اتهامات الفساد تلاحق الوزراء الجدد بحكومة السيسي

اتهامات الفساد تلاحق الوزراء الجدد بحكومة السيسي

14 يناير 2018
وقعت اختيارات السيسي على شخصيات متهمة بالفساد (Getty)
+ الخط -
من لواء عسكري متورط في وقائع فساد، مرورا برئيسة لدار "الأوبرا" متهمة بإهدار المال العام، ورئيس تنفيذي لشركة قابضة تُثار حولها العديد من علامات الاستفهام، ووصولا إلى مستشارة اقتصادية لصندوق النقد الدولي؛ هكذا جاءت اختيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي لقائمة الوزراء الجدد في التعديل الوزاري، الذي أقره البرلمان في جلسة طارئة، الأحد، لم تستغرق سوى دقائق معدودة.

وشملت الاختيارات اللواء أبو بكر الجندي، في منصب وزير التنمية المحلية، والذي يترأس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) منذ العام 2005، وجرى التجديد له سنوياً لمدة 12 عاماً، على الرغم من تقدم العاملين في الجهاز ببلاغات عدة تتهمه بالفساد إلى النائب العام.

ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تقدم العاملون في الجهاز ببلاغات عن فساد الجندي، حملت أرقام: 1172/ النائب العام، و2310/ نيابة مدينة نصر، و5678/ عرائض للنائب العام، و227/ النيابة الإدارية، علاوة على بلاغين سابقين، حملا رقم (2143/ نيابة الساحل)، بتاريخ 25 يونيو/حزيران 2012، و(2869 نيابة مدينة نصر)، بتاريخ 30 مايو/أيار 2012.

واستندت البلاغات السابقة إلى عدد من وقائع إهدار المال العام، بموجب حديث الجندي نفسه في برامج حوارية، واعترافه بمسح 243 مليون بيان من قاعدة بيانات المواطنين، نتيجة فشل شركة عالمية (تعاقد معها) في تقدير الحجم الكبير للبيانات، وتورط شركة أخرى (لها فرع في مصر)، في تصميم "أبليكشن التابلت" الخاص بالإحصاء السكاني.

وصرح الجندي بأن الشركة لم يكن لديها سابق خبرة في إدارة مشروع بهذا الحجم، وكانت "بتتعلم فينا"، وتواجهها مشكلات، استدعت الاستعانة بخبراء من الخارج، وهو ما تسبب في تأخر إصدار الجهاز للإحصاء الأخير عن أعداد السكان، حسب قوله، فضلاً عن تطرق البلاغات إلى عدم تسلم المئات من الشباب المشاركين في المسح السكاني مستحقاتهم المالية، التي تعاقدوا على أساسها.

الجندي من مواليد العام 1949، وشغل منصب قائد الجيش الميداني الثالث، ورئيس فرع العلاقات مع أميركا بوزارة الدفاع، قبل إحالته إلى التقاعد، واشتهر بتصريحاته المستفزة لمشاعر المواطنين، إذ قال في لقاء إعلامي سابق إن "المواطن المصري يستطيع أن يعيش بـ 322 جنيهاً شهرياً، أي نحو 11 جنيهاً في اليوم، وأن 482 جنيهاً تكفي المسكن والملبس والمواصلات".


من جانب آخر، شغلت رئيسة دار "الأوبرا" المصرية، إيناس عبد الدايم، منصب وزيرة الثقافة، وهي حاصلة على دكتوراه في الموسيقى الكلاسيكية، وشغلت منصب عميد المعهد العالي للموسيقى "الكونسيرفتوار"، غير أنها تواجه اتهامات تتعلق بالفساد المالي، وإهدار المال العام، بحسب ما ورد في طلبات إحاطة مقدمة من أعضاء البرلمان، وحديث سابق لوزير الثقافة المُقال، حلمي النمنم.

واتهم النمنم، عبد الدايم، بالفساد المالي، في حوار مع موقع "إيلاف" العام الماضي قال فيه: "دار الأوبرا تبيع 25 تذكرة فقط في اليوم، وباقي الحضور يكون من خلال الدعوات.. وما يحدث هو إهدار للمال العام، في حين تنفق الدار 150 ألف جنيه سنوياً على المطبوعات، و122 ألف جنيه على أنشطة قاعة سيد درويش بمحافظة الإسكندرية، من دون مردود".

