برلمان السيسي يوافق نهائياً على "تحصين قادة الانقلاب"

برلمان السيسي يوافق نهائياً على "تحصين قادة الانقلاب" ويهدد المعترضين

16 يوليو 2018
رفض رئيس البرلمان التأكد من توافر النصاب (Getty)
+ الخط -
وافق مجلس النواب المصري، اليوم الاثنين، بصفة نهائية، على مشروع قانون "تكريم بعض كبار قادة القوات المسلحة"، المقدم من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بغرض تحصين قادة انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 قضائياً، من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق المعتصمين السلميين، إلى جانب إقرار العديد من الامتيازات المالية لهم، ومعاملتهم معاملة الوزراء.

ورفض رئيس البرلمان، علي عبد العال، الأخذ بنظام التصويت الإلكتروني للتأكد من توافر نصاب الثلثين اللازم لتمرير القانون، كونه من التشريعات المكملة للدستور، طالباً من النواب الحاضرين الوقوف تأييداً للقانون، في حين هدد ثمانية نواب أعلنوا رفضهم لتحصين قادة الجيش، قائلاً لهم: "شكراً لكم.. وأظن الرسالة وصلت كده!".

ويستهدف القانون منع تحريك أي بلاغات أو قرارات اتهام أو تحقيقات ضد جميع قادة الجيش الذين تورطوا في وقائع العنف الدامية التي أعقبت الانقلاب ضد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وعلى رأسها مذبحة فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، فضلاً عن منع توجيه اتهام دولي من قبل أي هيئة قضائية أجنبية أو دولية ضدهم، وتمتعهم بحصانة دبلوماسية أثناء وجودهم خارج البلاد.

ووافق البرلمان على القانون في مجموع مواده، في جلسة 3 يوليو/تموز الحالي، غير أن عدم اكتمال نصاب الثلثين اللازم لإقراره أرجئ أخذ الرأي النهائي فيه، وهو القانون الذي يرمي إلى منع قادة الانقلاب من الترشح مستقبلاً لأي مناصب سياسية، إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على غرار ما حدث مع رئيس الأركان السابق، المعتقل حالياً، الفريق سامي عنان.

ونصّ مشروع القانون على أن "يُستدعى الضباط من كبار قادة القوات المسلحة، الذين يصدر بأسمائهم قرار من رئيس الجمهورية، لخدمة القوات المسلحة مدى حياتهم. ويكون الاستدعاء لمن يشغل منهم منصباً أو وظيفة خارج القوات المسلحة، فور انتهاء شغله لهذا المنصب أو تلك الوظيفة". ويتمتع المخاطبون بأحكام القانون، أثناء سفرهم خارج البلاد، بالحصانات الخاصة المقررة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية طيلة مدة خدمتهم، وكذا مدة استدعائهم.

ونصّ كذلك على أن "يُعامل المعاملة المقررة للوزير كل من لم يشغل من كبار قادة القوات المسلحة المشار إليهم منصب الوزير، أو منصباً أعلى، ويتمتع بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة، على أن يُحدد بقرار من رئيس الجمهورية المزايا والمخصصات الأخرى التي يتمتع بها المخاطبون بأحكام القانون، مع جواز الجمع بين المزايا والمخصصات المقررة بناءً على أحكامه، وبين أي ميزة مقررة بموجب أي قانون آخر".

كما تضّمن القانون "منح المخاطبين بالقانون الأوسمة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، مع عدم جواز مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو اتخاذ أي إجراء قضائي في مواجهة أي من المخاطبين بأحكام القانون عن أي فعل ارتكب خلال فترة تعطيل العمل بالدستور، وحتى تاريخ بداية ممارسة مجلس النواب (يناير/كانون الثاني 2016)، لمهام مناصبهم أو بسببها، إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة".

وفي إبريل/نيسان الماضي، وافق البرلمان على مشروع قانون برفع رواتب رئيس البرلمان، ورئيس الوزراء، ونوابه، والوزراء، والمحافظين، إلى ما يعادل صافيه الحدّ الأقصى للأجور (42 ألف جنيه شهرياً)، مع تخصيص المعاش الشهري بقيمة 80 في المئة من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب، وهو ما سيحصل عليه المخاطبون بقانون قادة الجيش، علاوة على مخصصاتهم من القوات المسلحة.

ويعد التشريع الجديد امتداداً للقانون الذي سبق أن أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر عام 2011، باعتبار جميع أعضاء المجلس آنذاك مستدعين للخدمة بالقوات المسلحة مدى حياتهم، بهدف إنقاذهم من أي مساءلة عن الوقائع الدامية التي جرت في أعقاب الثورة، مثل أحداث "مجلس الوزراء" و"محمد محمود" و"ماسبيرو"، ومنع تحريك أي بلاغات فساد ضدهم أمام جهات التحقيق القضائية العادية.

وكان مصدر مصري مقرب من دائرة السيسي قد كشف لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أنه "برغم تضمن القانون مميزات مالية ضخمة، ووسائل تحصين قضائية ودبلوماسية، إلا أنه يستهدف منع شركاء السيسي في الانقلاب من ممارسة حقوقهم السياسية، كون الأخير قلقاً من الطموحات الشخصية لعدد منهم، وفي مقدمتهم صهره رئيس الأركان السابق، محمود حجازي، وبدرجة أقل وزير الدفاع السابق، صدقي صبحي، وقائد الجيش الثاني السابق، أحمد وصفي".

وفي مقابل المزايا المالية القياسية، والمساواة بالوزراء في المعاش والمستحقات، والحصانة التي يضفيها القانون الجديد على قادة الجيش السابقين، فإن نص الاستدعاء يجعلهم أدنى مرتبة من وزير الدفاع الحالي، محمد زكي، بوصفه المسؤول عن اتخاذ قرارات إنهاء استدعائهم أو تعليق الاستدعاء، أو السماح لهم بمباشرة حقوقهم السياسية، وذلك بعد استشارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.


وعلى مدار السنوات الأربع السابقة، كرس السيسي سيطرته بشكل كامل على المجلس الأعلى، بعدما أطاح بقائد سلاح الدفاع الجوي، عبد المنعم التراس، آخر القادة الذين عملوا مع عنان، وكان قائده في السلاح ذاته، ولم يعد من بين قيادات الجيش من هو أكبر سناً من الرئيس الحالي، إلا الفريق محمد فريد حجازي، الذي عيّنه أخيراً رئيساً للأركان، ومساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، واللواء ممدوح شاهين.