معركة نبل والزهراء: المعارضة السورية المسلحة تضرب "خزّان" النظام

معركة نبل والزهراء: المعارضة السورية المسلحة تضرب "خزّان" النظام

حلب

رامي سويد

avata
رامي سويد
26 نوفمبر 2014
+ الخط -
تشنّ قوات المعارضة السوريّة، منذ الأحد الماضي، هجوماً واسعاً من ثلاثة محاور على بلدتي نبّل والزهراء، المواليتين للنظام السوري والمحاصرتين براً من ثلاث جهات من قبل قوات المعارضة السورية، منذ ما يناهز السنتين والنصف. لقرار الهجوم أسباب عسكرية عديدة، لكن بجميع الأحوال، فإنه يكسر قاعدة ظلّت صامدة لفترة طويلة بالنسبة للمعارضة السورية المسلحة أيام كان الجيش السوري الحرّ هو المسيطر فيها على المنطقة التي تنتمي إليها نبل والزهراء، أي في ريف حلب الشمالي، ذلك أنّ الحصار المفروض على البلدتين، وقرار عدم اقتحامهما، كان أحد أسبابه تفادي حصول مجزرة مذهبية (كون البلدتين تقطنهما غالبية ساحقة من المواطنين الشيعة) لن تكون إلا لمصلحة النظام السوري، بحسب ما تؤكده مصادر قيادية في تنظيمات سورية مسلحة لـ"العربي الجديد".

وتمكّنت قوات المعارضة من اقتحام خطوط دفاع قوات النظام، جنوبي الزهراء، لتبسط سيطرتها على منطقة المعامل ومنطقة الفيلات الواقعتين إلى الجنوب من البلدة.

وكانت فصائل المعارضة، ممثّلة بـ "جيش المجاهدين" و "جبهة النصرة" و "جيش المهاجرين" و "الأنصار"، أعلنت مساء الأحد الماضي، سيطرتها على معامل المنظفات والبطاريات في مدخل بلدة الزهراء الجنوبي، لتعلن قوات المعارضة دخولها البلدة للمرّة الأولى منذ انطلاق الصراع المسلّح بين قوات النظام وقوات المعارضة في ريف حلب منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وتأتي هذه السيطرة بعد بدء قوات المعارضة هجومها على البلدتين اللتين تتحصّن فيهما قوات الجيش السوري وحزب الله اللبناني ومجموعات الدفاع الوطني (الشبيحة) من ثلاثة محاور. وهاجمت قوات المعارضة نقاط قوات النظام من الجهة الجنوبية، انطلاقاً من بلدة بيانون، التي تسيطر عليها قوات المعارضة منذ ما يناهز ثلاث سنوات ونصف، ومن الجهة الشرقية انطلاقاً من بلدة ماير، التي تبسط قوات المعارضة سيطرتها عليها، ومن قرية الزيارة الواقعة إلى الشمال من بلدة نبّل.
ويبدو أن قوات المعارضة نجحت باستخدام استراتيجيّة التمويه. ويوضح الناشط حسن الحلبي لـ "العربي الجديد"، أنّ "الهجوم حصل من ثلاثة محاور، الشمالي والشرقي والجنوبي، وكانت الخطة أن تشتبك قوات المعارضة مع قوات النظام، على المحورين الشمالي والشرقي، قبل أن تقتحم قوات خاصة خطوط دفاع قوات النظام من الجهة الجنوبية، وهذا ما حصل فعلاً".

ولم تتأخّر قوات النظام في الردّ على التقدم الميداني المفاجئ وغير المسبوق لقوات المعارضة، بقصف البلدات التي تسيطر عليها المعارضة السورية في محيط نبّل والزهراء، حيث شنت طائراتها غارات جويّة عدّة على بلدات بيانون وحيان ورتيان وماير ودير جمال، من دون أن تردع هذه الغارات قوات المعارضة عن متابعة هجومها، فردّت بقصف نقاط تمركز قوات الناظم داخل البلدتين بصواريخ الغراد ومدفعية الميدان والهاون ومدافع وصواريخ محليّة الصنع.

ومع استمرار القصف والاشتباكات في بلدة الزهراء ومحيطها، لوحظت حركة نزوح لمعظم سكان البلدة نحو مدينة عفرين، الخاضعة لسيطرة قوات "حماية الشعب الكرديّة"، والتي لم تعلن موقفها بعد من الاشتباكات الدائرة بين قوات النظام وقوات المعارضة في محيط بلدتي نبّل والزهراء، في ظلّ اتهامات من مصادر معارضة لقوات الحماية بتقديم دعم لوجستي لقوات النظام في البلدتين.

