات قمة المناخ التي تعقد اليوم الإثنين ويفتتحها الأمين العام للأمم المتحدة. في المقابل، اختارت الولايات المتحدة أن تعقد قمة حول "حماية الحرية الدينية"، اليوم في مبنى الأمم المتحدة بالتزامن مع قمة المناخ، يفتتحها الرئيس دونالد ترامب. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا تعمّد الأميركيون اعتماد التوقيت نفسه للحد من الزخم الذي يتوقع أن يحيط بقمة المناخ رفيعة المستوى، الإثنين، والتي سيحضرها عدد من قادة العالم، على غرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك في الوقت الذي يغيب عنها ترامب. لكن مصدراً دبلوماسياً أميركياً في نيويورك قال، لـ"العربي الجديد"، رداً على سؤال حول الموضوع، "إن تزامن عقد القمتين لم يأت لإبعاد النظر عن قمة المناخ، بل إن الأمين العام للأمم المتحدة سيحضر القمة حول الحرية الدينية والتي ستعقد في نفس المبنى".

غياب التمثيل رفيع المستوى للولايات المتحدة في قمة المناخ لا يقابله حضور رفيع المستوى من قادة العالم فحسب، بل يلاحظ كذلك الحضور القوي والمشاركة للشركات الخاصة، إذ تحاول الأمم المتحدة إشراكها بشكل أكبر وحثها على أخذ مسؤولية في ما يتعلق بالحفاظ على البيئة ومحاربة الاحتباس الحراري. كذلك تحضر بقوة المنظمات غير الحكومية والشباب الذين يضغطون بشدة من أجل اتخاذ خطوات عملية لمحاربة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي.

ويهدف الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن ترتبط المداخلات في قمة المناخ التي ستعقد اليوم بخطوات عملية يقدم من خلالها قادة الدول اقتراحات لمجابهة مخاطر التلوث البيئي والاحتباس الحراري التي يواجهها العالم. كما يحاول غوتيريس الحصول على التزامات بالتخلي عن الوقود الأحفوري خلال فترة محددة. ومن اللافت أن المستشارة الألمانية ستتحدث فقط خلال قمة المناخ، الإثنين، وتغادر نيويورك الأربعاء. ومن غير المقرر حتى الآن أن تتحدث أمام الجمعية العامة، وسينوب عنها وزير الخارجية هايكو ماس.

وموضوع المناخ مهم بالنسبة لغوتيريس وهو يحاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه في عالم تزداد فيه الصراعات حدة وعدداً منذ أن تولى منصبه قبل ثلاثة أعوام. ومن اللافت في اجتماعات هذا العام، إشراك الشباب بشكل فعّال لتكون لهم كلمة مسموعة، ليس فقط عن طريق الإضرابات والمسيرات، بل كذلك عن طريق اجتماعات مع شركات خاصة وفي ندوات عديدة. وعلى هامش الجمعية العامة، ستعقد أكثر من مئتي ندوة ونقاش تركز على مواضيع مختلفة تتعلق بأهداف التنمية السبعة عشر، لكنها تذهب أبعد من ذلك في محاولة لتكثيف التعاون من القطاع الخاص والشركات وربطه كجزء حيوي لتحقيق تلك الأهداف. ومن بين المواضيع التي سيتم التركيز عليها كذلك قضايا الصحة، الجسدية والنفسية، والتعليم والفقر.



ومن أبرز الاجتماعات الإضافية رفيعة المستوى التي ستعقد اليوم الإثنين في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماع حول "التغطية الصحية الشاملة للجميع". وهذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها اجتماع رفيع ضمن الجمعية العامة لنقاش هذا الموضوع. وتهدف الأمم المتحدة من خلال هذا الاجتماع إلى نقاش قضايا التغطية الصحية الشاملة، في ظل افتقار قرابة نصف سكان العالم للخدمات الصحية الأساسية. وتحاول من خلاله حث قادة الدول على العمل بشكل أفضل والاستثمار في التغطية الصحية الشاملة، من أجل توفير وضمان خدمات صحية للجميع.

ومن القمم الإضافية رفيعة المستوى التي تعقد بالتزامن مع أعمال الجمعية العامة، هناك قمة التنمية المستدامة، وهذه المرة الأولى التي تعقد فيها، وستستمر لمدة يومين، الثلاثاء والأربعاء. وكانت دول العالم قد اعتمدت عام 2015 خطة التنمية المستدامة بأهدافها الـ 17، والتي تشمل الصحة والتعليم والقضاء على الفقر وحماية البيئة والعدالة الاجتماعية وغيرها. لكن الأمم المتحدة، ومعها دول العالم التي تبنت الخطة، تواجه تحديات عديدة، من بينها الصراعات وتمويل هذه الخطة. وفي هذا السياق، سيعقد اجتماع رفيع المستوى، الخميس، يجمع ممثلين عن الحكومات مع القطاع الخاص وقطاع الأعمال والبنكي والمالي، في محاولة لإيجاد حلول لتمويل التنمية المستدامة وسد الفجوات العميقة وعدم المساواة التي يعيشها سكان العالم. وتشير دراسات عديدة في هذا المجال إلى أن العالم يحتاج إلى استثمارات سنوية تزيد عن خمسة تريليونات دولار لتحقيق أهداف التنمية.

سياسياً، من المتوقع أن يطغى على أعمال الجمعية العامة رفيعة المستوى، التي تتفتح غداً الثلاثاء، الملف الإيراني والأزمة في المنطقة، خصوصاً بعد استهداف منشآت تابعة لشركة أرامكو النفطية في بقيق والخريص داخل السعودية، وذلك على الرغم من تبدد التكهنات بخصوص عقد لقاء محتمل بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وترامب.  كذلك ينتظر أن تحضر الأزمة في كشمير، خصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذتها الهند وكان من أبرزها إلغاؤها في 5 أغسطس/آب الماضي بنود المادة 370 من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم. ومن غير المتوقع أن يعقد أي لقاء بين قادة البلدين. وسيلتقي الرئيس الأميركي برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الإثنين، أما لقاؤه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي فسيكون غداً الثلاثاء. وسيغيب عدد من قادة الدول، أبرزهم قادة ورؤساء الصين وروسيا وكندا. كما يغيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ألغى مشاركته عقب نتائج الانتخابات العامة المعادة.

وفي الملف الفلسطيني، لن تكون هناك أي اجتماعات رفيعة المستوى بارزة بين الوفد الفلسطيني الذي يقوده الرئيس محمود عباس مع الجانب الأميركي أو أي تفعيل للرباعية التي تضم الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة وروسيا. ولعل الاجتماع الأبرز سيكون بشأن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والذي من المقرر أن يعقد الخميس المقبل. ومن أبرز المتحدثين، غداً الثلاثاء، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، الرئيس الأميركي، إلى جانب الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو والمصري عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وسيعقد السيسي لقاء ثنائيا مع دونالد ترامب لاحقا في نفس اليوم. ومن غير المقرر أن يلتقي ترامب بأي من القادة العرب، باستثناء السيسي والرئيس العراقي برهم صالح. وسيركز الرئيس الأميركي في خطابه على العلاقات مع الصين وإيران وشمال كوريا. وهناك ترقب لما سيقوله الرئيس البرازيلي، خصوصاً في ما يتعلق بالمناخ وحرائق الأمازون، حيث إن الرجل معروف، كما الرئيس الأميركي، بتشكيكه في وجود احتباس حراري وتغيير مناخي.