إسرائيل لا تتراجع عن تهديداتها... 75% من الإسرائيليين يؤيدون العدوان على الدوحة

12 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 14:29 (توقيت القدس)
تصاعد الدخان من مناطق سكنية بالدوحة جرّاء العدوان الإسرائيلي، 9 سبتمبر 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الجدل الإسرائيلي حول محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة يثير تساؤلات حول توقيت العملية وتأثيرها على الوساطة القطرية ووجود محتجزين إسرائيليين في غزة، حيث أظهر استطلاع أن 75% من الإسرائيليين يؤيدون الاغتيال.
- بعد فشل العملية، تلاشت نشوة المسؤولين الإسرائيليين، لكنهم استمروا في التهديدات، بينما دعا بعض الأطراف لوقف الدعم الأميركي لنتنياهو وإبرام صفقة لتحرير المحتجزين.
- التحليلات تشير إلى أن العملية كانت غير مدروسة، مع انتقادات لتوقيت وموقع الهجوم، مما أثر سلباً على مكانة إسرائيل الدولية والوساطة القطرية.

يستمر الجدل الإسرائيلي حول محاولة اغتيال قادة حركة حماس في الدوحة، ما يُعتبر أيضاً عدواناً سافراً على قطر وسيادتها، وتأكيد معظم المعلقين علمَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسبقاً بالعدوان، وأن ما يظهره من ردود فعل والتقارير حول غضبه الكبير على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هي لامتصاص غضب القطريين والدول العربية فحسب.

يدور معظم النقاش الإسرائيلي، ليس حول ماهية محاولة الاغتيال ولا مكانها، وإنما حول توقيتها، في ظل الدور القطري في الوساطة مع حركة حماس، ووجود محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة. وفي حين تتنقد أوساط إسرائيلية توقيت العدوان، وتتهم نتنياهو بالتضحية بالمحتجزين، يشير استطلاع للرأي نشرت صحيفة معاريف نتائجه، اليوم الجمعة، أن الغالبية الساحقة من الإسرائيليين، بنسبة 75%، يقولون إنهم يؤيدون تنفيذ عملية لاغتيال قيادة حماس في قطر. ونحو نصف الإسرائيليين، ما نسبته 49%، يبررون العملية وتوقيتها، بينما 26% يؤيدون العملية لكن ليس في هذا التوقيت، وفقط 11% يعارضون العملية نفسها، و14% لا يعرفون. ويُظهر الاستطلاع أيضاً أن الإسرائيليين منقسمون في آرائهم بشأن تأثير العدوان على فرص التوصل إلى صفقة لتحرير المحتجزين، إذ يقول 38% إن العملية تضرّ بفرص الصفقة، مقابل 37% يعتقدون أنها تساعد في ذلك، و25% لا يعرفون.

في غضون ذلك، بدأت نشوة المسؤولين الإسرائيليين تتبدّد تدريجياً، بعد التقديرات الإسرائيلية التي باتت ترجح فشل العملية، وكذلك تأكيد حركة حماس فشلها. لكن هذا لم يبدّد الصلف الإسرائيلي ولا عنجهية المسؤولين الإسرائيليين، الذي يواصلون إطلاق تصريحات تحمل تهديدات مستقبلية لدولة قطر، وربما لتركيا ودول أخرى. وعلى غرار تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس في هذا السياق، توعّد سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، بأن "إسرائيل ستلاحق قادة الإرهاب (على حدّ وصفه) أينما اختبأوا"، وزعم دانون أن الهجوم في قطر بعث برسالة يجب أن تُسمع بوضوح: "لا ملاذ للإرهابيين، لا في غزة، ولا في طهران، ولا في الدوحة. لا حصانة للإرهابيين".

في سياق متصل، قال رئيس الحزب الجمهوري في إسرائيل (فرع رسمي للحزب الجمهوري الأميركي)، مارك تسيل، في مقابلة مع إذاعة "كان ريشت بيت"، التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إن "ترامب يدرك أنه يجب القضاء على حماس، وحتى مهاجمتها في قطر. لكن من جهة أخرى، قطر تُعتبر حليفة. هو ليس غاضباً على نتنياهو، وأعتقد أنه كان على علم مسبق بالهجوم. لقد قال إنه غير راضٍ عن ذلك لأنه بذلك يُرضي الدول العربية".

