بوتين يشهر السلاح النووي بوجه خصومه: تباهٍ بترسانة متفوقة

بوتين يشهر السلاح النووي بوجه خصومه: تباهٍ بترسانة متفوقة

02 مارس 2018
اعتبر بوتين أن خصوم روسيا فشلوا في احتوائها (Getty)
+ الخط -


رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سقف التحدي بوجه خصومه، خصوصاً الأميركيين، شاهراً السلاح النووي، ومهدداً برد فوري على أي هجوم نووي على حلفاء موسكو، لتزداد المخاوف من انزلاق التهديدات إلى حرب حقيقية قد تكون أوروبا المسرح الأبرز لها.
وجاء تهديد بوتين بالنووي، للمرة الأولى بشكل علني، خلال رسالته السنوية إلى الجمعية الفدرالية التي وجّهها أمس الخميس، وحدد فيها الاتجاهات الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية للمرحلة المقبلة، وذلك في ظل ظروف معقّدة تجد موسكو نفسها فيها، مع تصاعد الخلافات مع الأميركيين والأوروبيين، وتوسع الانخراط الروسي في الحرب السورية، والتي "أظهرت قدرات القوات المسلحة الروسية"، وفق تعبير بوتين.

فمن التحقيقات المتصاعدة في التدخّل الروسي بالانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، وخطط واشنطن لتعزيز ترسانتها النووية، إلى التوتر الأوروبي الروسي المتصاعد، والتأهب الأطلسي للرد على أي استفزاز من موسكو في القارة العجوز، تتصاعد بؤر وملفات التوتر بين موسكو وخصومها، لتصل إلى حافة الانفجار. وفي ظل هذه الأجواء، أطل الرئيس الروسي ليعلن تطوير جيل جديد من الأسلحة، تباهى بقدراتها المتفوقة، موجهاً رسالة للخصوم بأنهم فشلوا في احتواء روسيا، فيما كان حديثه عن الأحوال الداخلية مقتضباً على الرغم من أن هذه الإطلالة تأتي قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة في 18 مارس/آذار الحالي، والتي لا يُتوقَع أن يلاقي بوتين صعوبة في الفوز بها.

وفي كلمته أمس، وجّه بوتين تهديداً مباشراً بالقول إن بلاده ستعتبر أي هجوم نووي على حلفائها، هجوماً عليها هي، "وسيكون الرد فورياً". ومع ذلك، أكد بوتين أن روسيا لا تنوي استخدام أسلحتها الحديثة لعمليات هجومية، معتبراً أن زيادة القوة العسكرية الروسية ستضمن توازن القوى في العالم، وستثني حلف شمال الأطلسي عن نشر عناصر بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود الروسية.
وأعلن الرئيس الروسي أن بلاده اختبرت أسلحة نووية جديدة لا يمكن اعتراضها، بما في ذلك صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية وطائرة غير مأهولة تعمل بالطاقة النووية تحت الماء، معتبراً أن صنع أسلحة جديدة جعل نظام الدفاع الصاروخي الأميركي "عديم الجدوى". واستعرض على شاشات ضخمة، لقطات لاختبار أحدث الأسلحة الروسية، بما فيها صواريخ باليستية قادرة على اختراق "كل نظم الدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ"، وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، ومنظومات الليزر.

وعرض لقطات لصواريخ "سارمات" الباليستية العابرة للقارات التي يزيد وزنها عن 200 طن، ويمكن تزويدها برؤوس حربية نووية، ويصعب اعتراضها. كما استعرض الرئيس الروسي فيديو محاكاة صاروخ قادر على "اختراق كافة الأنظمة للدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ"، وفق قوله، مضيفاً أنه "صاروخ صغير غير ملحوظ يحلق على ارتفاعات منخفضة، يحمل قطعة حربية نووية، غير محدود المدى تقريباً، مع إمكانية الالتفاف على الحواجز، وقادر على اختراق كافة النظم الحالية والمستقبلية للدفاع المضاد للصواريخ والدفاع الجوي". ومن بين الأسلحة الروسية الحديثة الجاري تصميمها، كشف بوتين عن طائرة غير مأهولة عالية السرعة تحت الماء قادرة على حمل رأس حربي نووي ويمكن أن تستهدف حاملات الطائرات والمرافق الساحلية.

