مايكل بلومبيرغ مرشحاً... هل صارت الرئاسة الأميركية للبيع؟

مايكل بلومبيرغ مرشحاً... هل صارت الرئاسة الأميركية للبيع؟

25 نوفمبر 2019
بلومبيرغ أعلن ترشيحه رسمياً (Getty)
+ الخط -

أعلن الملياردير الأميركي مايكل بلومبيرغ، أمس الأحد، ترشحه للرئاسة ضد الرئيس دونالد ترامب. وبدخوله انفتحت المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين على المزيد من البلبلة والغموض، وربما التشرذم.

عادة في مثل هذا الوقت من العام الانتخابي تبدأ دائرة المتنافسين الحزبيين بالانحسار لصالح مجموعة قليلة احتلت الصفوف الأمامية في الأشهر والمناظرات الأخيرة. هذه المرة على العكس. قبل أيام انضم إلى قائمة الديمقراطيين حاكم ولاية سابق، وأمس التحق بلومبيرغ بالقافلة، بعد أن كان قد أعرب في مطلع الصيف الماضي عن عزوفه وسحب اسمه آنذاك من التداول، بحجة أن الساحة مكتظة بالطامحين وأن الظروف غير ملائمة، لابن الـ77 عاماً.

فجأة تغير الموّال وصار دخوله ضروريا في معركة "لا تقوى أميركا على خسارتها"، كما جاء في بيان ترشيحه. وزعم بأن "خبرته الحكومية وكرجل أعمال وصاحب مشاريع خيرية" تؤهله للفوز وإنقاذ أميركا من "أربع سنوات ترامبية أخرى لا تقدر على تحمّلها".

ترافق مع هذه الديباجة، الإعداد لحملة إعلانات متلفزة لتسويق ترشيحه، بكلفة 34 مليون دولار على مدى أسبوع. وهذه بداية الغيث، إذ تتحدث أوساطه عن استعداده لإنفاق مبالغ مفتوحة "قد تصل إلى مليار دولار" من ماله الخاص لتمويل حملته التي "لن تحتاج إلى تبرعات من أحد".

فالرجل يملك ثروة تُقدّر بما بين 53 و57 مليار دولار وتضعه في المرتبة رقم 8 بين أثرياء أميركا، جمعها من العمل في حقول المال والعقارات ومن إمبراطورية بلومبيرغ الإعلامية. تولى رئاسة بلدية مدينة نيويورك لفترة 12 سنة. ومعروف عنه أنه متبرع بسخاء للجامعات ولجمعيات خيرية وممول للحملة المناهضة للعنف وانتشار السلاح في الولايات الأميركية وداعم لتيار محاربة سخونة المناخ. وهو من أشد أنصار إسرائيل.

أثناء عدوان غزة في يوليو/تموز 2014 سافر بطائرته الخاصة إلى إسرائيل اعتراضاً على قرار الوزير جون كاري بمنع الطائرات المدنية الأميركية من الهبوط في مطار بن غوريون في تل أبيب، "حرصاً على سلامتها".

لكن بلومبيرغ المتداولة سيرته هذه في الأروقة السياسية بين واشنطن ونيويورك، غير معروف في الساحة الواسعة التي تقرر مصير الانتخابات. أقصى ما وصل إليه  في الشأن العام كانت رئاسة بلدية نيويورك. وهو منصب بارز في حدود ولايته وبقي اسم صاحبه محصوراً إلى حدّ بعيد، في دائرة النخب المالية والسياسية الضيقة. لتسويقه على مدى الولايات الخمسين يعوّل بلومبيرغ على إمكاناته الغزيرة لتمويل حملة تسويق لاسمه. فالمال يلعب دوراً هاماً في الانتخابات الأميركية. الدعاية الانتخابية مكلفة ولها تأثيرها في تغيير الموازين ولو بحدود.

بيرني ساندرز متقدم برغم ضعف تمويل حملته مقارنة بغيره مثل ترامب. خيار الناخب تؤثر فيه عوامل واعتبارات عديدة. بلومبيرغ يراهن على شراء هذا التأثير. في حساباته أن الفرصة متاحة لمساعدته في ذلك. فالرئيس ترامب سيخوض المعركة وهو معطوب بإدانة مجلس النواب في قضية أوكرانيا. وفريق المرشحين الديمقراطيين قد لا يقوى على إزاحته لضعف مقبولية رموزه: بايدن الأقوى حتى الآن، تحوم شكوك كثيرة حول قدرته على مواصلة تفوقه ومواجهة ترامب. وهكذا هو حال الآخرين، بيرني ساندرز، إليزابيث وارن، وبيتر بوتيجيغ، الذين تعترضهم عوائق سياسية أو شخصية. خلو الساحة من المرشح النجم، يفسح المجال أمام المرشح المتموّل مثل بلومبيرغ أن يلتقط الفرصة. وهو ليس الوحيد من هذا الصنف.

توم ستاير، ملياردير آخر يخوض المعركة كديمقراطي. تجاوزت كلفة حملته حتى الآن 30 مليون دولار مع أن تأييده لم يزل في حدود 2 في المائة ويصرّ على مواصلة المعركة بصرف النظر عن حجم كلفتها التي يقوى على تغطيتها بقدراته المالية الذاتية.

ظاهرة هجوم المال في السياسة ليست جديدة في الولايات المتحدة الأميركية لكنها استفحلت في العقد الأخير منذ أن شرعنت المحكمة العليا في عام 2010 فتح باب التمويل من دون حدود للمرشحين، تحت ستار أن ذلك هو شكل من أشكال حرية التعبير التي يكفلها الدستور. وقد أعطى هذا القرار القوى المالية العاتية المجال للإغداق على مرشحيها من دون حساب. فحسب الإحصاءات هناك الآن 100 ملياردير من أصل 705 في أميركا، يدعمون مرشحين من الحزب الديمقراطي لوحده، ناهيك عن الدعم الذي يحظى به الجمهوريون من هؤلاء المتمولين.


المال لا يضمن وحده فوز الرئيس في الولايات المتحدة الأميركية. على سبيل المثال كانت معركة جون كيري ممولة أكثر من معركة جورج بوش عام 2004. مع ذلك عجزت عن الحسم. لكن الظروف تغيرت بعد أن دشن ترامب دخول الملياردير إلى البيت الأبيض. مايكل بلومبيرغ يحاول تكرار التجربة "بشراء المنصب".