المغرب في مواجهة خطر الإرهاب وتجفيف منابعه

المغرب في مواجهة خطر الإرهاب وتجفيف منابعه

29 أكتوبر 2014
أحداث 16 مايو أعقبتها اعتقالات واسعة (فضل سنّاً/فرانس برس)
+ الخط -
هزّت سلسلة التفجيرات التي ضربت مدينة الدار البيضاء في 16 مايو/ أيار 2003، الرأي العام، وغيّرت من معادلة الاستقرار التي كان ينعم بها المغرب، ليحلّ محلها توجسّ سياسي واجتماعي من الحركات المتطرفة، ومنذ تلك الفترة أطلق المغرب حملة أمنية واسعة لتجفيف منابع الإرهاب لا تزال مستمرة حتى الآن.
أحداث 16 مايو أدخلت المغرب إلى نفق أحداث واعتقالات واسعة في صفوف مَن أصبحوا يسمّون بـ"السلفية الجهادية". وفجأة ظهر أن هناك آلاف السلفيين يعيشون في البلاد، وأن بعضهم تنازل عن فضيلة التعايش، واختار أن يمضي سريعاً في طريق ما يعتبره "بناء المجتمع الإسلامي" عن طريق العنف الموجّه ضد الدولة وضد المجتمع.
وكانت التفجيرات ما تلاها من أحداث قد جاءت في وقت حساس كان فيه المغرب مشدوداً إلى صهوة التغيير وتقلّبات "التناوب"، لتعود بعدها عقارب الساعة إلى الوراء، بعدما أصبحت محاربة الإرهاب نقطة مستعجلة في جدول أعمال الدولة، وأصبحت مساندة هذا الجهد من طرف قوى المجتمع المدني والمكوّنات السياسية أمراً لا يقبل التلكؤ، حتى وإن كان ذلك يتعلق بالدفاع عن الحق في المحاكمة العادلة.
والواقع أنه جرى توفير كل ذلك بعناية فائقة، وخصصت قاعات كبيرة مجهّزة بميكروفونات، وعاش المغاربة في ذلك الوقت مرافعات طويلة للدفاع، كانت تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح.

من جهةٍ ثانية، لم يفرّط المجتمع الحقوقي، الذي أصيب بالذهول لأول وهلة نتيجة حجم العنف وقوة الضربة، في الدور الذي هو موكول إليه، واستفاق سريعاً من هول الصدمة، لينخرط في مسار الدفاع عن الحدود الدنيا لحقوق السجناء والملاحقين في تلك القضايا الحساسة، حتى وإن تعلّق الأمر بهؤلاء الذين يلاحقون بتهم الإرهاب. وبذلك فإن المجتمع الحقوقي والسياسي في المغرب، لم يتعامل بالكثير من الإقصائية ومن العنف المضاد مع التيار السلفي، وربما في وقت لاحق، سينفتح المجال أكثر، بعد حوار ومراجعات مع رموز التيار وشيوخه، عندما تخلوا جزئياً عن نزعتهم التكفيرية في حق الدولة والمجتمع.

لكن الفرز الذي وقع داخل الإسلاميين في المغرب خلال العشر سنوات الماضية، كان كبيراً وحاسماً، بل وثورياً. فقد استطاع جزء من الإسلاميين التكيّف مع تداعيات أحداث 16 مايو، وخاض حزب العدالة والتنمية صراعاً مباشراً من أجل البقاء في الساحة السياسية. وهذا ما ناله بالفعل عندما أصبح اليوم، الفاعل السياسي رقم واحد في البلاد، بل تقدم إلى موقع القيادة.

كما تمت مراجعات من طرف التيار السلفي، بعدما جرى الافراج عن شيوخ السلفية الجهادية، لكن مع ذلك، لا يعد هذا كافياً. لذلك، فالمشروع المجتمعي الحقيقي يذهب دون هوادة في طريق التصدي لكل أسباب نمو الإرهاب، مهما كان شكله أو تعبيراته. وتلك مسؤولية الدولة والمجتمع المدني الواعي والقائمين على اللعبة السياسية.

دلالات