أزمة البحرين مستمرة: تعليق عمل "الوفاق" وتجميده

أزمة البحرين مستمرة: تعليق عمل "الوفاق" وتجميده

30 أكتوبر 2014
المعارضة قررت مقاطعة الانتخابات الشهر المقبل (محمد الشيخ/فرانس برس)
+ الخط -

رمت الحكومة البحرينية، ممثلة بوزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، خالد بن علي آل خليفة، الكرة في مرمى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة، بإيقاف تنفيذ الحكم القضائي الصادر بتعليق عملها إلى حين عقد مؤتمرها العام.

ونقلت وكالة أنباء البحرين "بنا" عن الوزير قوله إن الحكم الابتدائي الصادر، أول من أمس الثلاثاء، بتعليق عمل الجمعية ثلاثة أشهر لن يتم تنفيذه قبل انعقاد المؤتمر العام للجمعية.

والمرجح أن هذه الخطوة المحسوبة من الحكومة البحرينية تهدف إلى إشغال جمعية الوفاق في معركة قانونية، تحدّ من قدرتها على التأثير على الانتخابات التشريعية التي ستجري في البلاد في الثاني والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بعدما أعلنت "الوفاق" وجمعيات سياسية معارضة أخرى مقاطعتها.

وكانت محكمة بحرينية قد أصدرت، يوم الثلاثاء، قراراً بتعليق نشاط جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة، (الشيعية)، بعدما حرّكت وزارة العدل البحرينية دعوى قضائية مطلع العام الحالي ضد الجمعية لتصويب وضعها القانوني عقب فشلها في الامتثال لقواعد الشفافية المنظمة لعمل الأحزاب السياسية، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أشار إلى "بطلان أربعة مؤتمرات عامة للوفاق، نتيجة عدم تحقق النصاب القانوني لها، وعدم التزام علانية وشفافية إجراءات انعقادها".

والواضح أن القرار القضائي ضد الجمعية الأبرز في تشكيلات المعارضة البحرينية، وقرار الحكومة البحرينية، بعد ساعات من صدوره تجميد تنفيذه، يدخلان في باب معركة عضّ الأصابع المستمرة بين السلطة والجمعية، على خلفية ما تقول المعارضة البحرينية إنه نكوص حكومي عن الحوار الوطني وإعلانها مقاطعة الانتخابات التشريعية.

وكانت خمس جمعيات معارضة، هي وعد، التجمع القومي الديمقراطي، المنبر الديمقراطي التقدمي والإخاء الوطني، قد اعتبرت، في بيان لها، قرار إيقاف "الوفاق" سياسياً بامتياز، ويستهدف مصادرة العمل المعارض في البحرين، ويزيد من شحن وتوتير الأجواء الأمنية والسياسية التي تعاني منها البلاد.

ورأت أن إصرار الحكم على السير في طريق الدولة الأمنية، ورفض كل المبادرات التي تقدمت بها القوى المعارضة، يعبر عن ضيق الأفق الذي يعاني منه النظام، ويوسع دائرة الاستهداف التي سار عليها، منذ فرض قانون السلامة الوطنية (الطوارئ) في مارس/ آذار 2011.

من جهتها، عبرت وزارة الخارجية الأميركية عن القلق من القرار ضد الوفاق. ورأت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين ساكي، أنه "يتعارض مع إرساء مناخ ملائم لعمل سياسي شامل". كما حذّر المدير في منظمة هيومان رايتس فيرست، براين دولي، من أن تزيد الخطوة من الاضطرابات في البحرين، مع اقتراب موعد الانتخابات. وأشار إلى أن "القرار يبدو بعيداً عن كونه مصادفة" وأضاف "خنق المعارضة السلمية هي دعوة إلى الاضطرابات، خصوصاً عندما تكون التوترات السياسية مرتفعة جداً".

تجليات الأزمة

وكان قرار الجمعيات السياسية المعارضة الخمس، وأبرزها الوفاق الوطني الإسلامية، مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية الذي جرى الإعلان عنه في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، قد نقل الأزمة السياسية في البحرين إلى طور جديد. وأغلق الباب تماماً على إمكانية التقاء الطرفين في منتصف الطريق، على الرغم من أن قرار المقاطعة، بحد ذاته، لم يكن مفاجئاً بل متوقعاً، خصوصاً بعد مقاطعتها الحوار الوطني الذي دعا إليه ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في سبتمبر/ أيلول 2013، مطالبة بتحديد وجهة الحوار وأجندته ورعايته، وبتأليف الحكومة المنتخبة، والإفراج عن معتقلين، ووقف ما تسميه التجنيس السياسي، ورفضت قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.

