هجوم الغردقة: تشكيك في الروايات المصرية الأمنية المتناقضة

هجوم الغردقة: تشكيك في الروايات المصرية الأمنية المتناقضة

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
10 يناير 2016
+ الخط -
تفتح الروايات الأمنية الرسمية، حول حادثة فندق مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر (شرق مصر)، المجال للتشكيك في روايات أمنية أخرى حول وقائع سابقة، إذ شابها الكثير من التناقض والغموض، قبل أن ترمم بنفي ونفي مضاد، ثم جاءت الدلائل والصور لتزرع الشكوك. 

لا يمكن للمراقبين إلا متابعة الروايات الأمنية سواء الرسمية أو تلك التي تصدر من مصادر مجهولة، بما أن قانون الإرهاب الذي أقرّه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يحظر نشر بيانات بخلاف ما تعلنه أجهزة الدولة.

وفي حوادث سابقة، أعلنت وزارة الداخلية عن قتل عدد كبير من المعارضين للنظام الحالي، داخل عقارات أو في مناطق نائية، بزعم أنهم "عناصر إرهابية"، ويحملون السلاح وأطلقوا الأعيرة النارية تجاه قوات الأمن خلال عملية ضبطهم.

وبشكل مفاجئ، انتشرت أخبار عن مهاجمة مجهولين لفندق سياحي في مدينة الغردقة، مساء الجمعة الماضي، وجاءت الروايات باعتباره حادثاً إرهابياً. لم تلبث أن انتشرت بعدها مباشرة الرواية الأمنية، ومفادها بأن قوات الأمن تمكنت من التصدي للهجوم المسلح، وقتل أحد المهاجمين. وقالت الرواية إنه تم تفكيك حزام ناسف عن أحد المهاجمين بعد مقتله، وإصابة آخر، خلال ملاحقة المهاجمين عقب عملية الهجوم. وأضافت أن المهاجمين وصلوا الفندق عن طريق البحر، ويحمل أحدهما علم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

واستمر تدفق الأخبار تماشياً مع الرواية الأمنية، والتي لم تلبث أن ضربها التناقض من خلال بيانات وزارة الصحة المصرية، والتي أعلنت أن جميع الإصابات في محيط واقعة فندق الغردقة ناتجة عن آلة حادة (سلاح أبيض)، وتحديداً في إصابات السياح، بينما أصيب شخصان بطلقات نارية، أحدهما توفي، والآخر مصاب.

وفي الساعات الأولى من صباح أمس، انتشر عدد من الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على أنها خاصة بموقع الهجوم على الفندق. وتعود هذه الصور لشخصين أصيبا برصاصات من قبل قوات الأمن، وهما منفذا الهجوم الإرهابي، بحسب الرواية الأمنية. ويتطابق المشهد تماماً، مع المعلومات التي بثتها وزارة الصحة حول طبيعة الإصابات.

شابان لا يوجد بجوارهما في الصور أية أسلحة آلية أو بيضاء، أو ما يوحي بأنهما كانا يضعان أحزمة ناسفة، ولكن الأدهى أنهما مقيّدان بالأصفاد. وتطرح هذه الصور تساؤلات حول إمكانية وضع أصفاد في يد شخص تلقى رصاصات من قوات الأمن ولقي نحبه، وإن كانت فكرة تبدو منطقية في حالة الشاب المصاب، تحسباً لهروبه.

ولكن الصور أيضاً تظهر أن أحد الشابين تم وضع الأصفاد في يديه من الخلف، وهو ما يعني أنها وضعت فيما كان يتخذ وضع الوقوف، وليس ملقى على الأرض، بعد تلقيه رصاصات من قوات الأمن.

من جهته، نفى مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام والعلاقات العامة، اللواء بكر عبد الكريم، الرواية الأمنية الخاصة بالأسلحة الآلية والأحزمة الناسفة، مؤكداً أنه لا توجد أحزمة والأسلحة المستخدمة فقط آلات حادة ومسدس صوت.

وبغض النظر عن نفي عبد الكريم الرواية الأمنية الأولية للحادث، لكن تساؤلاً يطرح حول كيفية قيام شباب بعمل إرهابي ومهاجمة فندق سياحي في الغردقة، بأسلحة بيضاء ومسدس صوت. مع العلم أنه بات من السهل في مصر الآن الحصول على أسلحة، لتنفيذ عمليات قد تحدث نتائج كبيرة.

