رحيل بولتون يتصدّر الصحف الأميركية: تسريبات فجّرت علاقته بترامب

رحيل بولتون يتصدّر الصحف الأميركية: تسريبات فجّرت علاقته مع ترامب

11 سبتمبر 2019
بولتون متهم بتسريب معلومات إلى وسائل الإعلام(برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
أخذت قضيّة مغادرة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون منصبه، أمس الثلاثاء، عقب تغريدة أعلن فيها الرئيس دونالد ترامب أنه أبلغه بألا حاجة لخدماته في البيت الأبيض، حيزاً واسعاً من اهتمام الصحف الأميركية، التي تحدّثت، اليوم الأربعاء، عن علاقة شابها الكثير من الاختلاف بين الرجلَين حول عدد من القضايا، وعلى رأسها ملفّا إيران وكوريا الشمالية.

وقال ترامب على "تويتر": "أبلغت جون بولتون الليلة الماضية بأنه لم تعد ثمة حاجة لخدماته في البيت الأبيض. اختلفت بشدة مع الكثير من اقتراحاته مثل آخرين في الإدارة"، مضيفاً: "طلبت منه تقديم استقالته، التي أعطيت لي هذا الصباح (الثلاثاء). أشكر جون كثيراً على عمله، وسأسمّي مستشاراً جديداً للأمن القومي الأسبوع المقبل".

في المقابل، كذّب بولتون ما ورد على لسان الرئيس الأميركي، مؤكداً خلال تغريدة له على "تويتر" أنه عرض الاستقالة الليلة الماضية (الإثنين)، فأشار ترامب إلى تأجيل الموضوع إلى اليوم (الثلاثاء).

وتصدّر موضوع استقالة بولتون عناوين الصحف الأميركية، إذ قرأت كلّ واحدة منها أسباب الاستقالة، وتفجّر العلاقة بين الرجلين، فضلاً عن شكل السياسة الأميركية الخارجية بعد رحيل بولتون.

"واشنطن بوست": قضية أفغانستان نقطة تحوّل

ذكرت "واشنطن بوست" أنّ ترامب وبولتون لم يتفقا على عدد من القضايا، خلال 17 شهراً وصفتها بالمضطربة، بدءاً من كوريا الشمالية، مروراً بفنزويلا، ووصولاً إلى إيران. ولفتت إلى أن ترامب قرّر، أمس الثلاثاء، إطاحة مساعده الأمني الكبير بعد مناقشة ساخنة في البيت الأبيض، تلت اتهامات من قبل مسؤولين آخرين في الإدارة بأنّ بولتون سرّب معلومات إلى وسائل الإعلام، محاولاً جرّ آخرين إلى معاركه مع وزير الخارجية مايك بومبيو بشأن أفغانستان، وسوّق وجهات نظره الخاصة، عوضاً عن وجهات نظر الرئيس، وفقاً لأشخاص على اطلاع بالأمر.

وتتابع الصحيفة، مشيرة إلى أنّ ترامب طلب من بولتون مقابلته بعد ظهر الإثنين، في وقت كان يتحضّر فيه للمغادرة في تلك الليلة للمشاركة في حملة انتخابية في ولاية كارولينا الشمالية.

ولفتت إلى أنّ البعض في الإدارة اعتبر بولتون مصدراً لتقرير إعلامي يفيد بأنّه ونائب الرئيس مايك بنس حليفان في معارضة اتفاق سلام مع "طالبان"، والذي فاوضت عليه وزارة الخارجية.

وأضافت أنّه قبل الاجتماع بفترة وجيزة، غرّد ترامب قائلاً إنّ هذه "أخبار مزيفة" تهدف إلى إظهار اضطراب في البيت الأبيض، والذي لا يوجد منه شيء وفي حين نفى بولتون الاتهامات، إلا أنّه تبيّن أنّ قضية أفغانستان كانت نقطة تحوّل.


"وول ستريت جورنال": رحيل بولتون قد يمهّد للقاء ترامب - روحاني

في قراءة لتداعيات خروج بولتون من البيت الأبيض، رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" أنّ الرئيس ترامب أعاد كتابة قواعد اللعبة للسياسة الخارجية الأميركية، مع استعداده لمقابلة أي شخص والذهاب إلى أي مكان من أجل الحصول على اتفاق. وقالت إنّه مع رحيل بولتون، يكون ترامب قد أزال أحد آخر الأصوات المعارضة لدوافعه وغرائزه.


ورأت أنّ خروج بولتون قد يزيل العائق أمام عقد اجتماع في الأمم المتحدة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في وقت لاحق هذا الشهر، أو إجراء محادثات مع أعضاء "حركة طالبان" الأفغانية.

وذكّرت الصحيفة الأميركية بأنّ ترامب يفضّل الحوار على الصراع، وقد واجه انتقادات بعدما هرع لمفاوضات دولية من دون تحضير دقيق. وإذ لفتت إلى أنّ مغادرة بولتون تفتح الباب لإجراء محادثات مع إيران، أشارت إلى أنّها قد تقلق حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيّين في الشرق الأوسط، بما فيها دول الخليج وإسرائيل، التي اعتقدت أنّ عهد (الرئيس السابق باراك) أوباما لتوفيق أكبر مع إيران قد انتهى، وفق ما قالته دانييل بليتكا من المعهد الأميركي للمشاريع. وعن مغادرة بولتون، قالت: "الخلاصة هي أنها تعني عدم اليقين. وعدم اليقين في السياسة الخارجية، كما هو الحال في الاقتصاد، ليس بالأمر الجيّد".