ووصف الأمين العام لجمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان، في مؤتمر صحافي عقده مع مسؤولي خمس حركات معارضة، انتخابات الشهر المقبل بأنها "انتخابات الحكم". وقال إن الحكم لا يمثل ما سمّاه "الشعب الذي يشكل الأغلبية السياسية". وطالب بيان المقاطعة "الجماهير" بعدم المشاركة في انتخاباتٍ "قد تقود بلادنا إلى مستقبل مجهول، تتعمق فيه الأزمة السياسية الدستورية، ويتكرس الحكم المطلق في البحرين". ومما قاله أيضاً إن "الانتخابات التي لا يترتب عليها تداول للسلطة في إطار الملكية الدستورية، على غرار الديمقراطيات العريقة التي بشر بها ميثاق العمل الوطني منذ أكثر من 13 عاماً، هي انتخابات بلا جدوى، وتكرس الواقع القائم على السلطة المطلقة".

في المقابل، قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة البحرينية، سميرة رجب، إن مقاطعة المعارضة الانتخابات التشريعية تهدف فقط إلى إثارة الرأي العام العالمي. وصرحت لقناة الجزيرة إن "المعارضة البحرينية تشارك في هذه الانتخابات بعناصرها وقنواتها وبآليات مختلفة".

وكان ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، قد حدد في مرسوم ملكي الانتخابات التشريعية المقبلة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، ودعا الناخبين إلى اختيار أعضاء مجلس النواب الأربعين في أربعين دائرة انتخابية، على الرغم من استمرار احتجاجات المعارضة.

وتشهد البحرين اضطرابات منذ اندلاع احتجاجات كبيرة مطالبة بالديمقراطية في مطلع عام 2011، وتم إخمادها، لكن المتظاهرين واصلوا التظاهر على نطاق أصغر بشكل شبه يومي، مطالبين بملكية دستورية. إلا أن دائرة الاشتباكات والحملات الأمنية تحولت إلى موجة اضطرابات بين المحتجين وقوات الأمن، قتل فيها عشرات من الطرفين. وتتهم المعارضة السلطة باستغلال الانقسامات الطائفية لتفادي النهج الديمقراطي، بينما تتهم الحكومة جمعية الوفاق بالعمل لحساب إيران.

وقد رفضت المعارضة البحرينية في سبتمبر/ أيلول الماضي، رسالة تلقتها الجمعيات البحرينية من الديوان الملكي للإصلاح السياسي. وقال الأمين العام لجمعية "الوفاق"، الشيخ علي سلمان، في كلمة أمام مسيرة معارضة في المنامة في التاسع عشر من الشهر نفسه، "إن ورقة الحكم التي قدمها لا تمثل المعارضة ولا الشعب في سطر واحد منها، وترفض المطالب الوطنية، وتكرس الاستبداد وأسباب الأزمة، وفيها محاولة لمخادعة هذا الشعب الكريم، من أجل أن يوقع على صك عبوديته". واعتبر أن النظام "جاء بورقة لتكريس الاستفراد بالقرار، ويلغي فيها إرادة هذا الشعب، ثم يدعوه إلى الذهاب إلى الانتخابات والتصديق على مصادرة حقوقه، ورسالتنا إلى الحكم أننا سنرفض الذهاب في انتخابات مزورة، لإرادتنا مسبقاً، وسنفرغ صناديق الاقتراع وسنصفرها، إذا تمت الدعوة للانتخابات بدون الاستجابة لمطالبنا".

وكانت المعارضة البحرينية قد التقت، في يناير/ كانون الثاني الماضي، ولي العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، الذي أعلن عن مبادرة جديدة، لدرس سبل إيجاد حوار جاد ينتج صيغة سياسية جديدة، تشكل حلاً شاملاً دائماً. لافتاً إلى التوافق على البنود الرئيسية للحوار، إلا أن هذا الحوار انتهى إلى الفشل، وبإعلان المعارضة مقاطعتها الانتخابات التشريعية والبلدية.