90 ألف فلسطيني يقيمون صلاة الجمعة في الأقصى رغم حواجز الاحتلال
مالك نبيل









استمع إلى الملخص
- في الخليل، فرضت سلطات الاحتلال قيوداً غير مسبوقة على الحرم الإبراهيمي، حيث أغلقت منطقة الباب الشرقي ومنعت طواقم الهلال الأحمر والصحافة من الوصول، مما أثار مخاوف من السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
- توافد الفلسطينيون من الضفة والداخل المحتل إلى القدس رغم الطقس البارد والتشديدات الأمنية، مع منع دخول العديد من المصلين وفرض قيود عمرية، وسط دعوات للرباط في الأقصى.
أقام نحو 90 ألف فلسطيني صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك في المسجد الأقصى في القدس المحتلة، رغم القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي لعرقلة الوصول إليه. وقال الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، لوكالة الأناضول، إن "نحو 90 ألف شخص أقاموا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى".
ووجه خطيب المسجد الأقصى محمد سليم محمد علي، في خطبة الجمعة تحيته للمصلين الذين زحفوا إلى المسجد رغم القيود الإسرائيلية، داعياً لشد الرحال إليه. وأقام المصلون في ختام الجمعة صلاة الغائب على أرواح الشهداء الذين سقطوا جراء الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية.
◾صور
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
رحاب الأقصى خلال صلاة الجمعة الأولى من رمضان pic.twitter.com/a6o4wYqdAk
وقال عضو رابطة أمناء المسجد الأقصى فخري أبو دياب لـ"العربي الجديد" إنّ 85% من المصلين هم من سكان القدس و14% من الداخل الفلسطيني والضفة الغربية، بينما 1% فقط جاؤوا من خارج البلاد. وأشار أبو دياب إلى أن "الأجواء لم تخل من القيود والتضييقات الإسرائيلية إذ نشرت سلطات الاحتلال منذ فجر اليوم متاريس شرطية، وحواجز عسكرية ومئات العناصر الشرطية على مختلف مداخل المسجد الأقصى؛ وذلك لمنع المصلّين من الوصول إليه".
ولفت أبو دياب إلى أن تدفق المصلين بأعداد كبيرة حال دون قدرة الاحتلال على تفتيش الجميع أو عرقلة دخولهم "ما أدى إلى إرباك سلطات الاحتلال، خاصة أنها لم تتوقع وصول هذا العدد وسط التضييقات والتهديدات"، مرجعاً ذلك إلى إغلاق المساجد الفرعية في القدس ما دفع آلاف المصلين للتوجه مباشرة إلى المسجد الأقصى. ولفت أبو دياب إلى أن بوابات الأقصى الرئيسية، ومنها باب السلسلة والحديد والغوانمة وحطة والأسباط والملك فيصل والمجلس، تم فتحها بعد الساعة السابعة والنصف صباحاً.
وأكد أبو دياب أن قوات الاحتلال ما زالت منتشرة في محيط المسجد الأقصى وبعض باحاته، إضافة إلى اعتلائها أسطح مداخل أبوابه بحجة مراقبة الوضع الأمني، وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية أطلقت طائرة درون لمراقبة المصلين، وشغّلتها وحدة متخصصة تُعرف بـ"وحدة الدرون"، التي تتولى عمليات المراقبة الجوية عبر الطائرات المسيّرة، خصوصاً عند باب السلسلة حيث تنتشر القوات الخاصة الإسرائيلية. ومنعت سلطات الاحتلال قدوم حافلات نقل المصلين من عدة أحياء مقدسية مثل سلوان والشيخ جراح وواد الجوز، ما اضطر الآلاف إلى السير على الأقدام للوصول إلى المسجد الأقصى، في مشهد يعكس حجم التضييقات المفروضة لمنع وصول المصلين وتقليل أعدادهم داخل الحرم القدسي، وفق أبو دياب.
وكانت الحواجز المحيطة بالقدس المحتلة، وخاصة حاجز قلنديا (شمال)، شهدت توافداً كبيراً للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط أجواء ماطرة وشديدة البرودة. وبدأت أعداد كبيرة من أهالي الضفة الغربية، في ساعات الفجر الأولى من اليوم بالتوافد إلى تلك الحواجز متجهة نحو المسجد الأقصى. ورغم الطقس القاسي، استمر تدفق المصلين نحو الحاجز في ظل تشديدات أمنية مكثفة فرضتها قوات الاحتلال، إذ أقدمت على إرجاع عدد من المصلين، حتى بعض كبار السن، ومنعتهم من دخول القدس بحجة عدم حصولهم على تصاريح الدخول اللازمة.