وتهدف قوات المعارضة السوريّة، من هجومها الواسع على نبّل والزهراء، إلى السيطرة على الجزء الشرقي من بلدة الزهراء والذي يشرف على الطريق الواصل بين بلدتي بيانون وماير، الخاضعتين لسيطرة قوات المعارضة. ويُمكّنها تحقيق ذلك من فتح طريق إمداد جديد، يصل مناطق سيطرة المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي بمناطق سيطرتها في مدينة حلب، لتعوّض قوات المعارضة في حال تمكنت من ذلك، تراجعها عن بلدة سيفات الاستراتيجيّة، بعد أن سيطرت عليها قوات النظام، الشهر الماضي، وتمكّنت حينها من قطع أحد طريقي الإمداد اللذين كانت تستخدمهما قوات المعارضة في مدينة حلب.

في موازاة ذلك، تتواصل الاشتباكات بين قوات النظام المتمركزة في جمعية جود، الواقعة إلى الجنوب من بلدة الزهراء، وبين قوات المعارضة التي تحاول اقتحام المنطقة والسيطرة عليها نظراً للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به، بسبب إشرافها على طريق تسعى قوات المعارضة لتأمينه وبسبب إشرافها الكامل على نبّل والزهراء.

ولن تتردّد قوات المعارضة في حال تمكّنت من حماية الطريق الذي تسعى لتأمينه تمهيداً لاستخدامه كخط إمداد جديد لها، في مواصلة هجومها على البلدتين، بهدف إنهاء وجود قوات النظام السوري شمالي مدينة حلب بشكل كامل. وتُعدّ نبّل والزهراء البلدتين الوحيدتين اللتين تسيطر عليهما قوات النظام السوري، شمالي مدينة حلب، منذ سيطرة فصائل الجيش السوري الحر على جميع مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والغربي منذ صيف العام قبل الماضي.

وتقع نبّل والزهراء شمالي مدينة حلب، على بعد عشرين كيلومتراً عن مدخل المدينة، كما تبعدان أكثر من 35 كيلومتراً عن معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، وتتمتعان بموقع استراتيجي هام، إذ تشرف البلدتان على الأوتوستراد الدولي حلب ــ غازي عنتاب. وقد مكّن هذا الموقع الاستراتيجي، قوات النظام، خلال السنتين الماضيتين، من إزعاج قوات المعارضة التي لم تتمكن من استخدام الأوتوستراد، بسبب استهداف آلياتها المارّة عليه، الأمر الذي أجبر قوات المعارضة على استخدام طرق بديلة أخرى تقع إلى الشرق من الأوتوستراد.
ولم يمنع موقعهما قوات المعارضة من فرض حصار بري عليهما، وفرض طوق شبه كامل على البلدتين اللتين لم يبقَ لهما طريق بري مفتوح إلا الطريق الذي يصل نبّل بمدينة عفرين، الخاضعة لسيطرة قوات حماية الشعب الكرديّة.

وخلال السنتين والنصف الماضية، استخدمت قوات النظام جسراً جوياً لإمداد مقاتليها بالذخيرة والسلاح، والسكان بالغذاء والحاجات الأساسيّة. لكنّ الجسر توقّف عن العمل في الأيام الأخيرة، بعد اقتراب قوات المعارضة من مهابط الطيران المروحي في البلدتين، وتمكّنها من استهداف أي طائرة تحاول الهبوط برشّاشات مضادة للطيران، يصل المدى المجدي لبعضها إلى أكثر من خمسة كيلومترات. وتستعيض قوات النظام في الأيام الأخيرة عن إنزال الذخيرة والمؤن، برميها من طائرات الهليكوبتر بالمظلات من ارتفاعات شاهقة، تعجز معها رشاشات قوات المعارضة عن إسقاط طائرات قوات النظام.

ويسكن بلدتي نبّل والزهراء المتصلتين عمرانياً، أكثر من أربعين ألف نسمة، ينتسبون في غالبيتهم العظمى إلى الطائفة الشيعيّة الجعفريّة، على عكس باقي مناطق حلب وريفها. وكان عدد سكان مدينة حلب ومجموع أريافها مع انطلاق الثورة في سورية، يُشكّل أكثر من ستة ملايين نسمة، بحسب إحصاءات مكتب الإحصاء المركزي التابع للنظام السوري.

ذات صلة

الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.
الصورة
المرأة السورية في المخيمات (العربي الجديد)

مجتمع

تعيش المرأة السورية المُهجّرة تحت وطأة معاناة كبيرة في ظل تحدّيات جمّة وأوضاع إنسانية مزرية تتوزع بين مرارة النزوح وقسوة التهجير في يوم المرأة العالمي.

المساهمون