نهاية مفعول فزاعات الثورة السورية

نهاية مفعول فزاعات الثورة السورية

13 ابريل 2019
لم يثنِ التخويف الجزائريين عن الخروج بتظاهرات (فاروق بطيش/الأناضول)
+ الخط -
كان من الواضح أن المسار الدموي والمرعب الذي آلت إليه الثورة السورية نتيجة ميل الإرادة الدولية لعدم السماح بسقوط نظام بشار الأسد، شكّل ذريعة وفزاعة لحكّام معظم الدول العربية التي تستبد بها أنظمة ديكتاتورية، يلوّحون بها بوجه شعوبهم، كي لا تفكر بالخروج في احتجاجات وثورات تطالبهم بالإصلاح أو تسعى لإسقاطهم. واستغل حكّام الدول المهيأة لقيام ثورات، حالة الدمار الكبير في سورية، وبدأوا بتخويف شعوبهم من أن أي حركة تمرد أو ثورة، ستكون نتيجتها الدمار لكل البلد، وأن أي تحرك قد يقومون به يمكن أن يحوّل البلد إلى سورية ثانية، متناسين الظروف التي مرت بها الثورة السورية والتي ساهم نظام الأسد فيها بالسماح لأكثر قوى الإرهاب خطراً وتطرفاً على مستوى العالم، بركوب موجة ثورة الورود وتحويل مخرجاتها إلى كارثة حلت بكل السوريين وسمحت للنظام بقتل مئات الآلاف واعتقال وتهجير الملايين وتدمير مدن فوق رؤوس قاطنيها.

وعلى الرغم من كل ما تم نقله للشعوب العربية من آثار ونتائج وحتى فشل الثورة السورية، وعلى الرغم مما تم تصويره عن تحوّلها من ثورة شعب يطالب بحريته ضد نظام مستبد، إلى حركة جهادية تسعى لإزالة نظام عروبي ممانع واستبداله بإمارات سلفية جهادية، إلا أن تلك الشعوب استطاعت قلب الموازين وتحويل فزاعة الثورة التي تُرفع بوجهها، إلى نقطة قوة شكّلت رعباً للأنظمة ذاتها. فبعد أن كان المسؤولون في الجزائر يحذرون المتظاهرين من أن ما آلت إليه الأمور في سورية قد بدأ بمسيرات تشبه تظاهراتهم السلمية، أجبر إصرارُ المواطنين على التظاهر عبد العزيز بوتفليقة على العدول عن فكرة الاستمرار في الحكم.

وفي السودان أيضاً لم يُجدِ التحذير الذي وجّهه عمر البشير، صديق بشار الأسد، إلى المتظاهرين من مغبة الأثر المدمر للتظاهرات، ودعوته لأخذ العبرة من الحالة السورية، بل زاد المتظاهرين إصراراً على الاستمرار بحراكهم، فجاء البيان رقم واحد للانقلاب، وكأن من كتبه قد لحظ كل الأخطاء التي ارتكبها بشار الأسد في خطابه الأول بعد خروج التظاهرات في درعا، إذ حاول البيان احتواء المتظاهرين واعتبار من قُتل منهم شهيداً، وتمت تنحية الرئيس واستبداله بشخص مقرب منه، الأمر الذي قرأه المتظاهرون على أنه استبدال لثورتهم بانقلاب عسكري. ما حصل في الجزائر وفي السودان، ربما يدفع حكّام الدول العربية المهيأة لقيام ثورات، لأن يتخذوا من الثورة السورية دروساً وعظات لهم، بدلاً من تخويف شعوبهم من آثارها.

المساهمون