كورونا مصر: اتجاه لحظر تجول شامل وطوارئ في الجيش

كورونا مصر: اتجاه لحظر تجول شامل وطوارئ في الجيش

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
29 مارس 2020
+ الخط -
تأمل السلطات المصرية السيطرة على انتشار فيروس كورونا بين المواطنين، والمحافظة على معدل إصابات يمكن معه التعامل طبياً وفقاً للإمكانات المتاحة. وفيما تدرس الحكومة خيارات فرض حظر التجول التام، والذهاب إلى إجراءات المرحلة الثالثة من انتشار الفيروس قبل بدئها فعلياً، تعمل وزارة الدفاع على تنفيذ خطة وقائية لحماية وجوه الصف الأول من العدوى.
وفي سياق التواصل الصيني المصري، كشف مصدر دبلوماسي عن أنه جرى خلال الاتصال الأخير بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والمصري عبد الفتاح السيسي التوصل إلى اتفاق لإسقاط جزء من الديون المستحقة لبكين لدى القاهرة، مع إعادة جدولة باقي الديون المستحقة، وذلك في ظلّ الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها مصر جراء تنفيذ خطة مواجهة العدوى التي أثرت تأثيراً عنيفاً بالموازنة العامة للدولة.

تشديد الإجراءات

ومع زيادة نسبة المتوفين في مصر بفيروس كورونا الجديد من إجمالي حالات الإصابة المكتشفة في البلاد إلى 5.6 في المائة، بتسجيل 30 حالة حتى صباح أمس السبت، وارتفاع عدد الحالات إلى 536، تكثف السلطات المصرية جهودها في وضع آليات التعامل مع المرحلة الثالثة من انتشار الجائحة، التي حددت دخولها عند تسجيل الحالة رقم ألف، وإن كانت هناك مؤشرات تكشفها مصادر مختلفة تحدثت إلى "العربي الجديد" في الساعات الماضية، من مجلس الوزراء ووزارة الصحة، باحتمالية تطبيق السيناريو الثالث قبل الوصول إلى ألف حالة، ارتباطاً بعجز المنظومة الصحية عن تحقيق الاستفادة المثلى من حظر التجوال الجزئي المفروض حالياً.

وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد"، بدأ صُنّاع القرار في مصر ببحث إجراءات احترازية أقسى، بينها الحظر الكامل، في ظلّ تواصل معدلات انتشار العدوى، وسط حالات التكدس والزحام الشديد في وسائل المواصلات العامة قبيل الموعد المحدد لحظر التجول الجزئي في السابعة مساءً، الذي يستمر حتى السادسة صباحاً. وأشارت المصادر إلى أن جهات سيادية بدأت البحث عن حلولٍ متعلقة بالمحافظة على الحدّ الأدنى للخدمات، واستمرار الإنتاج والعمل في المصانع، تمهيداً لإعلان حظر شامل للتجول.
وكشفت المصادر عن اتصالات رفيعة المستوى قام بها مسؤولون في أجهزة سيادية مع كبار رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمصانع الكبرى في نطاق محافظات القاهرة الكبرى، التي تشمل العاصمة والجيزة والقليوبية، لتقليل ساعات العمل وجدولتها وتقسيم العاملين إلى ورديات، لمنع تكدسهم في المواصلات العامة خلال ساعات الذروة قبيل بدء الحظر. وأكدت المصادر أن تحذيرات شديدة اللهجة وجهت إلى رجال الأعمال كافة، في الوقت ذاته، من إقدام أيٍّ منهم على وقف النشاط خلال الفترة الحالية، أو وقف رواتب العاملين. وقالت المصادر إن استمرار معدلات الزحام في المواصلات العامة بالشكل الراهن سيهدم كل الجهود الخاصة بالإجراءات الاحترازية، موضحةً أنه في حال فشل جدولة المواعيد الخاصة بالموظفين والعمال في المصانع والشركات، لن يكون هناك مفر من تطبيق الحظر الشامل، على الأقل لمدة أسبوع.
وقالت المصادر إنه مع استمرار تجاهل معظم مؤسسات القطاع الخاص لمناشدات الحكومة، وعدم قدرته أو رغبته في اتخاذ خطوات لتخفيف الاستعانة بالعاملين، كما فعلت الجهات الحكومية، أو العمل من بعد، كما فعلت بعض مؤسسات الأعمال الذهنية والمحاسبية وغيرها، فإن استمرار وجود المواطنين بكثافة في محطات وقطارات مترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى، والتنقل على مدار ساعات السماح بين المحافظات عبر القطارات ووسائل النقل الأخرى، ينسف محاولات الدولة لمحاصرة المرض ووقف انتشاره.

