ختام عبد المهدي زيارته للسعودية: فصائل "الحشد" كانت هناك

ختام عبد المهدي زيارته للسعودية: فصائل "الحشد" كانت هناك أيضاً

19 ابريل 2019
الملك سلمان مستقبلاً عبد المهدي (الأناضول)
+ الخط -


حملت زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أخيراً للسعودية، دلالات عديدة، وخصوصاً لتزامنها مع عقوبات أميركية غير مسبوقة على إيران، مع بروز المخاوف من احتمال تحوّل العراق إلى ساحة صراعٍ بين طهران وواشنطن. مع العلم أن زيارة عبد المهدي، التي استمرت ليومين، وانتهت أمس الجمعة، لم تكُن الأولى من نوعها لرئيس وزراء عراقي بعد عام 2003، تاريخ الغزو الأميركي ـ البريطاني للعراق، إذ سبق أن زار نوري المالكي وحيدر العبادي الرياض. كما لم تكن الاتفاقيات الموقّعة بين البلدين جديدة، إذ سبقها اتفاقيات عديدة. لكن الزيارة الأخيرة كشفت عن بروز مرافقة شخصيات وقيادات بارزة في فصائل "الحشد الشعبي" كمسؤول فصيل "وعد الله" الشيخ سامي المسعودي، وهو أحد المقربين من إيران، والمستشار الأمني في "الحشد" الشيخ محمد الموسوي، ومحافظ النجف لؤي الياسري، المحسوب على حزب الدعوة، بزعامة المالكي. وكشف المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أن عبد المهدي اختتم زيارته بالحصول على موافقة سعودية على زيادة عدد الحجاج العراقيين إلى 50 ألفاً، فضلاً عن توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات.
وجاءت زيارة عبد المهدي للسعودية، في وقت تشهد فيه علاقات العراق الخارجية تطوراً ملحوظاً منذ توليه السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع استغلاله فرصة خروج بلاده منتصرة على تنظيم "داعش" الإرهابي، في حرب شرسة استمرت نحو ثلاث سنوات. وهو ما سمح له بتفعيل مساعيه لناحية "النأي بالنفس عن سياسة المحاور".

في إطار الزيارة، كشف أحد الوزراء لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة عبد المهدي للسعودية بعد نحو أسبوعين على زيارة مماثلة لإيران، كانت سياسية أكثر من كونها تجارية أو لتوقيع اتفاقيات"، كاشفاً عن أن "وجود شخصيات محسوبة على الحشد الشعبي بالوفد المرافق لعبد المهدي، يأتي كرسالة طمأنة للسعودية، التي أعربت في وقت سابق قلقها من انتشار فصائل مسلحة بالنخيب العراقية وبادية السماوة القريبة من حدودها، وخصوصاً فصائل حزب الله العراقي، والخراساني والعصائب ومليشيات أخرى".

وأضاف الوزير أن "العراق يريد القول لكل الأطراف إن عليهم التعامل معه كحالة خاصة، بعيداً عن المحاور والمعسكرات، لكونه بمرحلة هشّة، وخرج لتوّه من حرب طاحنة". واعتبر أن "فتح باب الكعبة لرئيس الوزراء له دلالات بالغة، فالسعوديون لا يفعلونها مع كل زائر يأتيهم. كما أن رفع مقاعد الحج والوعود بتقديم مساعدات مالية للمدن المحررة بشكل غير مشروط، هي مبادرات سعودية للتقارب مع المسؤولين العراقيين، إذ بدوا حرصاء على كسبهم أكثر من أي وقت مضى". وأكد الوزير أن "الجانب الاقتصادي والتجاري أخذ حيّزاً كبيراً من لقاءات الوزراء والمسؤولين، الذين رافقوا عبد المهدي في زيارته للسعودية خلال لقاءاتهم مع نظرائهم السعوديين، وكلها يمكن اعتبارها تصبّ بصالح جانب واحد هو العراق". ونوّه بأنه "تمّ الاتفاق على عقد لاجتماعات متكررة للمجلس التنسيقي العراقي ـ السعودي".



