أولويات جديدة للتحالف بعد سيطرة "جبهة النصرة" على إدلب

أولويات جديدة للتحالف بعد سيطرة "جبهة النصرة" على إدلب

09 نوفمبر 2014
يمنع التحالف "النصرة" من التمدد شمالاً (فادي الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -

قامت الطائرات التابعة للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باستهداف نقاط عدة، في مناطق ريف إدلب الشمالي التي تخضع لسيطرة الفصائل الإسلامية التي تحارب "داعش" وقوات النظام السوري في آن.

وجاء هذا الاستهداف بعد يومين فقط، من سيطرة "جبهة النصرة" على مقرّات وحواجز "جبهة ثوار سورية" التي يقودها جمال معروف، القيادي الذي يتم طرح اسمه من قبل المسؤولين الأميركيين، على أنه قائد أكبر القوى التي تعتبرها الولايات المتحدة "معتدلة" وتقوم بدعمها.

وأدت الغارات التي شنّتها طائرات التحالف الدولي إلى دمار مباني المصرف الزراعي والمركز الثقافي في مدينة حارم، في ريف إدلب، قرب الحدود السورية التركية، وهي مبانٍ كانت تتخذها "النصرة" مقارَّ لها، وسقوط عدد من القتلى في صفوف المدنيين، بينهم أطفال بحسب مقاطع فيديو مصوّرة، بثها ناشطون محليون على شبكات التواصل الاجتماعي.

في السياق، استهدف طيران التحالف الدولي مستودعاً تابعاً لـ "الجبهة الإسلامية" قرب الحدود السورية التركية، وشاحنة يُعتقد أنها تابعة لـ "النصرة" كانت مركونة شمال بلدة سرمدا، القريبة من معبر باب الهوى الحدودي. كما استهدف طيران التحالف مقراً لـ "النصرة" في منطقة جمعية الكهرباء، في ضواحي حلب الغربية.

وكانت "النصرة" قد بسطت منذ أيام، وبشكل تدريجي، سيطرتها الكاملة على معظم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في ريف محافظة إدلب، شمال غرب البلاد، بعد تمكنها من إجبار "جبهة ثوار سورية"، أكبر التشكيلات المصنفة من قبل الإدارة الأميركية كـ "قوى معتدلة"، على الانسحاب من معاقلها في جبل الزاوية في ريف مدينة إدلب.

وبسطت "النصرة" سيطرتها الكاملة على مدينة معرّة النعمان، أكبر المدن التي تسيطر عليها المعارضة في ريف إدلب، وتمكنت من إجبار عدد كبير من الفصائل والتشكيلات، التي كانت تتبع لـ "جبهة ثوار سورية" في ريف إدلب، على إعلان الانفصال عن "جبهة ثوار سورية" وإعلان التبعية لـ "النصرة"، أو على الأقلّ إجبارها على تسليم سلاحها لـ "النصرة".

وهذا ما حصل بالضبط مع معظم الكتائب والمجموعات التابعة لـ "حركة حزم" في ريف إدلب، والتي اضطرت في معظمها إلى الانسحاب من ريف إدلب، وخصوصاً من مقرّاتها في بلدة خان السبل، الواقعة على طريق حلب دمشق الدولي نحو مناطق ريف حماة الشمالي.

كما انسحبت من بلدة الهبيط، وتركت خلفها كميات كبيرة من السلاح الثقيل والذخائر التي وضعت اليد عليها مجموعات "النصرة"، التي سيطرت بشكل متزامن على كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، التي تركتها مجموعات "جبهة ثوار سورية" في قرى جبل الزاوية التي انسحبت منها.

في المقابل، فضّلت مجموعات انضمت منذ فترات قصيرة نسبياً، إلى "جبهة ثوار سورية" و "حركة حزم"، اللتين أعلنت "النصرة" الحرب عليهما أخيراً، إعلان تبعيتها لـ "النصرة" لتجنب الحرب التي تشنها الجبهة على هذين الفصيلين.

كل ذلك أدى إلى سيطرة "النصرة" على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي كانت بحيازة "جبهة ثوار سورية" و "حركة حزم"، اللتين تلقّتا كميات من الأسلحة والذخائر، وكان بعضها ذا نوعية خاصة، لم تتوفر لمجموعات أخرى من المعارضة السورية المسلحة، كصواريخ "تاو" المضادة للدروع الأميركية الصنع، والتي استخدمتها مجموعات "حركة حزم"، عبر استهداف عشرات الآليات المدرعة لقوات النظام السوري في مدينة مورك بريف حماة، وفي المعارك المستمرة منذ أشهر بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة في محيط مدينة حلب.

استيلاء "جبهة النصرة" على مقرات "جبهة ثوار سورية" و"حركة حزم" في ريف إدلب، وبالتالي سيطرة "النصرة" على الأسلحة والذخائر ومضادات الدروع التي زودت الولايات المتحدة الفصيلين "المعتدلين" بها، يبدو أنه دفع قيادة قوات التحالف الدولي المتمثلة بالقيادة العسكرية الأميركية إلى الإيعاز باستهداف مقرّات "النصرة" في حارم، في رسالة واضحة تتضمن تأكيد قوات التحالف على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تمدد "النصرة" في شمال سورية، بعد مهاجمتها لفصائل المعارضة المسلحة الأكثر قرباً للإدارة الأميركية، وسيطرتها على الأسلحة والذخائر التي قدمتها الولايات المتحدة لهذه الفصائل.

وكانت قوات التحالف الدولي قد هاجمت مقرات عدة لـ "النصرة" بصواريخ "توماهوك" في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، مع انطلاق هجماتها على "داعش". واستهدفت قوات التحالف مقرّات "النصرة" في منطقة ريف المهندسين في ريف حلب الغربي وفي بلدة كفردريان في ريف إدلب الشمالي، الأمر الذي أدى لدمار مقرات هامة تابعة للجبهة واحتراق مستودعات ذخيرة تملكها، بالإضافة إلى مقتل العشرات من عناصرها بينهم قياديون في مجموعات جهادية تابعة لها، كانت تعمل في وقت سابق في باكستان وأفغانستان، وأطلقت عليها الإدارة الأميركية اسم "جماعة خراسان".

ولا يبدو أن قوات التحالف الدولي ستتردد في معاودة الهجوم على مقرات "النصرة"، خصوصاً مع استمرار سعي الجبهة إلى القضاء على مجموعات المعارضة السورية المسلّحة، التي تعتبر بشكل أو بآخر قريبة من الولايات المتحدة، بل إن وتيرة هجمات قوات التحالف الدولي قد تتسارع بشكل كبير في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد تصريحات قائد "النصرة" أبو محمد الجولاني، التي بثتها مواقع جهادية على شبكة الإنترنت، تحدث فيها عن استهداف التحالف لجميع المجموعات الجهادية في سورية.

واعتبر الجولاني، أن "هدف التحالف هو تصفية المجاهدين في المناطق التي يسيطرون عليها، وأبرزها حلب ودير الزور والرقة، واستبدالهم بالفصائل السورية المتواطئة مع التحالف".

المساهمون