باريس تجمع رؤساء العالم رفضاً للإرهاب

باريس تجمع رؤساء العالم رفضاً للإرهاب

12 يناير 2015
التظاهرات في فرنسا وصفت بغير المسبوقة (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت شوارع العاصمة الفرنسيّة، أمس الأحد، تظاهرة مليونيّة، شعبيّة ورسميّة غير مسبوقة، وُصفت بـ "التاريخية"، رداً على الهجمات الإرهابيّة التي تعرّضت لها باريس الأسبوع الماضي، وأودت بحياة 17 قتيلاً، إذ شارك فيها قرابة المليون ونصف مليون متظاهر. وتزامنت المسيرة المركزية في باريس مع خروج تظاهرات مماثلة عمّت مختلف المدن الفرنسية، وشارك فيها أكثر من مليون فرنسي وفق تقديرات وسائل الإعلام الفرنسية. كما احتشد نحو عشرين ألف بلجيكي في مدينة بروكسل، أمس الأحد، رافعين شعار "معاً ضد الكراهية"، ولافتات كتبوا عليها: "أنا شارلي"، وتقدّمتهم لافتة كبرى باللغة الإنكليزية مذيلة بشعار "حريّة التعبير".
وعكست المسيرات موقفاً دولياً جامعاً، في مواجهة الاعتداءات في ظلّ ارتفاع منسوب القلق من هجمات مماثلة في عدد من الدول.

وانضم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الذي اعتبر أن "باريس هي عاصمة العالم اليوم"، إلى المسيرة المركزية برفقة نحو خمسين من قادة الدول الأجانب والعرب، أبرزهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذين تقدموا بصفوف متراصة، ممسكين بأيدي بعضهم بعضا.
وحرص هولاند على إشراك عدد من رؤساء الجمهورية الفرنسيين السابقين، ومن بينهم نيكولا ساركوزي، وكذلك رؤساء الحكومات السابقون، في رسالة ترمي إلى إظهار روح الوحدة الوطنية، في حين شاركت معظم الأحزاب الفرنسية في المسيرة، باستثناء زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" مارين لوبان، التي جرى استبعادها على ضوء تصريحاتها الأخيرة، والتي دعت فيها إلى تعليق العمل باتفاقية "شينغن"، وسحب الجنسيّة من المتورطين بالإرهاب.

ومضت المسيرة المركزية صامتة، تعبيراً عن التضامن مع الفرنسيين وأسر الضحايا، بعد صدمة عارمة خلّفتها الاعتداءات، وهي تُعدّ الأسوأ التي ينفّذها متشددون في مدينة أوروبية منذ تسع سنوات، وكشفت هشاشة القوى الأمنيّة الفرنسيّة وسوء التقدير الأوروبي والغربي لحجم الضرر الذي بإمكان المتشددين إلحاقه.

وعلى صعيد التحقيقات، لم يتوقف الإعلام الفرنسي عن الإشارة إلى الفجوات الأمنيّة وضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية على الصعيد الوطني والأوروبي والدولي. وشكّلت هذه المواضيع محور لقاءات واجتماعات عدّة عُقدت أمس في باريس، حيث انصبّ اهتمام وزراء الداخلية الأوروبيون على دراسة السبل الكفيلة بتعزيز التعاون وحشد المزيد من الإجراءات الأمنيّة لمحاربة الإرهاب.

وفي سياق متّصل، قال وزير العدل الأميركي إريك هولدر، أمس الأحد، إن واشنطن ستستضيف قمة في 18 فبراير/شباط المقبل للبحث في سبل "محاربة التطرف في العالم وسترمي إلى توحيد إمكاناتنا". كما أشار إلى أنه "في هذه المرحلة ليست لدينا أية معلومات موثوقة تسمح لنا بأن نحدد من هي المنظمة المسؤولة عن هجمات باريس"، فيما دعا وزير الداخلية البلجيكي، جان جانبون، إلى وضع "لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب، الذين ينضمون إلى تنظيمات إسلامية متطرفة.
كما تخلل اليوم الفرنسي الطويل، أمس الأحد، سلسلة محطات تصدّرت الساحة السياسية والإعلاميّة، وكان لها وقعها الخاص على الجمهور، أبرزها شهادة عائلة الشرطي أحمد مرابط، الذي قتله مهاجمو صحيفة "شارلي إيبدو"، يوم الأربعاء الماضي، قبل تنفيذ اعتدائهم.

وتعمّد شقيق أحمد، مالك، الذي عرضت وسائل الإعلام شهادته، توجيه عدد من الرسائل، فأكّد أن شقيقه "أحمد كان فخورا جداً باسمه وبجذوره، وبأنّه يمثّل الشرطة الفرنسيّة، ويدافع عن قيم الجمهوريّة". ولم يغفل التحذير من "مخاطر خلط الإسلام بالإرهاب، ونشر الحروب وحرق المساجد والكنائس اليهوديّة".

كما عرضت وسائل الإعلام شهادة شاب مسلم، كان يعمل في "محلٍّ تعرّض للهجوم في باريس، وتمكّن من إنقاذ عدد من الرهائن. وفي السياق ذاته، بثت وسائل الإعلام الفرنسيّة شهادات فرنسيين مسلمين، ركّزوا فيها على "ضرورة رصّ الصفوف في هذه اللحظة الحرجة". وقال عدد منهم إنهم "أمام هذا الظرف يشعرون أنهم مواطنون فرنسيون، وأنّ الظرف يقتضي التمسّك بالوحدة الوطنية، مهما كانت الخلافات والانتماءات الدينيّة".