في المقابل، تباينت آراء النواب والسياسيين بشأن زيارة عبد المهدي. وقال عضو التيار المدني أحمد بركات، إن "الزيارة متأخرة والانفتاح السعودي على العراق لا يمكن أن يكون كافياً لمنافسة الإيرانيين". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الشارع الشيعي قبل السنّي، لا مشكلة لديه مع السعودية، لكن الخوف من أنّ هذا الانفتاح يأتي بطلب أميركي للسعوديين، بالتالي يصبح العراق ساحة صراع تنافسية". ورأى أن "جزء الشارع يرى الموضوع مناكفة لإيران وضمن المشروع الأميركي العام، لا قراراً داخلياً سعودياً. وهو ما يبدد الفرح بعودة العلاقات وبحفاوة استقبال المسؤولين العراقيين".

من جهته، اعتبر عضو البرلمان عن تحالف الفتح (الجناح السياسي لمليشيا الحشد الشعبي) حسن شاكر في حديثٍ صحافي، أن "زيارة عبد المهدي إلى السعودية ودول أخرى أمر إيجابي"، مستدركاً بالقول "إلا أنه يجب النظر أولاً إلى مصلحة الشعب، لا مصلحة الدول". واتهم شاكر السعودية بـ"إرسال انتحاريين إلى العراق في السابق تسببوا بسقوط آلاف القتلى والجرحى"، مطالباً الرياض بتعويض ذوي الضحايا. ودعا السعودية إلى "إعادة خط النفط العراقي (ينبع) الذي أُنجز في زمن النظام العراقي المخلوع (نظام صدام حسين)، إلا أن السعودية صادرته بذريعة أنها سبق أن أعطت أموالاً لصدام حسين"، مشدّداً على أن "العراق اليوم ليس عراق صدام". وأشار إلى أن "جميع الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة العراقية مع الجانب السعودي هي اتفاقيات أولية، لا بدّ أن تُمرّر من خلال مجلس النواب العراقي".

في المقابل، رحّب النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، بزيارة عبد المهدي، مؤكداً في تغريدة على موقع "تويتر"، أن "استقبال عبد المهدي كان مهيباً لدى وصوله إلى الرياض، وعبّر عن سعادته برجوع العراق عزيزاً".

بدوره، رأى المحلل خالد عبد الله أن "زيارة عبد المهدي للسعودية تمثل امتداداً لزيارة سابقة أجراها مسؤولون عراقيون، أبرزهم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي زار السعودية عام 2017، واستُقبل بحفاوة"، مؤكداً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الحكومة العراقية تريد استغلال الأجواء الإيجابية الحالية لتحقيق مزيد من الانفتاح على المحيط العربي، ولا سيما مع تعرّض العراق خلال السنوات السابقة إلى اتهامات بالابتعاد عن العرب، والاقتراب من إيران". وأضاف: "كما أن السعودية هي الأخرى لها أهداف من استقبال عبد المهدي، وتوطيد علاقاتها بالعراق"، موضحاً أن "الرياض التي أخفقت في إدارة ملفات إقليمية مهمة كأزمة اليمن، والحرج الذي تعرّضت له على خلفية اغتيال الكاتب الصحافي جمال خاشقجي، تبحث عن ساحات نجاح".

واعتبر عبد الله أن "العراق يعتقد أنه حقق مكاسب مهمة باقترابه من السعودية كمشاريع بقيمة مليار دولار، وإبرام 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وتنسيق سياسي وأمني"، مستدركاً بالقول: "إلا أن العراق مطالب بأن يكون قادراً على التزام الحياد وخصوصاً في الوقت الحالي، الذي يقترب فيه من دول متنافرة في ما بينها، تريد كل منها أن تنحاز بغداد إلى معسكرها".

وتابع أنه "لا يخفى على أحد أن العراق يبحث له عن دور إقليمي مميز، ربما فقده منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، مستغلاً نصره على داعش، وعدم دخوله في خصوم مباشرة مع أي من دول الجوار"، مؤكداً أن "هذا الأمر قد يكون سيفاً ذا حدّين لا بد من الحذر عند التعامل معه".