فرص التدخل البرّي لـ "عاصفة الحزم"

فرص التدخل البرّي لـ "عاصفة الحزم"

05 ابريل 2015
مناورات مشتركة للقوات السعودية والباكستانية (واس)
+ الخط -
كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل واضحاً حين أعلن أمام مجلس الشورى السعودي يوم الثلاثاء الماضي، أنّ السعودية "ليست بصدد الزجّ بقواتها البرية داخل الأراضي اليمنية" في عملية "عاصفة الحزم".

ورغم أنّ العسكريين السعوديين يستبعدون هذا الخيار في الوقت الحالي، لكنّهم يفضلون ترك الباب مفتوحاً أمام مختلف الاحتمالات، وأن يكونوا على استعداد لأي تطور يمكن أن يطرأ، وفق ما يشير محللون عسكريون لـ "العربي الجديد". وهو موقف يتناسب مع تأكيدات المتحدث باسم عملية "عاصفة الحزم"، العميد طيار أحمد عسيري، بأنّ العمل البري "ممكن إذا ما دعت الحاجة إليه".

اقرأ أيضاً (طائرات "الحزم" تُغير على موقع إمدادٍ للحوثيين)

وقال الفيصل أمام مجلس الشورى السعودي إنّ "اليمنيين قادرون على القيام بمسؤولياتهم ومواجهة التنظيم الحوثي، خصوصاً في ظل انضمام العديد من العسكريين والمدنيين أخيراً إلى القوات الموالية للشرعية". وأكّد في السياق نفسه أنّ اليمنيين "هم الذين يحمون اليمن".

غير أنّ جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) الانقلابية ومعها قوات علي عبدالله صالح، تحاولان جرّ قوات التحالف إلى مواجهة برّية، لأنّها باعتقادهم ستكون في صالحهم في هذا الوقت من المعركة.

في المقابل، يبدو أنّ القادة العسكريين في الجانب السعودي غير متحمسين لذلك؛ كونهم يعرفون أن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا التحرك. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر عسكرية أنّ الحديث عن تدخل برّي مباشر لا يزال مبكراً، طالما أنّه لم يتم القضاء على كامل أسلحة الحوثيين الثقيلة وقاذفات صواريخهم بالكامل.

ويشير ضابط سابق رفيع الشأن في الجيش السعودي، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى حرب تحرير الكويت، إذ لم تتدخل القوات البرية فيها إلا بعد 40 يوماً من القصف الجوي المكثف، والحال كذلك بالنسبة لحرب غزو العراق عام 2003.

ويشدّد الضابط، الذي فضل عدم ذكر اسمه، على أنّ "التدخل البرّي في هذا الوقت سيكون مكلفاً بشكل لا يمكن احتماله لقوات التحالف"، لكنه لا يستبعده، قائلاً إنه في بعض الأحيان "قد يكون من الضروري اتخاذ مثل هذه القرارات الصعبة".
ويوضح أنّه "في الحرب البرّية تاريخياً يكون أصحاب الأرض متفوقين على الجيش المهاجم بضعفين، كونهم يتفوقون من ناحية التكتيك"، مشيراً إلى أنّ "حرب العصابات تستنزف الجيوش وتضعف قدراتها وتجعل أمر حسم المعركة لا ينتهي إلا بانسحاب الجيش المهاجم مهما طال الزمن. من حرب فيتنام إلى حرب أفغانستان وغيرها من الحروب المشابهة، تكون الكلمة الفصل لأصحاب التضاريس الوعرة".

ويشدّد الضابط نفسه لـ "العربي الجديد"، على أنّ قادة التحالف لا يأخذون حالياً بنداءات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، للتحرك البرّي على اعتباره ضرورة، موضحاً أنّه "في نهاية المطاف يدفع جنود التحالف الثمن وليس أحداً آخر، وهو ثمن لا أحد يريد دفعه ما لم يكن مجبوراً عليه".

وبالتالي، فإنّ أي تدخل برّي يجب أن يكون من خلال "اللجان الشعبية" وفرق الجيش التي تدعم عملية "عاصفة الحزم"، ولعلّ هذا ما يفسر الدعم اللوجستي والأسلحة التي تُسقطها طائرات التحالف في عدن إلى "اللجان الشعبية"، وآخرها أمس السبت.
 
ضرورات التدخّل البرّي

تسير "عاصفة الحزم" بشكل جيد حتى الآن، وتؤتي الضربات الجوية ثمارها، بحسب العميد العسيري الذي يشير إلى تدمير القدرات الجوّية للحوثيين، ومنصات إطلاق صواريخ "سام" والمضادات الجوّية بالكامل، ولكن لا يمكن معرفة الهدف الشامل للعمليات الجوّية الحالية باستثناء القادة العسكريين، وتحقيق هذا الهدف هو ما يحدد ضرورات التدخل البرّي، هذا ما يؤكّده الخبير الاستراتيجي طراد العمري، لـ "العربي الجديد"، مشدّداً على أنّ "التدخل البرّي هو أكثر مراحل المعركة حساسية".

