لماذا أصبح الرئيس اليمني وحيداً "معزولاً" في صنعاء؟

لماذا أصبح الرئيس اليمني وحيداً "معزولاً" في صنعاء؟

20 يناير 2015
بات الرئيس بحكم فاقد السيطرة أو "المعزول" (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

بات الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، في حكم فاقد السيطرة أو "المعزول"، عقب سقوط مجمع الرئاسة اليمنية، اليوم الثلاثاء، في أيدي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وتعرض منزله للقصف من دون إعلان قوات الجيش خارج صنعاء أو القوى السياسية المختلفة دعمها له، فكيف أصبح وحيداً؟

ينحدر هادي من محافظة أبين الجنوبية، وكان يشغل منصب نائب الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، منذ عام 1994، وحتى عام 2011، وأجبرته ثورة التغيير الأخيرة على التنحي ونقل الحكم إلى نائبه أواخر العام نفسه، بموجب اتفاق المبادرة الخليجية، وجرى انتخابه في انتخابات غير تنافسية أقرب إلى استفتاء، في 21 فبراير/شباط 2012، وحصل على ما يزيد عن أصوات ستة ملايين ناخب، إذ كان مدعوماً من كافة القوى السياسية.

بدأت علاقة هادي بالتدهور مع صالح وحزبه "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يشغل منصب النائب الأول فيه، منذ وقت مبكر، على خلفية استحقاقات المرحلة التي كانت تتطلب إقصاء أقارب صالح من الجيش والأمن، وإقالة العديد من المحسوبين عليه، ليحل محلهم من الأحزاب المعارضة التي تسلمت نصف الحكومة ورئاستها وفقاً لاتفاق التسوية.

وكان من المقرر أن تنتهي فترة هادي الانتقالية في 21 فبراير/شباط 2014، إلا أنه رعى "مؤتمر الحوار الوطني" الذي أقر الفيدرالية وحصل هادي بموجبه على التمديد حتى الانتهاء من إعداد الدستور الجديد.

خلال عام 2014، توسعت جماعة "الحوثيون"، من معقلها في صعدة وخاضت حروباً مع القبائل ووحدات عسكرية محسوبة على قوى الثورة التي دعمت هادي، للصعود إلى السلطة، وفي مقدمتها، آل الأحمر وحزب "الإصلاح"، والقائد العسكري علي محسن الأحمر، غير أن هادي تولى تحييد مؤسسة الدولة وترك رقاب حلفائه فريسة لـ"الحوثيين" وصولاً إلى سبتمبر/أيلول الماضي، عندما سقطت صنعاء بأيدي "الحوثيين" وغادر اللواء الأحمر، الذي كان يمثل القوى العسكرية التي انحازت إلى مطلب تغيير صالح ودعمت هادي.

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أيّد هادي عقوبات دولية ضد سلفه صالح، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2140 الصادر تحت الفصل السابع، وفي اليوم التالي لصدور العقوبات أقر حزب صالح فصل هادي من منصبيه في قيادة الحزب، النائب الأول والأمين العام.

وأصدر هادي العديد من القرارات التي مكنت "الحوثيين" من مناصب عليا في الدولة، وخصوصاً في مؤسستي الجيش والأمن، وهو ما فاقم من التدهور في علاقاته مع حزب "التجمع اليمني للإصلاح" (القريب من الإخوان المسلمين)، والذي كان الخصم السياسي للحوثيين في حروبهم التوسعية عام 2014.

تآزرت مختلف التطورات والعوامل، وخصوصاً بعد 21 سبتمبر/أيلول، عندما عجز عن الدفاع عن صنعاء، لتجعل هادي رئيساً فاقداً لأغلب سلطاته، ومتواطئاً بنظر بعض الأطراف مع الميليشيات، الأمر الذي أفقده نوعاً ما ثقة مجلس التعاون الخليجي، كأبرز الأطراف المؤثرة في مسار التسوية، إذ أكدت مصادر دبلوماسية وسياسية لـ"العربي الجديد"، أن الخليج وفي مقدمه السعودية، قطع مساعداته للبلاد بعد 21 سبتمبر/أيلول.

كان هادي يعتمد بشكل أساس، على الدعم الدولي، من سفراء الدول الكبرى، والفصل السابع الذي يلوح من خلاله بالعقوبات على الأطراف المعارضة له، لكن الدعم الدولي لم يستطع الصمود أمام العوامل المحلية المتصاعدة، وشهد الثامن من الشهر الجاري، أول تظاهرة هتف المشاركون فيها بالمطالبة برحيل هادي.

ويعتقد مراقبون أن ما يحصل الآن لهادي، هو نتيجة تخليه عن حلفائه، واعتماده التام على الدعم الدولي وتسليمه صنعاء للميليشيات، وتداخل سلطاتها مع سلطات الدولة، الأمر الذي أغراها بإكمال السيطرة على السلطة، وبدرجة ثانية نتيجة لدعم حزب صالح بصورة غير مباشرة لإسقاطه.

وتتردد تسريبات بأن حزب "الإصلاح" أبدى استعداده لتأييد خطوات تطيح بهادي، وهو ما انعكس مؤخراً في تظاهرة مناوئة له قادها محسوبون على الحزب وتم تغطيتها بوسائل إعلام تابعة للحزب.

جنوباً، حيث ينتمي هادي، لم يقطع الرئيس خطوات عملية لكسب الشارع في الجنوب، كما كانت خطواته لاستمالة قادة في الحراك الجنوبي تمضي بسرعة السلحفاة.

كل هذه العوامل أدت في النهاية إلى وقوف هادي وحيداً في مواجهة عشرات المسلحين يحاصرون منزله، اليوم الثلاثاء، في صنعاء، دون أن يلمس تعاطفاً شعبياً أو خارجياً يردع محاصريه، حتى الأحزاب السياسية على اختلافها، التزمت الصمت تجاه محاصرة منزل هادي بعد سقوط دار الرئاسة بيد مسلحي الحوثي وموالين للرئيس السابق.