عودة "مستقبل وطن" لمخابرات مصر: تعليمات باستبعاد الأمن الوطني

عودة "مستقبل وطن" لمخابرات مصر: تعليمات باستبعاد الأمن الوطني

11 مارس 2020
ممارسات الحزب أساءت للسيسي بالاستفتاء على تعديدلات الدستور(محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر بارزة في مجلس النواب المصري، أنّ رئيس حزب "مستقبل وطن"، البرلماني أشرف رشاد، تقدم باستقالة رسمية من رئاسة الحزب بشكل مفاجئ، أمس الثلاثاء، بعد ورود تعليمات من رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، بعودة إدارة الحزب للجهاز، لتولي مهام اختيار قوائمه قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية نهاية العام الحالي، وذلك عوضاً عن جهاز الأمن الوطني (يتبع لوزارة الداخلية).

وقالت المصادر في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إنّ رشاد تلقى اتصالاً هاتفياً في وقت متأخر من مساء أول من أمس الاثنين، يخبره بضرورة التقدّم باستقالته من منصب رئيس الحزب، والذي يشغله منذ سبتمبر/ أيلول 2016، لإفساح المجال لآخر لتولي المنصب، وهو رئيس المحكمة الدستورية الأسبق، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، في ضوء تغييرات واسعة تطاول المواقع القيادية كافة في "مستقبل وطن"، ومن بينها الأمين العام للحزب، القيادي السابق في حزب "الوفد" حسام الخولي.

وكان عبد الرازق خلف الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور في رئاسة المحكمة الدستورية في يونيو/حزيران 2016، وظلّ قبلها نائباً لرئيس المحكمة لمدة 15 عاماً. أعير فيما سبق للعمل كمستشار بإدارة الفتوى والتشريع بمجلس الوزراء الكويتي بين عامي 1992 و1998، كما تدرّج في مناصب مجلس الدولة حتى عُين مستشاراً في المجلس عام 1987، ومنه انتقل إلى المحكمة الدستورية في العام التالي، حيث عمل مستشاراً بهيئة المفوضين بالمحكمة.

وأضافت المصادر أنّ حركة التغييرات في الحزب ستستبعد جميع القيادات المحسوبة على جهاز الأمن الوطني، والتي أتى بها عقب توليه مهامه في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2018، مشيرةً إلى أنّ جميع أعضاء "مستقبل وطن" الذي يمتلك الأغلبية في مجلس النواب الحالي، "فوجئوا بقرار الإطاحة برشاد، وتعيين قاض سابق بدلاً منه، من غير المحسوبين على قيادات الحزب، وهو ما أثار حالة من الاستهجان الخافت بينهم".

وتابعت المصادر أنّ رجل الأعمال النائب محمد أبو العينين، والذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب، بعد الدفع به في الانتخابات التكميلية للبرلمان عن دائرة الجيزة، هو أحد الأسماء المرشحة للعب دور أكبر في إدارة "مستقبل وطن" خلال الفترة المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بتمويل الحزب، مع اقتراب الانتخابات النيابية. مع العلم أن أبو العينين كان أحد القيادات البارزة في الحزب الوطني المنحلّ، الحاكم خلال عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك.

وحتى مساء أمس، لم يُخطر أعضاء الحزب رسمياً بقرار استقالة (إقالة) رشاد، أو تعيين عبد الرازق بدلاً منه، غير أنّ المصادر أكدت تلقي الأمانات الفرعية لـ"مستقبل وطن" في المحافظات، اتصالات هاتفية من ضباط في المخابرات العامة، لإعلامهم بعدم مسؤولية جهاز الأمن الوطني مجدداً عن قرارات الحزب، وإجراء تغييرات مرتقبة في قياداته تحت ذريعة "تجديد الدماء"، من دون إيضاح المزيد من التفاصيل.

وأوضحت المصادر أنّ "جهاز المخابرات العامة هو من أدار عملية الانتخابات البرلمانية في العام 2015، ويخطط لاستحواذ حزب مستقبل وطن على أغلبية مجلس النواب المقبل، من خلال وضع نظام انتخابي جديد بنسبة 75 في المائة للقوائم المغلقة، و25 في المائة للمقاعد الفردية، وذلك بهدف ضمان أغلبية مريحة للحزب، لا سيما مع سيطرة الأجهزة الأمنية على المشهد الانتخابي، وخضوع الهيئة الوطنية للانتخابات لإملاءات مؤسسة الرئاسة".

وكانت مصادر برلمانية قد كشفت لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، أنّ "جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) تسلّم ملف إدارة حزب مستقبل وطن من المخابرات العامة في العام 2018، بعد سنوات من تولي الجهاز الأخير مهام إدارة الحزب"، مشيرةً إلى "صراع بين الجهازين على مدى الفترة الماضية، لإثبات الولاء لمؤسسة الرئاسة، خصوصاً أنّ الحزب أسس في العام 2014، ليكون ظهيراً سياسياً للرئيس عبد الفتاح السيسي".

وأضافت المصادر أنّ ممارسات رشاد، وبعض كوادر الحزب، أساءت بشدة إلى السيسي أمام الرأي العام في الداخل والخارج، في أثناء الاستفتاء على تعديلات الدستور العام الماضي، بعدما وثقت منظمات المجتمع المدني طباعة اسم وصورة الرئيس الحالي على "كراتين الغذاء" الموزعة على الناخبين خلال أيام الاستفتاء، فضلاً عن عمليات حشدهم بحافلات عليها شعار الحزب إلى اللجان الانتخابية للتصويت، مقابل الحصول على بعض السلع الغذائية.

وقبل تولي جهاز الأمن الوطني مهام إدارته، أدى جهاز الاستخبارات الحربية دوراً كبيراً في تشكيل حزب "مستقبل وطن"، وتجاوز مرحلة دعمه أو توجيهه إلى إنشائه وتمويله، وتوفير مقار له في المحافظات، في أعقاب انتخابات الولاية الأولى للسيسي عام 2014. وكان الحزب في الأصل جبهة تحمل الاسم نفسه، أسستها الاستخبارات ككيان شبابي لدعم الرئيس الحالي في انتخابات ولايته الأولى، بحسب شهادة سابقة للسياسي المعتقل حالياً حازم عبد العظيم.