ولفتت إلى أنّه برحيل بولتون، تخسر الإدارة الأميركية أيضاً واحداً من أكثر صانعي السياسة خبرة.


"نيويورك تايمز": خلافات حول مواجهة تحديات السياسة الخارجية

ذكّرت "نيويورك تايمز" بدورها بأنّ الرجلين، ترامب وبولتون، كانا على خلاف دائم بشأن كيفية مواجهة تحديات السياسة الخارجية الكبرى. فبولتون، أحد صقور الأمن القومي منذ فترة طويلة، كما وصفته الصحيفة، كانت لديه بعض الآراء التي تتناقض مع ترامب، حيث كان يؤيد العقوبات والعمل العسكري الاستباقي ضد بعض الدول، حتّى أثناء متابعة الرئيس للدبلوماسيّة.
وأشارت الصحيفة إلى خمس قضايا كانت لدى الرجلين وجهات نظر مختلفة بشأنها، وهي: أفغانستان، كوريا الشمالية، إيران، فنزويلا وروسيا.

أفغانستان: لفتت "نيويورك تايمز" إلى أنّ بولتون كان في مقدمة رافضي التفاوض حول خطة سلام مع "طالبان"، معتبراً أنّه بإمكان بلاده سحب بعض القوات الأميركية من أفغانستان، بما يفي بوعود حملة ترامب الرئاسية، من دون إبرام اتفاق مع أعضاء جماعة إرهابية. وألقى مساعدون مؤيدون للتفاوض مع الحركة باللوم على بولتون بعد تسريبات عن معارضته خطة السلام.

كوريا الشمالية: يرى ترامب في ذوبان التوترات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أحد أهم إنجازاته في السياسة الخارجية، وفق الصحيفة. وفي حين قلّل من أهمية تجارب الأسلحة التي أجرتها كوريا الشمالية في مايو/ أيار، مؤكداً أنّها لم تخفّف من تفاؤله بإمكانية مواصلة المفاوضات بين البلدين، إلا أنّ بولتون أعلن أنّها تنتهك قرارات مجلس الأمن.

ويرى مستشار الأمن القومي الأميركي المستقيل أنّ على كوريا الشمالية تفكيك برنامجها النووي بالكامل، قبل الحصول على أية مكافأة، في وقت ينفتح آخرون على التفكير في عملية تعتمد على خطوة تلو الأخرى، بمن فيهم الرئيس ترامب.

إيران: دفع بولتون منذ فترة طويلة نحو تغيير النظام في إيران، وقبل فترة طويلة من عمله مستشاراً لترامب للأمن القومي، كان قد دافع عن القيام بعمل عسكري ضد إيران. في المقابل، ركّز ترامب في الفترة الأخيرة على النهج الدبلوماسي تجاه طهران، قائلاً إنّه مستعدّ للقاء روحاني في الظروف المناسبة.

وتقول الصحيفة إنّ ترامب وبولتون اتفقا على قرار سياسي رئيسي واحد، وهو انسحاب الولايات المتحدة في مايو/ أيار 2018 من الاتفاق النووي الذي وُقع في عهد أوباما. وذكّرت أنه في يونيو/ حزيران من هذا العام، رفض ترامب خطة مستشاريه، بقيادة بولتون، للانتقام بتنفيذ عمل عسكري بعد إسقاط إيران طائرة استطلاع أميركية، معتبراً الهجوم غير متناسب.

فنزويلا: شعر ترامب بأنّ الجهود المبذولة لطرد الرئيس نيكولاس مادورو لم تحقّق نتائج فورية، بعد إعلان بلاده وحلفائها أنّ حكومة مادورو غير شرعيّة. وعلمت الولايات المتحدة أنّ نفوذها في المنطقة أقلّ ممّا كان متوقعاً، تاركاً المعارضة المدعومة من البيت الأبيض في مأزق مع حكومة مادورو لأشهر عدّة. وفي وقت تساءل ترامب عن استراتيجية إدارته هناك، واصل بولتون الدفع باتجاه المزيد من الضغوط الأميركية، وقال في أغسطس/ آب: "الآن هو وقت العمل".

روسيا: أكد بولتون في الآونة الأخيرة للأوكرانيين أنهم سيحصلون على الدعم في نزاعهم مع الانفصاليين الروس، لكنّ البيت الأبيض لم يفعل الكثير لإظهار أنّه يدعم هذا الوعد. في المقابل، أخبر ترامب مساعديه سراً أنّه يعتبر أنّ لدى أوكرانيا حكومة فاسدة.

كذلك، فقد واجه بولتون روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات، وهو موضوع حساس بالنسبة لترامب، الذي يرى أنّ مناقشته تقوض شرعيته.