إضافة إلى أنه من خلال تفاصيل العملية المروية، يستبعد تورط جماعة جهادية كبيرة أو حتى صغيرة في الهجوم، لناحية أن التخطيط والهجوم لم يكن على مستوى عمليات مماثلة. كما أن إصابة المهاجمين للفندق، جاءت من الخلف، وهو تساؤل آخر، حول إمكانية أن تكون هناك مواجهات بين مسلحين وقوات الأمن، بحيث تأتي الإصابات في الظهر.

وما يزيد من تعقيدات الواقعة، هو تعرف عدد كبير من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على أحد الشباب المتهمين بالتورط في الهجوم على الفندق السياحي، ويدعى "شِيكا".

وبحسب الروايات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن شيكا اختفى من ميدان الجيزة قبل الواقعة بيومين، ثم ظهر في الغردقة مقتولاً. وتشير شهادات أخرى إلى أن الواقعة لا تتعدى كونها مشاجرة بين مجموعة شباب، تطورت إلى أن وصلت إلى مدخل أحد الفنادق، وتم إطلاق النار عليهم، وادعاء أنه هجوم إرهابي.

وفي الإطار، يقول خبير أمني إن الروايات الأمنية دائماً تظل محل شك في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل حالة الخلافات والأزمات التي تشهدها مصر. ويضيف الخبير لـ"العربي الجديد"، أن الجهات الأمنية تتعامل بمبدأ الانتقام والانشغال بالصراع السياسي، وبالتالي عملها لا يمكن الحكم عليه بشكل مهني وموضوعي.

ويشير إلى أن الأمن المصري يريد أن يظهر على أنه قاهر الإرهاب وغيره من المسميات التي تعيد له هيبته في الشارع، ولكن الحقيقة غير ذلك، متسائلاً: "أين المتهمون في قتل النائب العام المصري هشام بركات، وأين منفذو الهجوم على حافلة السياح في الهرم؟ أو من قتل عميداً ومجنداً في المنيب؟".

ويؤكد أن الأمن يعمل وفقاً للأهواء فقط، ولا يتعامل بشكل مهني من خلال اتباع عمليات البحث والتحري والتحقيقات للوصول للجناة. ويرى أن رواية مهاجمة فندق الغردقة عبارة عن صناعة بطولة زائفة، كما أنها تفتح باباً لا يمكن سده عن التشكيك في كل ما يتعلق بعمل الأجهزة. ويحذر من النتائج السلبية لـ "فبركة" الروايات وتزييف الوقائع والحقائق، وهو ما يمثل خطراً أكثر على الأمن القومي المصري، لا سيما في ظل الفشل الأمني الكبير حول التعامل مع الجماعات المسلحة، والانشغال فقط بملاحقة المعارضين للرئيس عبدالفتاح السيسي.

ذات صلة

الصورة
الشابة المصرية علا مصطفى عفيفي واحتجاج في السويس (فيسبوك)

مجتمع

أعلنت منظمات حقوقية أنّ النيابة المصرية قرّرت إخلاء سبيل المواطنة علا مصطفى عفيفي من محافظة السويس، بكفالة مالية، وذلك على خلفية رفعها لافتة كتبت عليها "مصر منورة بأهلها وإسرائيل منورة بغازنا".
الصورة
الناشط المصري أحمد جيكا (فيسبوك)

مجتمع

مرّ اليوم الأربعون على استمرار جهاز الأمن الوطني في محافظة القليوبية المصرية في احتجاز المواطن أحمد حمدي السيد سليمان الشهير بـ"جيكا"، منذ توجّهه إلى المقرّ الأمني في 13 يونيو/ حزيران الماضي من أجل متابعة دورية.
الصورة
القبض على فتاة من السويس رفعت لافتة في الشارع (الشبكة المصرية)

مجتمع

"مصر منورة بأهلها وإسرائيل منورة بغازنا"، لافتة رفعتها فتاة من محافظة السويس، أمس الخميس، في الشارع، كانت سبباً للقبض عليها، حسبما أكد نشطاء ومنظمات مجتمع مدني، من بينهم الشبكة المصرية لحقوق الإنسان. 
الصورة

مجتمع

قالت شرطة ولاية سانتا كاتارينا في جنوب البرازيل ومستشفى إن أربعة أطفال على الأقل قُتلوا وأُصيب أربعة آخرون عندما هاجم رجل يحمل فأساً صغيرة ويبلغ من العمر 25 عاماً دار حضانة في الولاية، اليوم الأربعاء.

المساهمون