قطر ومصر: الثابت والمتحوّل من الثورة إلى المبادرة السعودية

قطر ومصر: الثابت والمتحوّل من الثورة إلى المبادرة السعودية

22 ديسمبر 2014
الشيخ حمد أول مسؤول عربي يزور القاهرة بعدالثورة(فرانس برس)
+ الخط -

يُعد لقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أول من أمس السبت، موفداً من أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع تأكيد الدوحة حرصها على توطيد علاقاتها مع مصر، واستجابتها لمبادرة العاهل السعودي، عبدالله بن عبد العزيز، بهذا الشأن، الحلقة الأحدث في العلاقات، الحسنة ثم الصعبة، بين البلدين، منذ أعربت قطر في 12 فبراير/شباط 2012، بعد يوم من إعلان الرئيس المخلوع حسني مبارك تنحيه عن السلطة، عن احترامها إرادة الشعب المصري وخياراته، واعتبارها، حسب بيان للديوان الأميري، في حينه، "أن نقل السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى يشكل خطوة إيجابية مهمة، على طريق تحقيق تطلعات الشعب المصري في الديمقراطية والإصلاح والحياة الكريمة".

وكان أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أول زعيم عربي يزور القاهرة بعد ثورة يناير، وذلك يوم 4 مايو/أيار 2011، حيث التقى رئيس المجلس العسكري، الحاكم وقتها، المشير حسين طنطاوي، كما زار الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكان ولياً للعهد، القاهرة، في الأول من يوليو/تموز2011، والتقى طنطاوي. ووقعت الحكومة القطرية، عقب الزيارتين، اتفاقيات تعاون ودعم مع حكومة عصام شرف الذي كان أول رئيس وزارة بعد ثورة 25 يناير 2011، وتم الالتزام بهذه الاتفاقيات، وتنفيذها كاملة، كما تم تنفيذ اتفاقية دعم مصر بالغاز، والتي وقعت في عام حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، حيث تبرعت قطر، لمصر بخمس شحنات من الغاز عام 2013، لحل أزمة الوقود، وأوصلتها كاملة، وكانت آخر شحنة، وهي الخامسة، يتم توصيلها إلى مصر في سبتمبر/أيلول 2013، أي بعد إطاحة مرسي، وفي أثناء ولاية الرئيس المؤقت، عدلي منصور.

ووفق البنك المركزي المصري، بلغ حجم الاستثمارات القطرية التي دخلت مصر، في الربع الثالث من عام 2011/2012 نحو 9.8 مليون دولار، ليصل حجم الاستثمارات القطرية في مصر إلى 572 مليون دولار، تضخ من خلال 155 شركة قطرية.

وقدمت قطر قروضاً ومنحاً بقيمة خمسة مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري، منها مليار دولار منحة و1.5 مليار وديعة و2.5 مليار لشراء سندات، وقد تلقى البنك المركزي المصري كل المساعدات القطرية. ووعدت الدوحة بأن تشارك الشركات المصرية في أعمال الإنشاءات والتجهيزات والإعداد لكأس العالم الذي تستضيفه قطر في العام 2022. وفي مايو/أيار من عام 2012، أقرضت قطر مصر ثلاثة مليارات دولار أخرى، وأعلنت عن استعدادها لتقديم مساعدات أخرى، بقيمة ثلاثة مليار دولار.

وبعد إزاحة مرسي، وتصدر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي المشهد المصري، أصدرت قطر في الرابع من يوليو/ تموز 2013، بياناً قالت فيه "إنها تشيد بدور القوات المسلحة في دعم خيارات الشعب المصري، وستبقى، دوماً، سنداً للمصريين، وتحترم إرادتهم". وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية إن دولة قطر ستظل سنداً وداعماً لجمهورية مصر العربية الشقيقة، لتبقى قائداً ورائداً في العالم العربي والإسلامي. وأكد المصدر، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، أن سياسة دولة قطر كانت دائماً مع إرادة الشعب المصري الشقيق، وخياراته، بما يحقق تطلعاته نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقد تجلى ذلك واضحاً في موقفها في ثورة 25 يناير 2011، ودعم مصر في المراحل الصعبة التي تلتها.

وبعث أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في اليوم نفسه، برقية تهنئة للمستشار عدلي منصور بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للفترة الانتقالية في مصر.

