الجزائر تبدأ حملة الردّ على "اجتماع نواكشوط"

الجزائر تبدأ حملة الردّ على "اجتماع نواكشوط"

31 ديسمبر 2014
تدعو الجزائر إلى الحوار في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت الجزائر مساعيها لدى دول الجوار والساحل، من أجل إفشال مقررات اجتماع نواكشوط، الذي عُقد قبل حوالي الأسبوع في موريتانيا، والذي انتهى بالدعوة إلى التدخّل الأجنبي في ليبيا. وفي السياق، استقبلت الجزائر، الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، لثلاثة أيام، في خطوة هي الأولى من نوعها، بغرض محاصرة المبادرة السياسية التي دعت إليها خمس دول من منطقة الساحل، للتدخل الأجنبي من أجل وقف الاقتتال في ليبيا.

وذكر مصدر مسؤول في الخارجية الجزائرية، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الجزائر انزعجت كثيراً من دعوة اجتماع نواكشوط، الذي شاركت فيه موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، للتدخّل الأجنبي في ليبيا".

وأضاف أن "هذه الدعوة لا تتماشى مطلقاً مع مساعي الجزائر الداعية إلى انجاز الحوار الوطني". وذكر المسؤول الجزائري أن "التدخل الأجنبي في ليبيا، الذي ساهم في اطاحة العقيد معمر القذافي، من دون التفكير في عواقب انهيار الدولة الليبية ومؤسساتها بعد ذلك، كان السبب الرئيس في الحالة الليبية المتفجرة".

ووفقاً للمقاربة الجزائرية لحلحلة الأزمة في ليبيا، فإن اجتماع نواكشوط يناقض الموقف الجزائري، الذي يرفض أي تدخل عسكري في ليبيا، ويدعو في المقابل إلى حلّ سلمي وحوار وطني بين أفرقاء الأزمة في ليبيا. وتسعى الجزائر منذ سبتمبر/أيلول الماضي، إلى تحقيق انجاز عقد "مؤتمر الحوار الوطني الليبي في الجزائر"، وهو المؤتمر الذي كان مقرراً عقده في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن وزارة الخارجية الجزائرية ذكرت في حينه، أنه "تمّ تأجيله إلى حين توفّر ظروف عقده بالتوافق مع كافة الفرقاء الليبيين".

ولفت رئيس البرلمان الجزائري، محمد العربي ولد خليفة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الجزائر متمسكة بالعمل من أجل ترسيخ الحوار السياسي في ليبيا والتخلي عن العنف، والعمل جميعاً على أن يكون هناك حوار سياسي". وأكد أن "العلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين الجزائري والليبي، تفرض على الجزائر دعم كل الجهود، لخروج هذا البلد من وضعيته في أقرب وقت، وأن يختار نظامه من دون تدخل أجنبي".

واعتبرت الحكومة الجزائرية أن "دول الساحل الخمسة، مالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو وموريتانيا، التي تتعاون الجزائر معهم منذ عقود في مجالات أمن المنطقة، وتقدم لها مساعدات غذائية سخية، تدفع باتجاه مناقض للتفاهمات السياسية السابقة، التي تقضي ابعاد شبح التدخل الأجنبي في منطقة الساحل".

وكان لافتاً أن الرئيس التشادي تفهّم الانزعاج الجزائري من اجتماع نواكشوط. وأكد اعترافه بـ"الدور الاقليمي الفاعل، للجزائر من أجل تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل". وأشار إلى أنه "يحمل رسالة طمأنة للجزائر في شأن دعوة التدخل الأجنبي التي أزعجتها".

وقال الرئيس التشادي قبل مغادرته الجزائر إن "جميع بلدان الجوار مطالبة بوضع أجندة موحّدة لمساعدة هذا البلد". واعتبر أن "أجندات عدة من خارج المنطقة تعيق الحوار بين الليبيين". ودعا إلى "ضرورة أن يقوم الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والشركاء التقنيين الآخرين، بدعم جهود بلدان جوار ليبيا من أجل إيجاد تسوية سياسية للأزمة فيها". وطالب الليبيين بـ"التحاور مع بعضهم البعض، وإيجاد خطة تسمح لهم بالتقارب أكثر فيما بينهم، وانشاء ليبيا جديدة موحّدة وديمقراطية".

ورأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية، زهير بوعمامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "دعوة دول الساحل، قد تكون محاولة للتمهيد لتدخل أجنبي جديد في ليبيا، على خلفية أن هذه الدول هي الأكثر تضرراً من الأزمة الليبية، بحكم مناخ التوتر وانتشار السلاح وتحرك المجموعات المسلحة الذي توفره الحالة الليبية، خصوصاً في ظلّ التطورات الأخيرة في البلاد". واعتبر أنه "بالنظر إلى تنازع الجزائر النفوذ السياسي في منطقة الساحل مع فرنسا منذ عقود، فإنها تسعى إلى دفع باريس خارج نطاق التأثير في القرارات المرتبطة بأمن منطقة الساحل".

دلالات

المساهمون