ويقول "كل حرب لها أهداف معلنة، وأخرى غير معلنة، وقائد المعركة هو من يحدّد طريقة الحرب، والقوات البرّية تشكّل جزءاً من الحملة العسكرية". ويوضح أنّ "الخطة المعلنة حالياً هي قصف جميع الأهداف والأسلحة الثقيلة والمضادات التي تعطي للمتمرّدين الحوثيين الأفضلية على القوات الموالية للشرعية". ويضيف "هناك مجموعة من القوّات الموالية قادرة على السيطرة على الأرض، فالشعب اليمني مسلح بالكامل، وأي شخص في اليمن هو جندي، ولكن سيطرة الحوثيين على مفاصل كثيرة من الجيش النظامي بمساعدة من الرئيس المعزول علي عبدالله صالح وقواته، تجعل ميزان القوى في غير صالح الرئيس هادي، وبالتالي ما يساعد قوات التحالف الآن هو ما يسمى باللجان الشرعية والألوية المساندة للشرعية".
 
الوقت لم يحن بعد

لم تكمل العمليات العسكرية يومها العاشر بعد، ولم تحقق أهدافها المعلنة؛ فقدرات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المعزول لم تدمر بالكامل بعد، بالتالي فإنّ أيّ حديث عن تدخل برّي لا يزال مبكراً.
وفي هذا الإطار، يؤكّد العمري أنّه في "حرب تحرير الكويت كان التدخل ضرورياً، ومع ذلك لم يتم إلا بعد ستة أسابيع من القصف المستمر". ويضيف أنّ "هناك فوارق كبيرة بين حرب الخليج الأولى وتحرير الكويت وعاصفة الحزم، ففي الأولى كان التدخل البري حتمياً لإخراج القوات العراقية من أراضي الكويت"، فيما يختلف الوضع في الحرب الحالية، إذ لا يوجد حالياً قوات غازية، إضافة إلى أنّ "السعودية لا تريد احتلال اليمن".

ويشدّد المحلل العسكري على أنّ التدخل البرّي سيكون ضرورياً عندما يرى قادة المعركة أنّه لا مفرّ من التدخل لحسم المعارك الميدانية، وفي مقدّمة هذه الضرورات فشل اليمنيين في الداخل  بتحقيق تقدّم. ويتابع أنّ "التدخل البري يتم في حالة عدم استكمال أهداف الحملة".

وفي السياق نفسه، يؤكد الخبير الاستراتيجي هاني الشحيتان، أنه لا داعي لأي تحرك بري يأتي من الخارج، ويضيف في حديث إلى "العربي الجديد": "أعتقد أننا لا نحتاج للتدخل البري في حربنا ضدّ مختطفي الشرعية"، مبيناً أن "هناك حلولاً كثيرة قد يتم فعلها قبل التدخل البري، مثل إعادة تنظيم الجيش اليمني الشرعي وتسليحه، ودفع القبائل لمساندة الجيش في تضييق الخناق ضدّ قوات صالح والحوثيين".

ويشدّد على أنّ "قيادة قوات التحالف تعرف ما يجب عليها فعله، وتحقق تقدماً كل يوم. وأعتقد أن تصريح الفيصل كان واضحاً باستبعاد التدخل البري في الوقت الراهن، لكن مفاجآت المعركة وتسارع الأحداث قد تدفع نحو العمليات البرية النوعية من قبل قوات خاصة، مما يحسم المعركة بشكل نهائي لصالحنا".
 
السيناريو الأفضل

وبما أنّ المُعلن أنّ لا نية لأي تدخل بري في الوقت الحالي، لم تستدع السعودية كامل قواتها المسلحة، على الرغم من أنّها تجري تدريبات على الاقتحام البري. لكن مع ذلك، يبقى السيناريو الأفضل الذي يرجّحه العمري، في حال تم اللجوء إلى خيار التدخل البرّي، هو الاعتماد على القوات اليمنية الموالية للشرعية على الأرض وليس الاعتماد على "اللجان الشعبية" "لكي لا نكرر سيناريو أفغانستان"، على حدّ قوله. ويشدد على أنّ "أي اعتماد يجب أن يكون على الموالين من الجيش النظامي". ويضيف أنّ "الحرب البرية تأتي بعدد من الأشكال، فقد تأتي بإنزال مظلي لمواقع صغيرة ومحدّدة وحساسة لحمايتها، وقد تأتي عن طريق السيطرة على أماكن معينة وإغلاقها وعزلها عن بقية المناطق".
وبطبيعة الحال، إن تم اللجوء إلى هذا الخيار، فإنّه يترافق مع استمرار الضربات الجوية والحصار البري، والحرص على تأمين الحدود السعودية.

المساهمون