إجرام الاحتلال يتواصل: النقب تودّع شهيداً جديداً

إجرام الاحتلال يتواصل: النقب تودّع شهيداً جديداً

19 يناير 2015
إضراب شامل في منطقة النقب (العربي الجديد)
+ الخط -

في الطريق إلى رهط، عاصمة البلدات العربية في النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، انتشرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية المتأهبة، أمس الأحد، على مشارف المدينة، التي كانت تستعد، لدفن جثمان ابنها الشهيد سامي خالد الجعار، الذي اغتالته رصاصة شرطي إسرائيلي بدم بارد، فسلبته الحياة عند تواجده برفقة أمه في ساحة البيت.

هي الشرطة نفسها، التي قتلت قبل نحو شهرين الشهيد خير حمدان، ابن قرية كفر كنا في الجليل، بدم بارد حين أطلق أحد عناصرها الرصاص عليه.

أما داخل رهط، فبدأت منذ الصباح التحضيرات لاستقبال آلاف المشيعين، من كافة أرجاء الداخل الفلسطيني، الذين وصلوا لوداع الجعار واستنكار الجريمة والتعبير عن غضب استوطنهم.

"كلنا سامي"، شعار رفعه الكثيرون، للتأكيد أن الرصاصة لم تكن مصوّبة نحو سامي فقط، ولكن نحو كل الجماهير الفلسطينية في الداخل، "فلو لم يكن سامي عربياً لما قُتل بهذه الطريقة ومن دون ذنب يذكر"، أكد الكثيرون لـ "العربي الجديد". شعارات على السيارات وفي الطرقات وعلى قمصان ارتداها كبار وصغار تحمل كلمة "حداد" وتعلن سامي شهيداً.

وكان الإضراب العام والشامل قد لاقى نجاحاً تاماً في منطقة النقب، أمس الأحد، في حين عمّ الإضراب السلطات المحلية فقط في البلدات العربية في الجليل والمثلث، ما أثار استياء أهل الجنوب، الذين عاتبوا القيادات العربية، مطالبين بإضراب عام وشامل في كافة المرافق.

وقال القائم بأعمال رئيس بلدية رهط عطا أبو مديغم، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن البلدية طلبت من الشرطة بشكل واضح تفادي الاحتكاك بالأهالي والشبان الغاضبين، وعدم الاقتراب من المدينة، لكنها قررت حشد قواتها بأعداد كبيرة على مشارفها، وهذا أمر من شأنه استفزاز مشاعر الشبان الساخطين أصلاً عليها، وخصوصاً بعد إنكارها لمسؤوليتها عن الجريمة. وزاد إبقاء الجثة منذ الخميس حتى الأحد في معهد التشريح من حالة التوتر.

فضلاً عن السخط على المؤسسة الإسرائيلية، لم يخفِ أبو مديغم "غضب أهل الجنوب الكبير، من قرار لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، بسبب عدم إعلان الإضراب العام والشامل في كل المجتمع العربي، والاكتفاء بإضراب للسلطات المحلية في الجليل والمثلث".

ووصف هذا القرار بأنه "هزيل، ولا يرتقي لمستوى الحدث الجلل والتاريخي بسقوط شهيد عربي في النقب، وهو تمييز بين دم شهيد من الجليل وآخر من النقب"، مشيراً إلى أنه "منذ فترة وجيزة اجتاح الإضراب بلادنا من الشمال إلى الجنوب يوم استشهد خير حمدان من كفر كنا، وهذا ما كان يجب أن يكون عليه الحال هذه المرة أيضاً، بل حتى كلمة شهيد لم تظهر في بيان المتابعة والقطرية، وذُكر بدلاً من ذلك ضحية وقتيل، وهذا سحب لوسام الشهادة من سامي الجعار".

حكاية من غرفة التعذيب

في خيمة العزاء، جلس خالد الجعار، والد الشهيد سامي، بيد مكسورة وأخرى اجتمعت عليها الأنابيب الطبية، يستقبل المعزين وبالكاد يقوى على الحراك.

وتحدث خالد الجعار لـ "العربي الجديد" عن "غرفة التعذيب" الإسرائيلية، حيث تم اعتقاله بعد استشهاد ابنه والتحقيق معه باستخدام الضرب وتكسير العظام والشتائم. وقال إنه تعرض للاعتقال هو وقريب له أثناء تواجدهما في العيادة التي نُقل ابنه إليها فور إصابته، "فقامت عناصر الشرطة بتكبيلنا بالقيود واقتيادنا إلى غرفة التحقيق في مركز لها في المنطقة، وهناك تم تعذيبنا بشكل فظيع"، مضيفاً "تعرضنا للضرب المبرح لمجرد تواجدنا مع ابني في العيادة، وزعم عناصر الشرطة أني قمت بمهاجمتهم، فكسروا يدي واستخدموا مسدس الصعق الكهربائي على جسدي من دون رحمة، وبصقوا علينا وشتمونا واتهمونا أننا من حركة حماس".

وأكد الجعار أن الموضوع لم ينتهِ بعد، "فقد قتلوا ابني وعذّبوني وخرجت من السجن بكفالة بعد تدخل رئيس بلدية رهط، وبدل أن يحاكموا الجاني يريدون استكمال محاكمتي لاحقاً"، سائلاً "أي ظلم هذا الذي نواجه هنا؟ حوّلوا الضحية إلى جلاد".

من جهته، استنكر مازن غنايم، القائم بأعمال رئيس لجنة المتابعة، ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، الاتهامات المنسوبة للّجنتين حول الكيل بمكيالين بشأن الإضراب.

وقال لـ "العربي الجديد" إنه "لا بد من الحذر من هكذا تصريحات، لأنها حساسة والأهم أنها غير واقعية، فنحن لا نفرّق بين دم ابن النقب والمثلث والجليل، ونعتز بصمود أهلنا في نقب التضحيات". أوضح أنه "في كفر كنا اتخذنا قراراً بالإضراب العام بعد اجتماع عقب جنازة الشهيد خير مباشرة، وفي حالة الشهيد سامي، حصل خلل يتعلق بعدم معرفة موعد الجنازة في بادئ الأمر، إثر تأجيل تشريح الجثة، وعليه تقرر عقد اجتماع بعد الجنازة مساء الأحد، سنحدد فيها قراراتنا، أما في ما يتعلق بذكر كلمة شهيد في بياننا فهو خطأ غير مقصود ونعتذر عنه".

وسبق أن استنكر غنايم الجريمة الإسرائيلية بحق الجعار، وتحدث عن سهولة الضغط على الزناد عندما يتعلق الأمر بفلسطينيي الداخل.