للنزوح ثمنه: 1500 دولار للهروب من الفلوجة


للنزوح ثمنه: 1500 دولار للهروب من الفلوجة


02 فبراير 2015
تتدهور الحالة الإنسانية داخل المدينة (صفين حميد/فرانس برس)
+ الخط -

لا يحظى جميع العراقيين الراغبين بالخروج من مدينة الفلوجة المحاصرة اليوم بهذه الفرصة. يحول بينهم وبين النجاة من الموت ضيق أحوالهم المادية وعدم امتلاكهم لـ1500 دولار أميركي تفرضها عليهم مافيات تهريب النازحين المنتشرة قرب نقاط التفتيش المحيطة بالمدينة.

ويكشف سكان محليون غادروا الفلوجة لـ"العربي الجديد"، أن "جميع منافذ الدخول والخروج أُغلقت بالكامل بالأسلاك الشائكة والحواجز الإسمنتية، وأي شخص يحاول الاقتراب من نقاط التفتيش يُقَابَل بإطلاق نار كثيف من القوات الأمنية".

وعن الطريقة التي تمكنوا فيها من عبور كل هذه الحواجز، يوضح السكان الهاربون من الموت والجوع، أن "كل رب أسرة عليه دفع 500 دولار لقوات الجيش و500 دولار للشرطة و500 دولار لعناصر الحشد الشعبي، كي يتمكن من المرور مع أفراد عائلته".

ويكشفون أن "الأموال تُجمع من قبل أشخاص ملثمين، ينتمون إلى مافيات عشائرية غير معروفة"، موضحين أنّ "لهجتهم تشير إلى أنهم من سكان المناطق الغربية".

كما يشيرون إلى "تدهور الحالة الإنسانية داخل المدينة، بعد منع خروج المرضى وحالات الولادة منها، ما أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص، فضلاً عن عجز أغلب العوائل عن توفير المبلغ الذي تطلبه نقاط التفتيش لإخراجهم".

ويدعو أحد السكان الخارجين من الفلوجة، محمود الفلاحي، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحكومة الاتحادية إلى "التدخل الفوري لإنقاذ آلاف الأسر العالقة بين الموت والجوع في المدينة المحاصرة منذ أشهر عدة". ويطالب بفتح "منافذ الدخول والخروج للمدينة، أسوة بباقي المناطق العراقية".

من جهته، يقول الشاب نواف العلواني، الذي فرّ من المدينة أخيراً باستهزاء، إنه "إذا عجزت الحكومة عن فتح منافذ المدينة، فعليها تخصيص جزء من الميزانية لمافيات تهريب النازحين من الفلوجة". ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنه "تعرّض للإهانة على يد قوات الجيش والشرطة في منفذ الفلاحات غرب الفلوجة".

وسبق لكبار تجار المدينة أنّ حذروا من المجاعة التي تهدد 20 ألف عائلة في الفلوجة، بسبب الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية والصحوات وميليشيات الحشد الشعبي منذ أشهر عدة، بعد نفاد المواد الغذائية بشكل شبه كامل.

مجلس محافظة الأنبار الذي أقر بإغلاق جميع المخارج والمداخل من وإلى المدينة، يؤكد رفضه استحصال أية مبالغ من النازحين الهاربين من المعارك التي اشتدت خلال الايام الأخيرة.

ويقول عضو المجلس مزهر الملا لـ"العربي الجديد" إن الحكومة المحلية في الأنبار لن تتهاون مع أية عمليات ابتزاز للمواطنين الذين تدهورت حالتهم الانسانية بعد غلق جميع منافذ المدينة، أو حالات قصف تطال المدنيين، مشيراً إلى تعرض منطقته إلى قصف عشوائي من قبل طائرات عراقية.

وقتل وأصيب في وقت سابق أكثر من 20 شخصاً في غارة إيرانية على الفلوجة هي الأولى منذ سيطرة تنظيم "داعش" على عدد من المحافظات العراقية.

ويرجح ضابط مسؤول في قيادة عمليات الأنبار لـ "العربي الجديد" أن تكون الطائرات إيرانية بعد تأكيده عدم قيام الطائرات العراقية أو الأميركية بأية غارات في ذلك اليوم.

ويتعهد الملا بنقل معاناة أهالي الفلوجة إلى رئيس مجلس المحافظة، صباح كرحوت، لاتخاذ الاجراءات اللازمة، مؤكداً أنّ المجلس لن يسمح باستمرار الخسائر اليومية في صفوف المدنيين، داعياً إلى فتح منافذ الخروج للنازحين من المدينة من أجل عزل عناصر تنظيم "داعش".

وشهدت المدينة عدداً من حالات الوفاة بسبب عدم سماح القوات الأمنية وميليشيات الحشد الشعبي بمرور المرضى باتجاه العاصمة بغداد.

ويؤكد الطبيب في مستشفى الفلوجة، أحمد المحمدي، لـ"العربي الجديد" أنّ حالات الوفاة بسبب نقص العلاج ازدادت خلال الأيام الأخيرة بعد نفاد الأدوية، وتعذّر نقل حالات الولادة التي تتطلب عمليات قيصرية أو مصابي القصف والأحداث الطارئة إلى مستشفيات بغداد.

كما يشير إلى لجوء بعض المصابين لطرق العلاج التقليدية في المنازل، ما أدى إلى تعرضهم لمضاعفات مرضية أدت إلى وفاتهم بعيداً عن المستشفيات.

وأغلقت بعض مخيمات النازحين أبوابها في وجه من استطاع الخروج من الفلوجة. علي عبد الرحمن، وهو أحد الهاربين من البلدة بعد دفعه مبلغاً مالياً لم يفصح عنه، يشتكي من سوء المعاملة التي تعرض لها على يد شرطة عامرية الفلوجة.

ويوضح عبد الرحمن لـ "العربي الجديد" أنّ القوات الأمنية التي منعته من دخول عامرية الفلوجة تصف النازحين بأوصاف سيئة وتسمعهم كلاماً بذيئاً، وتتقصد إهانة أي شخص يأتي من الفلوجة. ويشير إلى اضطراره لشراء خيمة والسكن في منطقة "الفحيلات" الساخنة التي تشهد مواجهات شبه يومية بين تنظيم "داعش" وشرطة عامرية الفلوجة.

من جهته، يوضح المسؤول عن مخيم النازحين في المنطقة، محمد العيساوي أن الأعداد الكبيرة للنازحين من الفلوجة والرمادي وهيت أكبر من قدرة المخيم على استيعابها. ويؤكد العيساوي لـ"العربي الجديد" أن السلطات المحلية في المنطقة أبلغت نقاط التفتيش بمنع أي نازح من الدخول وقطع الطريق مع الفلوجة بشكل نهائي.

ومنعت سلطات محافظتي بابل وكربلاء في وقت سابق مرور النازحين من الفلوجة والرمادي الى بغداد. وهو ما أكده رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، الذي قال إن القوات الأمنية في المحافظتين لم تسمح للأسر النازحة والمهجرة من محافظة الأنبار بالمرور عبر أراضيها باتجاه العاصمة، مطالباً الحكومة الاتحادية بالتدخل وفتح أبواب جميع المحافظات ومنها كربلاء وبابل أمام النازحين والمهجرين من محافظة الأنبار.