حرب أولويات في لبنان

حرب أولويات في لبنان

02 أكتوبر 2017
ولي العهد السعودي ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل (واس)
+ الخط -
أدى لبنان طوال السنوات السبع الماضية أدواراً متناقضة في الملف السوري. وعندما نتحدث عن لبنان لا يمكن أن نعني كياناً واحداً أو فكرة واحدة، بل مجموعة أطراف سياسية متعارضة تقودها أولوياتها المحليّة والإقليمية للتوافق مرات وللصراع مرات. وبقدر ما لعبت القوى السياسية على خط الامتداد الطائفي للأزمة السورية، كانت التطورات الميدانية السورية مؤشراً لتصعيد الخطاب السياسي الداخلي. راكمت تلك التطورات من عمق الأزمة السياسية. بدءاً من الخلاف حول سلاح "حزب الله" مروراً بالخلاف على الموازنة وعلى دور لبنان في محيطه العربي، ووصولاً إلى دوره في الخلاف الأكبر في المنطقة بين السعودية وإيران. 

أنقذت التسوية السياسية التي عقدها "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" مع "التيار الوطني الحر" وخلفه "حزب الله" ما يمكن إنقاذه من انتظام للدولة ولسلة المصالح الاقتصادية لهذه القوى، وبدا أننا بخير رغم زيادة الضرائب وتراجع حالة الحريات العامة وبقاء الحرب الطائفية مغطاة بقشرة رقيقة من الحوار السياسي. لكن الحرب الأكبر لا تزال مستمرة، وبالتخبط نفسه الذي ينعكس على كل دول المنطقة من دون استثناء. تتقاتل إيران والسعودية في سورية واليمن وتختلفان في البحرين ولبنان والعراق. ولكل دولة من تلك الدول حلفاء وأتباع للمحورين. وعلى رغم حجم التناقضات التي تجمع حلفاء المحاور في لبنان، تمكنت الظروف الإقليمية من توحيد الصفوف لخوض جولة جديدة من المواجهة السياسية والميدانية بين إيران والسعودية. ولأن لكل عهد رجاله تتبدل الوجوه على رأس هذه المحاور. ويصبح مُدلل الأمس في السعودية واحداً من زعماء كُثر. وينتقل إلى المقدمة صاحب الصوت الأعلى، وإن كان صدىً دون أثر فعلي. لا هم. تعيد السلطات السعودية الجديدة فتح دفاتر العهد القديم وتبحث في دليل الهاتف عن الحلفاء. قدّمت المملكة كل التسهيلات لحلفائها الذين قرروا ربط النزاع مع "حزب الله" في حكومة توافق، قبل أن تُثبت الأشهر الأولى من ولاية الرئيس ميشال عون أن لبنان الرسمي في جيب "حزب الله"، وأن "ربط النزاع" تحوّل إلى مربض سياسي يقصف منه وزراء الحزب وحلفاؤه خيارات السعودية في سورية وفي لبنان. ورئيس الحكومة عالق في النصف. غير مرضي عنه إقليمياً، ولا هو قادر على ضبط الخطاب الحكومي حتى ضمن سياسية "النأي بالنفس" عن الأزمة السورية. ​

واليوم تلتفت السعودية الجديدة بقيادة محمد بن سلمان إلى الإقليم. يستمع ولي العهد السعودي إلى المسؤولين اللبنانيين ويستمعون إليه. وهي خطوة لا تحمل أبعاداً سياسية مباشرة فقط، بل بداية لتواصل الوجه السعودي الجديد مع حلفاء الوجوه السياسية السعودية السابقة. فمن سيقنع من؟ وبماذا؟ 

 

المساهمون