وكشفت المصادر أن هناك تنسيقاً يومياً بين اللجنة المصرية العليا لمكافحة الفيروس ولجنة من خبراء صينيين عبر آلية الفيديو كونفرانس لمراجعة كل الإجراءات المصرية، مشيرة إلى أن الخبراء الصينيين الذين شاركوا في مواجهة المرض في بلادهم، أوصوا بضرورة حظر التجول الشامل منذ الأسبوع الخامس لانتشار المرض في مصر. 
وتحدثت مصادر رسمية مصرية عن بدء السلطات في إجراءات المرحلة الثالثة لمواجهة فيروس كورونا الجديد، وهي المرحلة الخاصة بتفشي انتشار العدوى، تحسباً لزيادة الأعداد. وبحسب مصدر رسمي، فإن "البدء في الإجراءات "لا يعني أننا وصلنا إلى مرحلة التفشي، ولكنه أمر احترازي، خصوصاً في ظلّ عدم القدرة على إجراء كشوف مبكرة عن الفيروس نظراً لضعف الإمكانات". وأضاف المصدر: "بالطبع، ندرك أن هناك إصابات غير مرصودة، لذلك جاءت خطوة الشروع في استعدادات المرحلة الثالثة".
وأكد المصدر بدء القوات المسلحة في إقامة مستشفيات ميدانية في عددٍ من المحافظات، كاشفاً أن قراراً صدر عن وزير الدفاع محمد زكي، بإقامة خمسة مستشفيات ميدانية في خمس محافظات اتسمت بزيادة أعداد الإصابات، في مقدمتها العاصمة القاهرة. وبدأ الجيش بإقامة مستشفى ميداني كبير في منطقة المعادي خلف المحكمة الدستورية العليا.
وكشف المصدر أن المرحلة الثالثة نفسها مقسمة إلى مراحل داخلية، مشيراً إلى أن هناك توجهاً إلى اللجوء لتخصيص عددٍ من الفنادق كوحدات للعزل، في ظلّ الإمكانات والبنية التحتية المتوافرة فيها لأداء تلك المهمة. وقال المصدر إن اللجوء إلى وحدات عزل خارجية بعيداً عن المستشفيات، هدفه تخفيف الضغط على المنظومة الطبية، بحيث يجري تدريب خدمات معاونة على التعامل مع المصابين من غير ذوي الحاجة لتقنيات متقدمة وأجهزة تنفس صناعي، في وحدات العزل، على أن تُنقل الحالات الخطرة التي تحتاج رعاية فائقة فقط إلى المستشفيات.
وأكد المصدر صحة الصور المتداولة لتجهيز إحدى المدارس لتصبح وحدة عزل، في حال الإعلان الرسمي، قائلاً: "هذا أمر طبيعي، الخطة تشمل المدارس والمستشفيات الميدانية للقوات المسلحة، والفنادق في مرحلة لاحقة"، مضيفاً: "هناك تفكير في المساجد نظراً للانتشار الكبير لها وكثرة أعدادها، ولكن أُلغي الأمر بعد التفكير فيه، نظراً لاحتياجها إلى تجهيزات كبيرة". وأوضح المصدر: "حالياً نحن في نهاية المرحلة الثانية ضمن خطة مواجهة انتشار الفيروس، التي تشمل التوسع في زيادة مستشفيات العزل بالمحافظات، على ألا تقل أعداد المستشفيات الخاصة بالعزل في كل محافظة عن 5 مستشفيات".
وعادت الحكومة مساء أول من أمس الجمعة إلى استخدام سلاح العزل الكامل للقرى، الذي حدث من قبل مع قريتي السماحية والكردود في مركز بلقاس في الدقهلية شرق الدلتا، مع قريتي القيس وأبو جرج بمركز بني مزار بمحافظة المنيا شمال الصعيد، وأُغلقَت كل الطرق المؤدية من القريتين الكبيرتين وإليهما، بعد اكتشاف نحو 21 حالة منهما، إلى جانب أكثر من 56 حالة اشتباه ومخالطة مباشرة.

