5 أسئلة بشأن البروتوكول الذي تتجه طهران للانسحاب منه الثلاثاء

5 أسئلة بشأن البروتوكول الذي تتجه طهران للانسحاب منه الثلاثاء

21 فبراير 2021
يمنح البروتوكول إمكانية الرقابة على البرنامج النووي للدول عن بعد (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه طهران إلى وقف تنفيذ البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، اعتباراً من الثلاثاء المقبل، بحال عدم رفع العقوبات عنها حتى ذاك اليوم، رافضة أي مبادرات لا تحقق هذا الشرط الأساسي، مع التهديد بأنها ستواصل خفض تعهداتها النووية حتى تعود أطراف الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا، إلى تنفيذ "كامل التزاماتها"، أي أن تقف هذه الأطراف في وجه العقوبات الأميركية وتبطل مفاعليها، وهو ما لم يحدث منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، أو أن تضغط على الإدارة الأميركية لرفعها، غير أن الأخيرة أكدت أنها لن ترفع العقوبات قبل الدخول في المباحثات، داعيةً إلى توسيع الاتفاق النووي بما يشمل ملف الصواريخ والسياسات الإقليمية لإيران، وهو ما تعتبره الأخيرة أيضاً "خطوطاً حمراء"، مؤكدة أنها "لن تتفاوض بشأن هذه القضايا".

ما هو البرتوكول الإضافي؟

أقرّ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو/أيار 1997، بروتوكولاً لاتفاق الضمانات، عُرف بالبروتوكول الإضافي النموذجي الوارد في الوثيقة INFCIRC/540 للمجلس. ويعود إعداد البروتوكول وإقراره إلى الجدل المثار بشأن البرامج النووية للعراق وليبيا وكوريا الشمالية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث وجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن اتفاقات الضمانات الملزمة قانونياً للدول الأعضاء في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية غير كافية للتحقق من سلمية البرامج النووية للدول، كونها تشمل أنشطة التفتيش والتحقق في المنشآت النووية المعلنة للدول فحسب.

سيخفض الإجراء التفتيشات والرقابة الأمميتين على البرنامج النووي الإيراني، لكن ذلك لا يعني طرد المفتشين الدوليين أو إنهاء التفتيشات، بل خفضها

 

وبحسب الموقع الإلكتروني للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن البروتوكول الإضافي ليس اتفاقاً قائماً بذاته، بل هو بروتوكول لاتفاقِ ضماناتٍ يوفر أدوات إضافية للتحقُّق. وعلى وجه الخصوص، فإن هذا البروتوكول يزيد بدرجةٍ كبيرةٍ من قدرة الوكالة على التحقُّق من الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في الدول المرتبطة باتفاقات ضمانات شاملة.

ويمنح البروتوكول الإضافي، الوكالة الدولية حقوقاً موسعة للحصول على المعلومات والدخول إلى المواقع في الدول. وبالنسبة للدول المعقود معها اتفاق ضمانات شاملة، يهدف البروتوكول الإضافي إلى سدّ الثغرات في المعلومات المبلغ عنها في إطار الاتفاق المذكور. ومن خلال تمكين الوكالة من الحصول على صورة أوفى عن البرامج النووية لمثل هذه الدول، وخططها، وأرصدتها من المواد النووية، وتجارتها النووية، يزيد البروتوكول الإضافي من قدرة الوكالة على تقديم ضمانات أكبر بكثير بشأن عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في تلك الدول.

كما يمنح البروتوكول الإضافي إمكانية الرقابة على البرنامج النووي للدول عن بعد من خلال تركيب كاميرات، فضلاً عن أن مفتشي الوكالة الدولية بمقدورهم أخذ عينات بيئية من مواقع يشتبه بممارسة أنشطة نووية. 

ما هي آليات البروتوكول الإضافي؟

يتكون البروتوكول الإضافي من 18 مادة ومرفقين. هذه المواد والمرافق تنظم العلاقة بين البروتوكول واتفاق الضمانات، وأطر العمل والتعاون بين الدولة المعنية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتمكين مفتشي الوكالة من القيام بأنشطة التفتيش والتحقق وفق البروتوكول، الذي يكتسب أهمية كبيرة تتجاوز أحياناً أهمية اتفاق الضمانات، حيث تنصّ المادة الأولى للبروتوكول الإضافي على أنه في حال تنازع أحكام اتفاق الضمانات مع أحكام هذا البروتوكول، فإن أحكام هذا البروتوكول هي التي تنطبق.