وتقدم المتحدث باسم حزب "الوفد"، النائب محمد فؤاد، بطلب لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في وقائع إهدار المال العام في وزارة الثقافة، للوقوف على آلية عمل صندوق تمويل "الأوبرا"، وجهة اعتماد الصرف، والمركز المالي للصندوق، وحسابه الختامي، من دون استجابة من رئيس البرلمان، بعدما أشار إلى مخالفة عبد الدايم لوعدها الخاص بإفادة مجلس النواب بمستندات عن أوجه الصرف.

وبحسب بيان عاجل لمحمد فؤاد، فإن عبد الدايم لم ترسل أي مستندات إلى اللجنة المختصة في البرلمان، درءاً لشبهة الفساد في الملفات المنوطة بها، ما يمثل "عدم اكتراث منها بدور مجلس النواب الرقابي"، مطالباً الجهات الرقابية بفتح التحقيق في وقائع إهدار المال العام بدار الأوبرا، بالنظر إلى وجود مستندات توثق العديد من وقائع الفساد داخل الدار.


أما خالد بدوي، الذي اختير في منصب وزير قطاع الأعمال العام، فهو الرئيس التنفيذي لشركة "الأهلي كابيتال"، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري (حكومي)، التي أنشت في عام 2008، وطاولتها تهم الفساد في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، كما شغل منصب العضو المنتدب لشركة "أزاكو"، المملوكة لمجموعة "القلعة" القابضة للاستثمارات.

وفي مطلع عام 2013، تقدم سيد محروس - مالك إحدى الشركات بالإسكندرية - ببلاغات إلى الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة، والبنك المركزي، ضد بدوي، والمدير المالي لشركة "أزاكو"، عهدي خيرت، لقيامهما ببيع قطعة أرض مملوكة للشركة، بما عليها من معدات ثقيلة، لإحدى شركات منطقة برج العرب، بعد القيام بتصفية أعمالها، وبيع أراضيها، ومعداتها، للتهرب من مديونيتها.

وأسست "الأهلي كابيتال" كشركة قابضة برأسمال مرخص 40 مليار جنيه، وتمتلك حالياً مساهمات مباشرة في 13 شركة تعمل بقطاعات الكيمياويات، والبتروكيماويات، والحديد والصلب، والأسمدة، والإسمنت، والزراعة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، من خلال اتصالها المباشر بالبنك الأهلي المصري، الذي يتمتع بأكبر قاعدة عملاء بالجهاز المصرفي المصري.

وكشف تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات، أن الشركة ضمنت أرباحاً ناتجة عن عملية البيع لمساهمات البنك في 6 شركات، بقيمة 4 مليارات و281 مليون جنيه، على الرغم من أن نفس الأسهم قد انتقلت من محفظة استثمارات البنك الأهلي إلى محفظة استثمارات الشركة، التي يساهم البنك فيها بنسبة 98.95%، وبالتالي لا تنتج عن عملية البيع إيرادات.

وأظهرت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا في قضية شركة "الأهلي كابيتال"، المدرجة تحت رقم 591 لسنة 2011، أنه لا يمكن أن يبيع البنك شركات تابعة لنفسه، ويحقق مكاسب يضيفها إلى قائمة الإيرادات، خاصة أن ميزانيات للبنك الأهلي مجمعة عن الأعوام 2008، 2009 و2010، تبرز أن البنك تكبد خسائر كبيرة، ولم يحقق أرباحاً، كما تدعي إدارة البنك.

وأخيراً، جاء اختيار المستشارة الاقتصادية بصندوق النقد الدولي، رانيا المشاط، لمنصب وزير السياحة، والتي شغلت منصب وكيل محافظ البنك المركزي المصري للسياسة النقدية، في الفترة من أغسطس/ آب 2005، وحتى مايو/ أيار 2016، إذ كانت من ضمن فريق التفاوض على برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي لمصر بين عامي 2011 - 2013.

وتولت المشاط مسؤولية تنسيق العلاقات بين البنك المركزي المصري، وصندوق النقد الدولي، ومؤسسات التقييم ووكالات التصنيف الائتماني، حيث لعبت دوراً هاماً في عملية تحرير سعر صرف الجنيه، التي أفقدت العملة المحلية نحو 70% من قيمتها، وتبعتها موجة ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات أثقلت كاهل المصريين.