ودفع وقوع أحداث عنف في مصر عرفت "بأحداث دار الحرس الجمهوري"، بالخارجية القطرية إلى اصدار بيان، دعا إلى "إيجاد حلول سريعة، بعد معالجة أي خلاف بالحوار، حفاظاً على الأمن والاستقرار وحماية المواطنين". وأضافت وزارة الخارجية أن "قطر تدين بشدة مثل هذه الأعمال المؤسفة التي تؤدي إلى إزهاق أرواح الأبرياء وزعزعة الأمن والاستقرار، وترويع الآمنين، وأنه لا يمكن تحديد المسؤولية عن مثل هذه الأعمال، باللجوء إلى إثارة الشائعات والتحريض الإعلامي لتشويه صورة الآخر، كما تدعو إلى حماية المتظاهرين السلميين، وحقهم في التعبير عن آرائهم ومواقفهم".

وفي الرابع والعشرين من يوليو/ تموز 2013، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بياناً اعتبرت فيه "أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق في مصر هو الحل السياسي القائم على الحوار في إطار الوحدة الوطنية"، مشيرة إلى أن "ذلك يتعذر في ظل غياب أحد طرفي الحوار، واستمرار احتجاز رموزه"، وذلك، بعد تطور الأحداث في مصر، لاسيما بعد تزايد عدد الضحايا من المدنيين.

وبعد فضّ الشرطة المصرية الاعتصام في ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، في أغسطس/آب 2013، دعت الدوحة السلطة في مصر إلى الابتعاد عن "الخيار الأمني ضد المحتجين السلميين، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إن "دولة قطر تستنكر بشدة الطريقة التي تم التعامل بها مع المعتصمين السلميين، في ميداني رابعة العدوية والنهضة، والتي أودت بحياة عدد من الأبرياء العزل منهم".

وكان وزير الخارجية القطري، خالد العطية، قد دعا في مؤتمر صحفي مشترك في باريس مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في وقت سابق على تلك الحادثة إلى "ضرورة التوصل إلى حل سريع للأزمة" وإلى "الحوار بين جميع المصريين". وقال "إن قطر تساعد مصر، وليس جماعة الإخوان المسلمين"، و"لم تساعد أبداً طرفاً مصرياً أو حزباً سياسياً مصرياً. والمساعدة كانت دائماً تُقدم إلى مصر". وأفاد العطية بأن "المساعدة القطرية بدأت على الفور بعد الثورة، وهي مستمرة اليوم" مكرراً القول "لا نقدم مساعدة إلى حزب سياسي".

وشهد شهر سبتمبر/ أيلول2014، مصافحة بين أمير قطر والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونسبت وكالة الشرق الأوسط المصرية الرسمية للسيسي قوله "إن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جاء لمصافحته على الغداء الذي أقامه الأمين العام للأمم المتحدة لرؤساء الوفود المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة". وأفاد السيسي، في ختام زيارته نيويورك، إن "هناك جهوداً من أشقاء عرب لتحقيق المصالحة مع قطر".

وكان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد بعث، في الثامن من يونيو/ حزيران، برقية تهنئة إلى السيسي، بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية مصر العربية. وفي مقابلة صحفية مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، أكد أمير دولة قطر أن بلاده دعمت كل الحكومات التي جاءت في مصر، عقب ثورة 25 يناير، وليس حكومة الإخوان المسلمين فقط. وقال إن قطر "دعمت أول حكومة جاءت عقب الثورة، برئاسة الدكتور عصام شرف، في عهد قيادة المجلس العسكري للبلاد، برئاسة المشير حسين طنطاوي، فضلاً عن أن هذا الدعم استمر حتى اليوم ولكل الحكومات، ولم يكن لحكومة الإخوان فقط التي اختارها الشعب المصري". وحول استضافة قطر بعض قيادات الإخوان المسلمين المصريين، قال: "الإخوان كانوا يحكمون مصر بإرادة وبانتخاب من الشعب، وبعد إطاحتهم رأى بعضهم أن حياتهم مهددة، فلجأوا إلى قطر، والتزموا بقوانيننا بعدم ممارسة السياسة ضد أي دولة، ولما رأى بعضهم أنه حان الوقت لممارسة السياسة، قرروا الخروج من قطر إلى مكان آخر".

المساهمون