في المادة الثانية بعنوان "توفير المعلومات"، يلزم البروتوكول الإضافي الدولة الموقعة عليه، تقديم المعلومات بشأن الحالات المنصوص عليها في المادة، مثل "وصف عام لأنشطة البحوث الإنمائية المتعلقة بدورة الوقود النووي"، و"بشأن الأنشطة التشغيلية ذات الصلة بالضمانات المضطلعة بها في مرافق وفي أماكن خارج المرافق يشيع فيها استخدام مواد نووية"، و"مكان مناجم ومصانع تركيز اليورانيوم ومصانع تركيز الثوريوم وحالتها التشغيلية وقدرتها الإنتاجية التقديرية السنوية"، ومعلومات أخرى تطلبها الوكالة من الدولة المعنية تزويدها بها بموجب المادة الثانية من البروتوكول.

وفي المادة الثالثة، يحدّد البروتوكول الإضافي مواعيد وتواريخ لاستلام المعلومات التي طلبتها الوكالة بموجب المادة الثانية، مع بدء نفاذ البروتوكول أو مواعيد سنوية لتقديم استيفاءات لمعلومات محدّدة.

أما المادة الرابعة بعنوان "المعاينة التكميلية"، وهي مادة تكتسب أهمية كبيرة، فتمنح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حقوقاً للوصول إلى أي مكان وموقع بشكل مفاجئ، "على أساس انتقائي من أجل التأكد من عدم وجود أي مواد نووية أو أنشطة نووية غير معلنة"، أو "من أجل حسم أي تساؤل يتعلق بصحة واكتمال المعلومات المقدمة" أو "من أجل حسم أي تضارب بشأن المعلومات".

وبشأن هذه المعاينات والوصول إلى الأماكن والمواقع، تعطي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إخطاراً مسبقاً قبل 24 ساعة على الأقل، باستثناء الحالة التي ترتبط بـ"حسم أي تساؤل يتعلق بصحة واكتمال المعلومات المقدمة" أو "حسم أي تضارب بشأن المعلومات".

وأحياناً في بعض الحالات، تكون مدة الإخطار المسبق ساعتين أو حتى أقل من ساعتين "في ظروف استثنائية". لكن الإخطار يجب أن يكون مكتوباً ويحدد أسباب المعاينة والأنشطة اللازم تنفيذها أثناء تلك المعاينة.

وبقية المواد تتناول تسمية مفتشي الوكالة الدولية للقيام بتنفيذ المهام المنصوص عليها في البروتوكول الإضافي ومسألة التأشيرات والترتيبات الفرعية وقضايا أخرى.

متى قبلت إيران بالبروتوكول الإضافي؟ 

الدول الأعضاء بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ليست ملزمة بالانضمام إلى هذا البروتوكول، لكن بعض هذه الدول بما فيها إيران، والتي لديها ملفات نووية مفتوحة لدى الوكالة، يبقى الجدل بشأن برامجها النووية مستمراً ما لم يتم حسم القضايا العالقة، ولأجل ذلك سنّ مجلس محافظي الوكالة البروتوكول الإضافي عام 1997.

بعد انسحاب إيران من البروتوكول الإضافي، يوم الثلاثاء المقبل، ستكون معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، المعروفة اختصاراً بـNPT واتفاق الضمانات المحلق بالمعاهدة، هما الناظمان للتعاون والعلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية

 

وقعت إيران لأول مرة عام 2004 "طوعاً" على البروتوكول الإضافي أثناء زيارة وزراء خارجية الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، طهران في هذا العام في عهد الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي، وعندما كان الرئيس الحالي حسن روحاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وذلك كبادرة حسن النية لحلحة أزمة الملف النووي، لكنها لم تشكل اختراقاً، لتنسحب طهران من البروتوكول عام 2006 احتجاجاً على إحالة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن الدولي. ثم عاودت التوقيع على البروتوكول الإضافي "طوعاً" كجزء من الاتفاق النووي المبرم مع المجموعة السداسية الدولية خلال عام 2015.

