ليبيا: محاولات مستمرة لاستجلاب تدخل عسكري

ليبيا: محاولات مستمرة لاستجلاب تدخل عسكري

08 فبراير 2015
قوات حفتر لم تستطع القضاء على معارضيها (فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال مساعي بعض المسؤولين الليبيين، الذين يدورون في فلك مجلس النواب المنحل و"عملية الكرامة" التي يقودها اللواء خليفة حفتر، مستمرة لاستجرار تدخل عسكري غربي في ليبيا بداعي محاربة الجماعات الإرهابية.

وتدخل في هذا الإطار زيارة السفير الليبي لدى دولة الإمارات، عارف علي النايض، الأسبوع الماضي إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي التقى خلالها مسؤولين أمنيين في الإدارة الأميركية، بحسب موقع صحيفة "واشنطن تايمز"، التي أجرت مع السفير الليبي لقاء صحافياً.

وأبدى النايض استغرابه من تقليل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وأجهزة الاستخبارات الأميركية أهمية توسّع نشاط فرع ليبيا من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وألقى باللائمة على الولايات المتحدة لأنها تركت ليبيا بعد الهجوم على قنصليتها في سبتمبر/أيلول 2012 الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين.

وأشار النايض إلى من وصفهم بـ"المعتدلين" في حكومة عبدالله الثني الذين يكافحون انتشار الإرهاب في ليبيا، كما قال، والذي "أصبح يهدد جيران ليبيا الإقليميين، والأوروبيين على حد سواء"، مؤكداً أن "الفصائل الإسلامية الأخرى في ليبيا، التي تسيطر على العديد من المطارات، تُسهّل تدفق المقاتلين بين طرابلس وتركيا، ومن هناك، يمكن للمقاتلين التحرك بسهولة داخل وخارج سورية، على الرغم من المطالبات الدولية لتركيا بأن تتخذ إجراءات صارمة ضد مثل هذا النشاط".

وبحسب مقربين من الخارجية الليبية، فإن النايض من المؤيدين للتدخل العسكري في ليبيا، بهدف إقصاء المعارضين لـ"عملية الكرامة".

وجاء تكليف النايض كسفير في الإمارات عن طريق رئيس المكتب التنفيذي إبان اندلاع ثورة فبراير/شباط عام 2011، والذي كان يترأسه محمود جبريل، الذي تربطه صلة قرابة بالنايض.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها مسؤولون ليبيون إقناع الولايات المتحدة الأميركية بتحويل دفة حرب التحالف الدولي على تنظيم "داعش" إلى ليبيا، إذ قُدّمت طلبات رسمية من قِبل ممثلي ليبيا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، وحاول مجلس النواب المنحل وحكومة الأزمة المنبثقة منه عبر الاتصالات الدبلوماسية المكثّفة صناعة تحالف عربي أو أفريقي أو أوروبي أميركي للحصول على قرار دولي بالتدخل العسكري لترجيح كفة المؤيدون للمؤتمر الوطني العام الليبي، وخصوصاً قوات "فجر ليبيا" في مناطق غرب ليبيا، وتوجيه ضربات جوية خاطفة لقوات "مجلس شورى ثوار بنغازي".

وتستغل هذه الاتصالات الدبلوماسية قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا رقم 2161، الذي أدرج تنظيم "أنصار الشريعة" على القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية بسبب ارتباطه بتنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية"، وذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

وعلى الرغم من نجاح بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة برناردينو ليون في جمع الأطراف الليبية حول حوار مُزمع عقده داخل ليبيا، بعد جولتين من الحوار في مقر الأمم المتحدة في جنيف يناير/كانون الثاني الماضي، فإن أطرافاً من مجلس النواب الليبي وحكومة الأزمة و"عملية الكرامة" ومن يدور في فلكهم من سفراء ومسؤولين كبار، يسعون بحسب مراقبين إلى إفشال الحوار عبر تدخّل دولي يكسر موازين القوى، بعدما أظهرت أكثر من ستة أشهر من الحرب عدم صحة كلام حفتر بالقضاء على معارضيه.

ولم تنجح الولايات المتحدة حتى الآن في نقل مقر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" المسؤولة عن العمليات العسكرية الأميركية وعن العلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية في القارة السمراء، بسبب التعنّت الجزائري الذي يخشى من مخاطر التدخل الأميركي في المنطقة بذريعة الإرهاب.

وليست فقط الممانعة الجزائرية للتدخل الأميركي أو الغربي هي السبب الوحيد في تأخّر هذا التدخل، بل ثمة عوامل أخرى بحسب مراقبين، ليس من ضمنها فقط التركيز على توجيه ضربات جوية لتنظيم "داعش" في سورية والعراق، ولا رغبة الرئيس الاميركي، ولا المصالح الأميركية المحدودة في ليبيا، بل تتعلق بما صرّح به أوباما في مقابلة له مع قناة "سي أن أن" الأسبوع الماضي من أنه يريد الحفاظ على قيود صارمة في مكافحة الإرهاب، وقال إنه لا يمكن للولايات المتحدة إرسال جيوشها لمحاربة كل جماعة إرهابية، وإن على الأميركيين ألا يبالغوا في تقدير التهديد الذي تمثله هذه الجماعات.

ويرى المتابعون للشأن الليبي أن الإدارة الأميركية مرهقة اقتصادياً وغير قادرة على مد أذرعها العسكرية في كل مكان في العالم، كما أن حسابات التنافس السياسي بين الحزبين المتنافسين على الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية تطغى على اتخاذ مثل هذه القرارات، إضافة إلى ما سبق وأكده مسؤول في الخارجية الأميركية من أنه ليس للولايات المتحدة خطة واضحة تتعلق بليبيا.

المساهمون