الغرب يستدعي دوراً إيرانياً لمحاربة الإرهاب مقابل إغراءات نووية

الغرب يستدعي دوراً إيرانياً لمحاربة الإرهاب مقابل إغراءات نووية

17 يناير 2015
كيري وهولاند في باريس (ثيري شيسنوت/getty)
+ الخط -
تشهد العواصم الغربية جولات مكوكية، ولقاءات مكثفة منذ هجوم "شارلي إيبدو" الفرنسي، بغرض رفع مستوى التعاون إلى أقصاه لمحاربة "الإرهاب"، وتسعى تلك الدول إلى إشراك مختلف الدول، حتى خصومها، عبر تقديم إغراءات لهم، وهو ما ظهر واضحاً من خلال ربط مشكلة إيران النووية بتعاونها في مجال مكافحة الإرهاب.

وجرت في واشنطن وباريس أمس، لقاءات مكثفة ومنفصلة في آن بين المسؤولين الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، في إطار مشاورات أوروبية أميركية، أهم محور معلن في جدول أعمالها هو مناقشة سبل التصدي للإرهاب. أما المحور غير المعلن المرتبط بهذا الملف، فهو مناقشة الدور الإيراني المحتمل في مكافحة الإرهاب، في حال التوصل إلى اتفاق معها حول تجميد مشروعها النووي.

ويبدو أن المخاوف الأوروبية الأميركية المتصاعدة من الخلايا الإرهابية النائمة بعد هجمة باريس كان لها تأثيرات سياسية جانبية لصالح تيار سياسي في واشنطن وبعض العواصم الغربية، يقوده الرئيس الأميركي باراك أوباما. ويسعى هذا التيار إلى احتواء إيران، وإعادة ترتيب الأولويات في المنطقة العربية وما جاورها، بما يكفل توحيد جهود التصدي للإرهاب. إذ أكّدت مصادر أميركية مطلعة، فضلت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، في هذا الإطار، أن أوباما لوّح أمام عدد من أعضاء الكونجرس الأميركي قبيل استقباله رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بأنه سيلجأ إلى الفيتو الرئاسي ضد أي تحرك للكونجرس بفرض عقوبات إضافية على إيران.
وتناولت مباحثات أوباما وكاميرون في البيت الأبيض سبل احتواء إيران، والاستفادة من التناقض السني الشيعي في العالم الإسلامي لصالح الجهود الساعية لصدّ الإرهاب. ويرى أوباما أن الاتفاق مع إيران قد يكون عاملاً مساعداً لكبح جماح الإرهاب، ونجاح التحالف الدولي في القضاء على تنظيم "داعش" في العراق وسورية وفرع تنظيم "القاعدة" في اليمن، من خلال النفوذ الإيراني. وبحسب ما أوردته محطات التلفزة الأميركية والبريطانية، فإن تركيز أوباما على إيران ودورها المحتمل في الحرب التقليدية على الإرهاب قوبل بتركيز بريطاني على مخاطر الإرهاب الإلكتروني والاختراقات، التي قد تتعرّض لها أنظمتها الشبكية من أعداء أكبر من "داعش" و"القاعدة".


وتزامنت المشاورات الأميركية البريطانية في واشنطن مع مشاورات مماثلة أميركية ـ فرنسية أجراها وزير الخارجية الأميركية جون كيري في باريس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس، تناولت هي الأخرى إعادة ترتيب الأولويات التي فرضتها هجمات باريس. وتبادل الجانبان في ختام المباحثات عبارات المجاملة والإعراب عن التاريخ المشترك في مواجهة الإرهاب. وقالت مسؤولة في الخارجية الأميركية، فضلت عدم ذكر اسمها لـ"العربي الجديد"، إنّ زيارة كيري لباريس هي التاسعة عشرة منذ توليه منصبه، ولكنها ذات أهمية خاصة؛ لأنها تأتي بعد هجمات باريس التي أكدت للجميع أن الإرهاب لا يزال الخطر المشترك الماثل أمام أوروبا وأميركا.
وأضافت أن هذه الهجمات أدت إلى الكشف عن أعداد متزايدة من الخلايا النائمة وعن أفراد لديهم الاستعداد لتنفيذ هجمات مماثلة لما وقع في باريس في جميع المدن الغربية.

ونفت المسؤولة أن يكون الهدف من زيارة كيري إلى فرنسا تلافي خطأ الغياب الأميركي عن مسيرة باريس ضدّ الإرهاب، مؤكّدةً أن الهدف الأساسي من وجود كيري في باريس هو "التشاور حول مواجهة مخاطر الإرهاب في المرحلة المقبلة، للاستفادة من دروس الهجوم على صحيفة (شارلي إيبدو)، والتعبير عن تعاطف الشعب الأميركي مع الشعب الفرنسي".

ومثلما كان الحال عليه في المشاورات الأميركية البريطانية في واشنطن، لم يغب الملف الإيراني عن المشاورات الأميركية الفرنسية في باريس، حيث جرى لقاء بين كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ما يؤكّد التكهنات بخصوص ربط الملف النووي بالتعاون الإيراني. وأجرى المسؤولون الفرنسيون من جانبهم مباحثات منفصلة مع الوزير الإيراني، وسط آمال واسعة بالتوصل إلى اتفاق نووي، لأن ذلك هو المدخل الوحيد للاستفادة من النفوذ الإيراني في المنطقة لمكافحة الإرهاب.
وحمل كيري إكليل زهور إلى ضحايا الهجوم في فرنسا، وقال بعد لقائه هولاند "كل التعازي القلبية من الشعب الأميركي، وأعرف أنك تعرف أننا نتشارك الألم والرعب من كل ما مررتم به".

بدوره، وصف هولاند الهجمات بأنها "11-9 الفرنسية"، في إشارة إلى الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة عام 2001، وقال "نحتاج إلى التوصل إلى الردود المناسبة، وهذا هو الغرض من وراء اجتماعنا هنا اليوم، بخلاف الصداقة".
وفي خطاب ألقاه أمام السلك الدبلوماسي (فرنسيون وسفراء أجانب) في قصر الإليزيه، دعا هولاند إلى ردّ "جماعي" و"حازم" في مواجهة الإرهاب "الذي نحاربه".
وعقب على الهجوم الذي استهدف مجلة "شارلي إيبدو" بالقول إنّ "المجرمين ارتكبوا جريمتهم باسم أيديولوجية همجية، أيديولوجية (داعش) و(القاعدة)، أيديولوجية الكراهية".