7 شكاوى ضدّ الرئيس التونسي: هل يمكن مقاضاته أثناء ولايته؟

7 شكاوى ضدّ الرئيس التونسي: هل يمكن مقاضاته أثناء ولايته؟

27 اغسطس 2021
6 قضايا مرفوعة على سعيد لدى المحكمة الإدارية (Getty)
+ الخط -

تتالى الشكايات والقضايا المرفوعة ضد الرئيس التونسي قيس سعيد، وتتواتر بين المحكمة الإدارية والعدلية من قبل نواب وسياسيين، بعضها لإيقاف قراراته "الإنقلابية" على الدستور والمؤسسات، وأخرى بسبب تجاوز صلاحياته بحسب الشاكين، وسط جدل حول إمكانية محاكمته خلال مباشرته لمهامه الرئاسية. 

وتقدم النائب عن حزب "النهضة"، المحامي بشر الشابي، أمس الخميس، بعريضة (شكاية) لوكيل الجمهورية (النيابة العمومية) ضد رئيس الجمهورية قيس سعيد بتهم "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة". 

وذكر الشابي، بحسب العريضة، أن "المشتكى عليه  تقلد منصب رئيس الجمهورية إثر انتخابات 2019 بعد أن اجتمع حوله العديد من الأحزاب والمستقلين، قناعة منهم أنه سيكون مصلحا للبلاد وليس مفسدا لها عبر ترذيل الحياة السياسية، فكانت كل خطبه تحريضية وتخوينية وعدائية حملت المواطنين على مهاجمة بعضهم، وآخرها كان يوم 25 يوليو يوم اقتراف الجرم المنسوب للمشتكى به"، بحسب ما جاء في العريضة. 

وأضاف الشابي أن الرئيس أقام نفسه بدلا عن الهيئات القائمة في الحكم، مشيرا إلى أن ذلك يأتي "تنفيذا للمخطط الإجرامي عبر خرق القانون، فقد قام بإعفاء رئيس الحكومة وتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب مستعملا في ذلك الدبابات والأسلحة الثقيلة" . 

وأضاف أن "ما أتى به المشتكى عليه يدخل تحت طائلة القانون المعاقب عليه عملا بالفصل 96 من المجلة الجزائية"، مطالبا النيابة العمومية بفتح تحقيق في الموضوع.

وتمثل القضية المرفوعة من الشابي الأولى من نوعها بحكم توجيهها للقضاء العدلي، مقارنة بباقي القضايا الست الأخرى المرفوعة لدى المحكمة الإدارية، غير أن الشابي يعد ثاني نائب عن حزب النهضة يقاضي سعيد بعد رئيسة مكتب الشؤون القانونية بالنهضة، النائبة فريدة العبيدي، رغم تبرؤ الحزب مما أقدم عليه. 

وسارعت النهضة للتنصل من شكاية الشابي عبر خلية الأزمة بالحركة، حيث أكد رئيسها محمد القوماني على صفحته الرسمية أن الشكاية "تتعارض مع توجّهات لجنة إدارة الأزمة السياسية بحركة النهضة ذات الاختصاص الحصري في الموضوع، وهي شكاية شخصية لا تلزم  الحركة التي عبّرت مرارا عن مواقف مختلفة".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتم رفع نحو ست قضايا ضد سعيد إلى القضاء الإداري الذي عرف في تاريخه، حتى زمن الاستبداد في فترة حكم بن علي، انتصارا للقانون ولقضايا ضد الدولة، وتم إصدار أحكام لفائدة متضررين تتعلق بالحقوق والحريات رغم ارتكابها من النظام. 

والقضايا الأخرى المرفوعة يمثلها كل من القيادي بحزب قلب تونس جوهر المغيربي، وأخرى تقدم بها 9 نواب من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي (أول برلمان بعد الثورة)، تطالب جميعها بإبطال قرارات سعيد التي اعتبروها تجاوزا لصلاحياته الدستورية واختصاصاته، وخصوصا تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب من دون أساس دستوري وقانوني. 

ولم تقف القضايا عند السياسيين والنواب، إذ رفع الإعلامي زياد الهاني بدوره ثلاث قضايا للمحكمة الإدارية تتعلق بقرارات الرئيس سعيد الذي اعتبر بدوره أنه تجاوز صلاحياته واختصاصاته الدستورية. 