وشهدت تلك الحواجز مضايقات كبيرة من جنود الاحتلال الذين حاولوا استفزاز الأهالي وعرقلة مرورهم، وسط دعوات فلسطينية متزايدة للزحف إلى الأقصى والرباط في ساحاته، بهدف التصدي لأي محاولات تهويدية من قبل سلطات الاحتلال والجماعات الاستيطانية. ودعا خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، في تصريح صحافي، للرباط في الأقصى اليوم الجمعة، مؤكداً أن الرباط في المسجد "عبادة وواجب ديني، وعلى كل مسلم قادر أن يشد الرحال إليه، نصرةً له وحمايةً لمكانته المباركة".
رغم عراقيل الاحتلال وإرجاع الآلاف.. وصول الفلسطينيين إلى القدس لأداء صلاة الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى. pic.twitter.com/iU15cxoMwu
— فلسطين أون لايـن (@F24online) March 7, 2025
وعرقلت قوات الاحتلال عمل الصحافيين عند حاجز قلنديا، ومنعت بعضهم من تغطية المشهد. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، أنه سيسمح فقط بدخول الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً والنساء فوق 50 عاماً والأطفال دون سن 12 عاماً، كما اشترط الحصول على تصريح أمني مسبق والخضوع لفحص أمني شامل عند المعابر المحددة. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها ستنشر 3000 من عناصرها في مدينة القدس الشرقية الجمعة.
ورغم برودة الطقس، توافد آلاف الفلسطينيين من مناطق مختلفة من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 إلى المسجد الأقصى، بدءاً من ساعات الليل حتى فجر وصباح اليوم. وقال الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى زياد ابحيص في تصريح صحافي: "لأول مرة منذ حرب غزة 2014، فرض الاحتلال بالقوة حظراً على الاعتكاف في المسجد الأقصى ليلة الجمعة الأولى من رمضان، في تصعيد جديد لسيطرته العسكرية على المسجد".
وكان المسجد الأقصى شهد، مساء الخميس، توافدًا كبيرًا للمصلين، حيث أدى نحو 85 ألف شخص صلاتي العشاء والتراويح في رحابه، في مشهد يعكس إصرار الفلسطينيين على الوصول إلى المسجد والتشبث بحقهم في العبادة داخله، رغم سياسات التضييق الإسرائيلية. وشهد الأسبوع الأول من الشهر اقتحامات واسعة للمستوطنين، وصلوات تلمودية وجولات استفزازية.
تضييقات في الحرم الإبراهيمي بالخليل
وفي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، شهد الحرم الإبراهيمي تقييدات غير مسبوقة منذ أكثر من عشر سنوات، إذ لم تفتح سلطات الاحتلال منطقة الباب الشرقي للمسجد الإبراهيمي بما يخالف الاتفاق بفتح جميع باحات الحرم الإبراهيمي عشرة أيام من كل عام، ومن بينها هذا اليوم، الجمعة الأولى في شهر رمضان، ما دفع إدارة المسجد إلى رفض استلام المسجد اليوم على حاله لعدم تكريس واقع جديد والقبول فيه، خشية أن يكون تمهيداً للسيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد، وفق ما قاله مدير الحرم الإبراهيمي معتز أبو سنينة في حديث مع "العربي الجديد".
ولفت أبو سنينة إلى أن الاحتلال ما زال يغلق الحاجزين الواصلين إلى المسجد الأقصى، حاجز أبو الريش وحاجز 160، ما يعني حرمان آلاف المصلين من الوصول إليه، واقتصار طريق البلدة القديمة للمرور إلى المسجد والوصول إليه وسط نشر عشرات الجنود المدججين بالسلاح والمكعبات الإسمنتية، ما حال دون وصول المصلين. وأضاف: "مُنعت طواقم الهلال الأحمر من الوصول إلى المسجد، ومنعت طواقم الصحافة من توثيق الانتهاكات، ومنع عشرات المصلين عبر عرقلة مرورهم من خلال التفتيش والمماطلة".
ورغم القيود الإسرائيلية أدى نحو ثلاثة آلاف مصل الصلاة في الحرم الإبراهيمي، ويعتبر هذا العدد الأقل منذ سنوات طويلة، إذ من المعتاد أن يصلي في المسجد الإبراهيمي ما لا يقل عن عشرة آلاف مصلٍ في أيام الجمعة الرمضانية وفق أبو سنينة، الذي أوضح أنّ "قوات الاحتلال منعت الناس من الدخول إلى المسجد بعد الصلاة، محاولة جعله فارغاً من الزوار والمصلين، في مشهد أثار المخاوف من فرض واقع جديد"، مشيراً إلى أن إدارة المسجد تجري اتصالات مع أعلى مستوى سياسي رسمي في مجلس الوزراء للعمل على عدم تكرار القيود في الجمعة المقبلة، إذ لم يشهد المسجد أي شكل من أشكال التسهيلات المتعارف عليها سنوياً.