ذكرى الانسحاب من "النووي" وزيارة بومبيو: كفة الاحتكاك راجحة

ذكرى الانسحاب من "النووي" وزيارة بومبيو: كفة الاحتكاك راجحة

08 مايو 2019
تحركات بومبيو مرتبطة بإجراءات التصعيد ضد إيران(مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

تحلّ، اليوم الأربعاء، الذكرى السنوية الأولى لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني. ويبدو أنّ إدارة دونالد ترامب، تعد "للاحتفال" بهذه المناسبة على طريقتها. فالخطوات التي اتخذتها في الأيام الأخيرة، تؤشر على رغبة جناح في الإدارة الأميركية، بالاشتباك مع إيران، أو باستدراجها إلى مواجهة، بحسب معظم التفسيرات في واشنطن.

فبدا تحريك قوة بحرية أميركية ضخمة، مع قاذفات جوية باتجاه مياه الخليج، مع ما رافق ذلك من تحذير شديد اللهجة أقرب إلى الإنذار، أكثر من استعراض قوة وتهويل. ثم جاءت الزيارة العاجلة السرية التي قام بها، أمس الثلاثاء، وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إلى بغداد، لتعزز هذا الاحتمال.

إلغاء زيارته فجأة إلى برلين ليعرّج على العراق عشية المناسبة، بدا وكأنّه مرتبط بشكل أو بآخر مع إجراءات التصعيد ضد إيران. وما زاد من التخوّف في واشنطن هو إعلان طهران، اليوم الأربعاء، عودتها إلى استئناف "بعض نشاطاتها النووية" كرد على التصعيد الأميركي.

تسويغات مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون، للحشد العسكري، أثارت من علامات الاستفهام أكثر مما قدّمت قضية متماسكة. المعلومات التي ذكرها حول عمليات محتملة ضد القوات والمصالح الأميركية، ذكرت مجلة "أكسيوس" أنّ مصدرها إسرائيل التي نبّهت بولتون بأنّ إيران تعد لضربات وشيكة ضد المصالح الأميركية.

تنبيه يضع المعلومات في خانة الرواية التحريضية الرامية إلى تزويد بولتون بحيثية تبرّر تسخينه للوضع. الوزير بومبيو سارع وهو في طريقه إلى فنلندا، إلى ترديد المعزوفة مع التلويح بالعصا إذا وقع أي عمل عدائي ضد أميركا.

ولوحظ أنّ ترامب بقي خارج الموضوع. موقفه غير معروف. ثمة اعتقاد بأنّه "غير متحمّس" للمواجهة مع إيران، ومتوجس من توجّه مستشاره. لكن ذلك لا يعني حياده. ربما أنّه اختار الغموض للإرباك. وبذلك يترك المساحة واسعة لتحرّك بولتون الذي قد يستدرج طهران لحملها على القيام بخطوة لا يقوى الرئيس على تجاهل الرد عليها، وبالتالي إشعال نار الاشتباك المنشود.

وبولتون الذي بات المهندس الأكثر فعالية للسياسة الخارجية، يدرك أنّ ترامب قد يحتاج، وفي المدى القريب، إلى "تغيير الحديث" في واشنطن، ولا سيما في الكونغرس المشغول بمطاردة الرئيس، من خلال موضوع التحقيقات وتقرير روبرت مولر، ومتاعبه المؤرقة والمرشحة للتفاقم.

لذلك هناك خشية، حتى في أوساط فريق ترامب، من أن يكون بولتون قد أمسك بزمام المبادرة في ملف إيران بشكل خاص. "إذا نجح دعاة الحرب وبالتحديد: الرباعي بولتون – بنيامين نتنياهو– محمد بن سلمانمحمد بن زايد، في تحقيق طموحه، عندئذ تقع المواجهة، وتكون الحرب حينئذٍ حرب ترامب، وهو يدفع ثمنها في الانتخابات كما في معركة التحقيقات"، بحسب ما يقوله السياسي المحافظ باتريك بوكانان، والذي يعتبر من أشدّ المؤيدين للرئيس.

تحذيره ينطوي على خشية حقيقية من المآل الذي قد ينتهي إليه تولّي بولتون الشأن الإيراني. لذلك، تبدو كفة الاحتكاك راجحة وإن كانت غير محتمة. زيارة بومبيو إلى بغداد، والتي جرت في ظل تكتم شديد، تصب في هذا المجرى من باب أنّ الساحة العراقية قد تكون من ضمن مسرح المواجهة بحكم الوجود الإيراني والأميركي فيها.

المتخوّفون يخشون من الفرصة التي توفّرها الظروف الراهنة في واشنطن، لفريق "الصقور". الكونغرس، كما البيت الأبيض، غارقان في حرب السلطات والصلاحيات. الأولوية الآن عند الرئيس ترامب، لمعركته السياسية – القانونية المحتدمة، وليس للملف الإيراني، ولا حتى الكوري الشمالي أو الفنزويلي. كلها متروكة وإن بحدود للثنائي بولتون وبومبيو، وبشكل رئيسي لبولتون القريب من أذن الرئيس.