وأوضحت المصادر أن هناك مناطق أخرى يجب فرض حظر كامل عليها، ولكن من الصعب تحقيق ذلك بسبب اندماجها الكامل مع مدن ومراكز كبيرة وتعدد طرق التواصل. ويُبحَث حالياً في جعل حظر التجول بهذه المناطق على مدار اليوم، بإشراف الشرطة، وذلك في محافظات دمياط والدقهلية والشرقية والمنوفية والغربية. وذكرت المصادر أن المعلومات التي حصلت عليها غرفة المتابعة المشتركة للأزمة في الاستخبارات العامة، أوضحت أن نحو 10 أشخاص من المؤكد وفاتهم إثر إصابتهم بالمرض من دون رصد أو تسجيل، دُفنوا من دون تشخيص أو إبلاغ بحقيقة الحالات، ومن دون أخذ الاحتياطات اللازمة، في دمياط والجيزة والمنيا. وجرى التعرف إلى ذلك من خلال اكتشاف إصابات في الساعات التالية لوفاة تلك الحالات، والتأكد من مخالطة المصابين الجدد لهم، الأمر الذي يفتح مجالاً واسعاً من احتمالات المخالطة وانتقال العدوى.

وعلى الرغم من تحسن القدرة على الكشف بسبب حظر التجوال من ناحية، وإمداد المستشفيات بالأجهزة والأموال اللازمة للتحليل من ناحية أخرى، تتحدث المصادر عن صعوبة أساسية تكمن في زيادة رقعة المخالطين بزيادة عدد المصابين، في اليومين الماضيين، وبصفة خاصة في بلقاس وشربين ومحلة انجاق بالدقهلية، والزقازيق بالشرقية، وميت بدر حلاوة بالغربية، وقسم أول وفارسكور بدمياط.

وبناءً على هذه التخوفات، أُخطرَت القوات المسلحة والمصالح الحكومية بضرورة تمديد الإجازات الإجبارية لقاطني الأماكن الموبوءة من 15 إلى 28 يوماً، أي فترة حضانة الفيروس مرتين، وذلك بعد اكتشاف نحو 20 حالة في مستشفيات العزل لا تزال إيجابية للفيروس بعد مرور فترة الحضانة الطبيعية، ما يجعل السلطات المصرية تشكك في مدى فاعلية البروتوكول العلاجي الذي أُقرّ بالتعاون مع الصين ومنظمة الصحة.

استنفار وزارة الدفاع
يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه مصدر رسمي آخر، عن صدور قرار من وزير الدفاع محمد زكي بوقف الإجازات داخل القوات المسلحة للمجندين، وذلك لمواجهة حالة القلق والذعر التي أصابت أعداداً كبيرة منهم بعد إعلان وفاة عدد من لواءات الصف الأول في القوات المسلحة، وفي مقدمتهم خالد شلتوت، رئيس أركان إدارة المياه، واللواء أركان حرب شفيع داوود، رئيس إدارة المشروعات الكبرى في الهيئة الهندسية. وأوضح المصدر أن أعداداً ليست بالقليلة من المجندين، كانوا يرفضون العودة من إجازاتهم بعد أنباء بشأن انتشار العدوى بين صفوف بعض الوحدات العسكرية، موضحة أنه صدرت تعليمات من زكي بإحالة أي مجند يرفض الانصياع للتعليمات والعودة من الإجازات على محاكمة عسكرية فورية، وتوجيه اتهامات رفض تنفيذ أوامر عسكرية.

