عن تقارب روحاني والحرس الثوري

عن تقارب روحاني والحرس الثوري

09 يوليو 2018
عودة العقوبات قد تجعل روحاني مضطراً لطلب مساعدة الحرس(Getty)
+ الخط -
حملت رسالة وجهها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، إلى الرئيس حسن روحاني قبل أيام، أكثر من مجرّد ثناء بسيط، نسبة لما خرج على لسان هذا الأخير من تصريحات ومواقف خلال جولته الأوروبية من قبيل عدم الاعتراف بإسرائيل أو الردّ على محاولات منع إيران من تصدير نفطها، فكتب سليماني "هذا هو روحاني الذي عرفناه ونعرفه ويجب أن نعرفه". عبارة تحمل الكثير في مضامينها ولا سيما أنّها تأتي بعد انتقادات متبادلة. أولاً، عودة العقوبات الأميركية في أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين، واحتمال تمزيق الاتفاق النووي بالكامل، قد يجعل روحاني مضطراً لطلب مساعدة الحرس، سواء في محاولات الالتفاف على العقوبات للحصول على متطلبات البلاد المالية بالذات، أو من خلال إعادة فتح المجال لشركاته علّها تنعش اقتصاد الداخل. وهو السيناريو ذاته الذي حصل في زمن الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.

ثانياً، ولعله المبرر الأكثر حساسية بالنسبة لدوائر صناعة القرار الإيرانية، فإنّ هذا التقارب قد يكون مرتبطاً بضرورة تتعلّق بالساحة الداخلية، فالسلطات في البلاد بغنى عن صداع يأتيها من جهة الشارع حالياً. وقد كان لافتاً التحوّل الذي طرأ على موقف عسكريين وساسة محافظين عقب الاحتجاجات التي خرجت جنوبي إيران اعتراضاً على ملوحة مياه الشرب وشحّها. وكان هؤلاء قد رفعوا سقف الانتقادات لروحاني سابقاً وحمّلوه مسؤولية الارتباك الاقتصادي، بل وساهموا في التحريض على احتجاجات خرجت ضده في ديسمبر/كانون الأوّل الفائت، لكنهم دعوا أخيراً للتقارب مع الحكومة ومساعدتها. ولعلّ هذا مرتبط بتعليمات مباشرة من المرشد، فأعداء إيران لا ينظرون إليها من جهة الضغط الاقتصادي وحسب، بل يترقّبون تحرّكات الشارع.

ثالثاً، لربما يرتبط التقارب بمعادلات مستقبلية مصيرية. ووفقاً للبعض في ساحة التحليل، فإنّ الحرس المؤثر كثيراً في الداخل، والقريب من المحافظين، قد يلعب دوراً في معادلة اختيار المرشد الإيراني المقبل.

أخيراً، إنّ التقارب الراهن يعيد العلاقة بين الحكومة المعتدلة وممثليها الديبلوماسيين في الرئاسة والخارجية من جهة، والحرس الثوري الذي يمثّل الذراع السياسية والعسكرية في الإقليم من جهة ثانية، لمربع توزيع الأدوار. وقد يصبح روحاني مضطراً لتعديل شعاره القائم على الانفتاح الديبلوماسي نحو الغرب ومبايعة الحرس سياسياً، بعد أن اختلف معه على السلوك الاقتصادي وتعريف المهام. وبالنتيجة، فإنّ كل ما يحصل يهدف لأن تصبّ الأمور لصالح تحقيق الجملة الأخيرة التي كتبها سليماني في رسالته ومفادها "نحن في خدمة أي سياسة تحقّق مصلحة النظام الإسلامي".