في المقابل، قال ألون نمرودي، والد المحتجز تمير، في حديث لنفس الإذاعة العبرية، إن على ترامب أن يوقف الدعم لنتنياهو ويجبره على إبرام صفقة، واعتبر أن "الهجوم في قطر يشكل خطراً على المحتجزين وعلى المفاوضات. يجب القضاء على عناصر حماس، لكن ليس في هذا التوقيت. نتنياهو يتصرف بطريقته دون اعتبار للآراء الأخرى، والتي قد تكون أكثر حكمة. إذا أوقف ترامب الدعم، فسيجبره على التوصّل إلى صفقة، وعندها فقط يمكن أن تحدث أمور أخرى".

وهم إسرائيلي

في مقال للمحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، اليوم الجمعة، أشار إلى سخرية أطراف إسرائيلية مؤيدة لنتنياهو، منها أحد مستشاريه، بعد العدوان يوم الثلاثاء، من الذين انتقدوا الخطوة أو توقيتها. ولفت إلى أنه بحسب مؤيدي نتنياهو، فإن "هذه الانتقادات تأتي فقط من معارضين صغار يرفضون رؤية الصورة الكاملة: نتنياهو أعاد لإسرائيل قوتها وردعها. جميع جيراننا في الشرق الأوسط يراقبون ويرتجفون".

"لكن على نحوٍ ساخر"، يضيف الكاتب، "تبيّن سريعاً أن الأمور لا تسير هذه المرة كما كان يأمل مكتب رئيس الحكومة، وأن الصورة التي تُرسم لإسرائيل بوصفها دولة قادرة دائماً على استخدام القوة كما تشاء، دون قيود، كانت مجرد وهم. القطريون وحماس لا يزالون ينشرون الكثير من الضبابية، لكن نتائج الهجوم لا تبدو مبشّرة".

وأضاف أن "الإعجاب بسياسة الاغتيالات والتمسك بها، في غزة، ولبنان، وإيران، واليمن، والآن قطر، يبدو أنه لم يثبت فعاليته هذه المرة. هناك شيء ما قد اختلّ. إما أن المعلومات الاستخباراتية كانت معيبة، أو أن حماس تلقت إنذاراً مبكراً من الولايات المتحدة وقطر. في الوقت الحالي، يبدو أن معظم من كان يستهدفهم القصف، نجوا منه بسلام".

من جانه، اعتبر المعلق والصحافي في معاريف بن كسبيت، أن "المشكلة في العملية التي نُفذت في قطر، تكمن في التوقيت، ولكن أيضاً في الموقع"، ولفت إلى أن نتنياهو يفكّر في مهاجمة قادة حماس في قطر منذ عامين، ولكنه كان متردداً وكان هناك ما يعيقه، "والآن، فجأة، تحرّر هذا العائق. ومن المثير للاهتمام معرفة السبب"، خاصة أنه يأتي في "مرحلة حساسة جداً من المفاوضات"، وفي وقت كان من خططت إسرائيل لاستهدافهم سيناقشون المقترح الأميركي، بينما حياة المحتجزين الإسرائيليين معلّقة بخيط رفيع.

ونقل الكاتب عن شخص رفيع المستوى، عمل في هذا المجال لسنوات طويلة، دون أن يسميه، قوله إنه لا يستطيع فهم الحماقة التي أدت إلى العملية في قطر، وأضاف: "تقييم مهني بدرجة صفر". وتابع: "لحسن حظنا أن ترامب هو الرئيس الآن، فأي رئيس آخر كان سيفرض علينا، بعد عملية كهذه، حظراً على استخدام الطائرات الأميركية إلّا لأغراض حماية المجال الجوي للدولة، ففي النهاية الولايات المتحدة وقطر حليفتان مركزيتان... على إسرائيل أن تأخذ كل ذلك بعين الاعتبار، فلم يعد لدينا أميركا أخرى... ولم أتحدث بعد عن حقيقة أن الأميركيين نقلوا تحذيراً مسبقاً للقطريين. من يدري، ربما هذا ما أنقذ قادة حماس. لا خلاف على أن كل واحد منهم يستحق الموت، لكن أحياناً يجب التصرف بحكمة ومنطق. في الواقع، إسرائيل أعلنت الحرب على قطر، في خضم جهود الوساطة التي تبذلها قطر لصالح إسرائيل. فكّر في ما يعنيه ذلك لمكانتنا، وللخطر الذي يتهدد من الآن فصاعداً كل مسؤول أو شخصية عامة إسرائيلية في أي مكان في العالم. إنه ليس أقل من انهيار كامل في المنظومة".

المساهمون