وأشار المصدر إلى تنفيذ خطة طوارئ لتأمين قيادات الصف الأول للدولة والشخصيات "المهمة"، بتعقيم كل الفرق المعاونة المحيطة بهم واتباع بروتوكول وقائي صارم، لافتاً إلى أنه البروتوكول نفسه الذي اتُّبع مع المسؤولين في الصين وقت انتشار المرض هناك، مؤكداً قرب انتهاء إجراءات العزل الخاصة بعدد من المسؤولين البارزين في الدولة، من المدنيين والعسكريين. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية وثيقة مؤرخة في 26 من مارس/ آذار الحالي، تأكدت "العربي الجديد" من صحتها، تتناول الإجراءات الاحترازية التي اتخذها الجيش لمنع تسرب المرض للمعسكرات المغلقة، مؤكدة ما سبق أن نشرته "العربي الجديد" يومي 19 و24 من الشهر الحالي. إذ تُوقَف الإجازات الخاصة بالمجندين المنتمين إلى المناطق الموبوءة الموجودين في المعسكرات، وتُمدّد إجازاتهم إذا كانوا في الخارج 15 يوماً، ويُكشف على العائدين منهم إلى المعسكرات في آخر 72 ساعة، ويُعزَلون لمدة 15 يوماً بعد فحصهم طبياً في أماكن عزل خاصة.

وشملت المناطق الموبوءة كلاً من: قرى زنارة في مركز تلا، وغمرين في مركز منوف، والشهيد فكري في مركز بركة السبع من محافظة المنوفية، ومركزي دمياط وفارسكور في محافظة دمياط، وحيّي المنتزه وشرق في محافظة الإسكندرية، وقريتي الدغيمات ونجع الشيخ منصور في مركز قنا.
وحصلت "العربي الجديد" على وثيقة أخرى مؤرخة في 27 من مارس/ آذار الحالي، بتطبيق التحذيرات التي تحدثت عنها المصادر بزيادة فترة العزل والإجازات الإجبارية إلى 28 يوماً بالنسبة إلى المجندين المنتمين إلى قريتي القيس وصفط أبو جرج في مركز بني مزار بالمنيا، الأمر الذي سيُطبَّق بالتالي على جميع المناطق السابق تصنيفها موبوءة.

وعن آخر الاستعدادات لسيناريوهات المرحلة الثالثة، كشفت المصادر أنه استُقرَّ على معايير لتمييز الحالات، لتلافي ازدحام المستشفيات، أخذاً بالاعتبار أنه يُستَخدَم حالياً 11 مستشفى للعزل من أصل 26 حُدِّدَت سلفاً، وجارٍ تجهيز دورين في كل مستشفى حكومي على مستوى الجمهورية لعزل الحالات، إلى جانب اختيار عدد من المدارس والأراضي الفضاء لتحويلها إلى مستشفيات ميدانية عند اللزوم بإقامة هنغارات ومخيمات مؤقتة.
ومن بين المعايير التي اتُّفق عليها، عدم النقل الفوري لجميع الحالات إلى المستشفيات، بحيث يُكتفى بالعزل المنزلي مع صرف العلاج للمصابين الذين لا تظهر عليهم الأعراض المتقدمة، وإعطاء أولوية النقل إلى المستشفى للمصابين فوق 50 عاماً.




دلالات

ذات صلة

الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.
الصورة

منوعات

شهدت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، موجة من السخط والدهشة، بعدما قارن حالة المصريين في ظل التردي الاقتصادي بحالة أهالي قطاع غزة.
الصورة

سياسة

كشف تحقيق لصحيفة "ذا غارديان"، الاثنين، عن أن الفلسطينيين اليائسين لمغادرة قطاع غزة يدفعون رشاوى لسماسرة تصل إلى 10 آلاف دولار، لمساعدتهم على مغادرة القطاع.