وعلاوة على حزمة القضايا المرفوعة ضد سعيد، فإن القضايا تتهاطل على المحكمة الإدارية بسبب الوضع الاستثنائي وفرض الإقامة الجبرية على سياسيين وقضاة ونواب، ومنع عدد كبير منهم من السفر، إذ رفع الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب شكاية للمحكمة الإدارية ضد الوزير المكلف بوزارة الداخلية رضا غرسلاوي، أمس الخميس، بسبب وضعه قيد الإقامة الجبرية، وكذلك حزب النهضة رفع بدوره قضية ضد الوزير على خلفية وضع وزير النهضة السابق محمد أنور معروف قيد الإقامة الجبرية، والذي اعتبرته "مخالفا للدستور وعملية احتجاز مواطن دون إذن قانوني ودون مبرر قانوني"، بالإضافة إلى وزير البيئة السابق رياض الموخر ووكيل النيابة السابق بشير العكرمي اللذين طعنا أيضا في القرار. 

ويمنح الدستور التونسي حصانة للرئيس المباشر خلال ولايته، غير أن النظام الجمهوري الديمقراطي في تونس لا يمنع من مقاضاة الرؤساء وتتبعهم قضائيا، ويبقى أن الخلاف يدور حول تأجيل المحاكمات باعتبار رمزية الرئيس ومكانته الدستورية والاعتبارية. 

وينص البند 87 من الدستور على أن رئيس الجمهورية "يتمتع بالحصانة طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة آجال التقادم والسقوط، ويمكن استئناف الإجراءات بعد انتهاء مهامه. ولا يسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه". 

وحول إمكانية محاكمة الرئيس، قال خبير القانون الدستوري والمحامي لدى التعقيب رابح الخرايفي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس يتمتع بالحصانة الدستورية ولا يمكن محاكمته، غير أنه "ليس للنيابة العمومية الحق في عدم قبول شكاوى، وبالتالي فالقبول هو تكريس لحق التقاضي في التشكي"، مبينا أن "قبول الشكوى التي تقدم بها النائب والمحامي بشر الشابي من النيابة العمومية لا يبعث على الاستغراب". 

وأضاف المحامي أنه "لا يمكن لوكيل الجمهورية (النيابة العمومية) أن يأذن بفتح بحث تحقيق ضد رئيس الجمهورية باعتبار تمتع الرئيس بالحصانة بحسب منطوق الفصل 87 من الدستور"، مشددا على أن "الشكوى ستبقى معلقة إلى تاريخ مغادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد الحكم، وعندها يمكن الاستماع إليه والتحقيق معه". 

وفسر الخرايفي "لا تسقط الحصانة الرئاسية بحسب الدستور إلا في حالات الوفاة أو بالتصريح كتابيا بأنه متخل عنها أو بقرار عزل من المحكمة الدستورية، وطالما أن هذه الفرضيات غير متحققة فإنه لا يمكن محاكمة الرئيس". 

وبين الخرايفي أنه "من ناحية أخرى قبل التحري في ما مدى الوجاهة القانونية للشكوى التي قدمها بشر الشابي وتوفر أركان الجريمة وتكييف ما يقوم به رئيس الجمهورية كأفعال إجرامية، وجب التذكير بأن النائب والمحامي بشر الشابي خرق القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي يمنعه ويحجر عليه النيابة ضد الدولة وهذا موجب لتتبعه تأديبيا". 

وبين المحامي أن "التهم التي تضمنتها الشكوى خطيرة جدا وهي جرائم جنائية خطرة من أجل تبديل نظام الحكم في الدولة بالقوة وجرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي". 

وأضاف الخرايفي: "وإن كانت الشكاية تصرفا فرديا من الشابي، فإنه لا يمكن فهمه على تلك الصيغة، سيؤول الخبر ويفهم من منطلق سياسي بأن حركة النهضة موافقة على هذا التمشي الذي لن تتحقق منه أي نتائج قانونية في ما عدا التداول الإعلامي والسياسي للخبر لا غير". 

وعلقت المستشارة السابقة عند الرئيس الباجي قائد السبسي، المحامية سعيدة قراش، مستغربة على حسابها في "فيسبوك": "للتذكير الفصل 87 من الدستور: حصانة رئيس الجمهورية خلال مدة نيابته كما أنه لا يسأل عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه".

دلالات

المساهمون