وأثار الانضمام إلى البروتوكول جدلاً كبيراً في الداخل الإيراني، وسط انتقادات حادة من المحافظين الذين اعتبروا أن ذلك يشكل مدخلاً لدخول المفتشين الدوليين المتهمين من وجهة نظرهم بأنهم "جواسيس" للولايات المتحدة وإسرائيل، إلى المنشآت العسكرية الإيرانية، علماً بأن الانضمام إلى البروتوكول الإضافي كان قراراً حكومياً، ولم يحظَ بعد بموافقة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران.

لماذا توقف إيران العمل بالبروتوكول الإضافي؟ 

يأتي وقف تنفيذ البروتوكول بموجب القانون الذي أقرّه مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران 2 ديسمبر/كانون الأول بعنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" الأميركية المفروضة على إيران منذ عام 2018، مما يعني أن طهران تنظر إلى الانسحاب من البروتوكول كـ"إجراء استراتيجي" للضغط على أطراف الاتفاق النووي والولايات المتحدة الأميركية المنسحبة منه لرفع العقوبات عنها، والتي أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني وأحدثت أزمة اقتصادية في البلاد.

وينصّ القانون في بنده السادس على وقف العمل بالبروتوكول الإضافي بعد شهرين من إقراره النهائي، فأعلنت السلطات أن الموعد هو يوم 23 فبراير/شباط الحالي في حال عدم رفع العقوبات في هذا التاريخ.

ويتكوّن القانون من تسعة بنود تلزم الحكومة الإيرانية باتخاذ إجراءات نووية، تلغي جزءاً كبيراً من التعهدات الإيرانية المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم بين طهران والمجموعة الدولية عام 2015، ويعيد ذلك البرنامج النووي الإيراني إلى مرحلة ما قبل التوصل إلى هذا الاتفاق.

وأهم ما نفذته الجمهورية الإسلامية حتى الآن من بنود القانون كان رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة في وقت سابق من الشهر الحالي، والتلويح برفع التخصيب إلى أكثر من ذلك "في حال استدعت الحاجة"، فضلاً عن الشروع بإنتاج اليورانيوم المعدني أخيراً وفق تأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وستقدم طهران بموجب القانون، على خطوات نووية أخرى خلال شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان المقبلين، إن لم ترفع العقوبات، منها "تدشين مصنع إنتاج اليورانيوم المعدني" وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي، وإحياء قلب مفاعل أراك للماء الثقيل، والذي تم تعطيله بالإسمنت بموجب الاتفاق النووي، وبناء مفاعل جديد للماء الثقيل بـ40 ميغاواط لإنتاج نظائر إشعاعية (Synthetic radioisotope).

ما مصير الرقابة الأممية على البرنامج النووي الإيراني بعد تعليق البروتوكول؟ 

بعد انسحاب إيران من البروتوكول الإضافي، يوم الثلاثاء المقبل، ستكون معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، المعروفة اختصاراً بـNPT واتفاق الضمانات المحلق بالمعاهدة، هما الناظمان للتعاون والعلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعليه فلن يكون بمقدور الوكالة القيام بتفتيشات مفاجئة، وما كانت تقوم به من أنشطة التحقق والتفتيش بموجب البروتوكول.

لذلك، سيخفض الإجراء التفتيش والرقابة الأمميين على البرنامج النووي الإيراني، لكن ذلك لا يعني طرد المفتشين الدوليين أو إنهاء التفتيش، بل خفضه.

وفي السياق، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مساء أمس السبت للتلفزيون الإيراني، إن بلاده "ستوقف فقط التفتيش بموجب البروتوكول الإضافي، لكنها ستبقي على التفتيش بموجب التزاماتها حسب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية"، مضيفاً أن ذلك "لا يعني طرد المفتشين الدوليين بل فقط يتم خفض التفتيش". وصرّح بأنه "سيتم خفض رقابة الوكالة الدولية بين 20 إلى 30 في المائة"، حسب قوله.

وترهن طهران العودة عن خطواتها النووية المنتهكة للتعهدات المنصوص عليها بالاتفاق النووي، بعودة بقية الأطراف والولايات المتحدة الأميركية إلى تنفيذ التزاماتها، أي رفع العقوبات، والتحقق من ذلك على أرض الواقع.