ووجّه بوتين رسالة مباشرة لخصوم بلاده قائلاً "لجميع من غذوا سباق التسلح على مدى السنوات الـ15 الماضية، وسعوا للفوز بمزايا انفرادية على حساب روسيا وفرضوا عقوبات غير مشروعة بهدف احتواء تنمية بلادنا: كل ما كنتم ترغبون في عرقلته بسياساتكم حدث بالفعل"، مضيفاً: "لقد فشلتم في احتواء روسيا".


وكان لافتاً ان الرئيس الروسي وضع تطوير أسلحة جديدة "لا يوجد ما يعادلها في الغرب" كرد على الانسحاب الأميركي من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية، وعلى السياسة النووية الأميركية الجديدة الداعية إلى تطوير أسلحتها النووية. وأعرب عن خيبة أمله من انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة، قائلاً: "ظللنا لفترة طويلة نحاول إقناع الأميركيين بعدم انتهاك المعاهدة، وعدم الإخلال بالتوازن الاستراتيجي، من دون فائدة. انسحبت الولايات المتحدة بشكل أحادي الجانب من هذه المعاهدة، لكن حتى بعد ذلك حاولنا إجراء حوار بنّاء معها، وعرضنا عليها تنظيم العمل المشترك في هذا المجال للحد من المخاوف والحفاظ على جو من الثقة". وقال إن الولايات المتحدة تجاهلت الشكاوى الروسية، و"لم يستمع إلينا أحد. لكنهم يستمعون إلينا الآن"، معتبراً أن الأسلحة الجديدة سوف تساعد على ضمان الاستقرار العالمي، ووضع خط تحت محاولات إضعاف روسيا.

في سياق آخر، لم يُخفِ الرئيس الروسي أن بلاده تستخدم الأراضي السورية لاختبار أسلحتها، إذ قال إن "العملية في سورية أظهرت زيادة قدرات القوات المسلحة الروسية"، وإن "العالم يعرف الآن أسماء كل أسلحتنا الرئيسية بعد عملية سورية"، معلناً أنه تم تنفيذ "عمل هائل" لتعزيز الجيش والأسطول خلال السنوات الأخيرة. ولفت إلى اعتماد القوات الروسية أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية خلال 6 سنوات. وكان رئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون الدفاع، فلاديمير شامانوف، قال قبل أيام إن روسيا اختبرت أكثر من 200 سلاح جديد في سورية، قبل أن "يفتخر" بأن ذلك "ساهم في زيادة مبيعات روسيا من السلاح، حتى من قبل بلدان ليست حليفة".

كذلك أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أمس، أن بلاده أرسلت طائرات من الجيل الخامس "سوخوي 57" إلى سورية ونفذت هناك مهمات قتالية. واعتبر أن الأسلحة المتقدمة التي تحدث عنها بوتين "ستسمح بضمان أمننا وحماية سيادة بلادنا خلال عقود من السنين مستقبلاً. ولكن الأهم أنها ستسمح بتجنب انجرار بلادنا إلى سباق التسلح الجديد الذي تريد دول الناتو فرضها علينا". من جهته، أعلن وزير المالية الروسي أنطون سيليانوف أن بلاده لا تخطط لزيادة إنفاقها الدفاعي، فيما أوضح وزير الصناعة دنيس مانتوروف أن الأسلحة الجديدة التي تحدث عنها بوتين جزء من برنامج للإنفاق الدفاعي حتى عام 2027 جرى توقيعه العام الماضي.

يُذكر أن روسيا كانت قد هددت أخيراً بأنها ستتخذ "الإجراءات اللازمة" لضمان أمنها في مواجهة الولايات المتحدة، بعد إعلان الأخيرة عن خطط لتعزيز ترسانتها رداً على تطوير موسكو ترسانة من ألفي سلاح نووي تكتيكي يمكن أن تهدد الدول الأوروبية على حدودها. هذا الإعلان دفع موسكو حينها للتنديد بـ"الطابع الحربي" و"المناهض لروسيا" في السياسة النووية الأميركية الجديدة. وكان بوتين أمر في نهاية العام 2016 بتعزيز قوة الضرب النووية الروسية وكذلك تحديث أسلحة رداً على تعزيز الوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي على حدوده.

المساهمون