الديمقراطية في سورية قبل حكم عائلة الأسد

الديمقراطية في سورية قبل حكم عائلة الأسد

03 يونيو 2014
خمسة عقود والكلمة العليا لأجهزة الأمن (جوزف عيد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

كانت سورية من الدول العربية السباقة الى خوض التجربة الديمقراطية الحديثة عبر الأحزاب والكيانات السياسية والانتخابات الحرة النزيهة، وهي تجربة قطعها قسراً استيلاء حزب "البعث" على السلطة عام 1963، والذي اسُتكمل بانقلاب حافظ الأسد عام 1970. فيما سمي الحركة التصحيحية، لتقتطع خمسة عقود من عمر البلاد، أُقصي على امتدادها المجتمع عن السياسة، وكانت الكلمة العليا خلالها لأجهزة الأمن.

بدأت الحياة السياسية بالمعنى الحديث في سورية خلال الانتداب الفرنسي (1946-1920)، وظهرت آنذاك العديد من الأحزاب، كان أبرزها "الكتلة الوطنية"، التي كانت في صراع مع القوى التقليدية والشخصيات المستقلة المتحالفة مع سلطات الانتداب.

وبعد الاستقلال انقسمت "الكتلة الوطنية" إلى حزب "الشعب" والحزب "الوطني"، وظل "الشعب" في السنوات التالية هو المهيمن في الانتخابات النيابية، ثم في المرتبة الثانية "الوطني"، قبل أن ينازعه على هذه المرتبة "البعث" اعتباراً من منتصف الخمسينات.

في عام 1949، وفي سياق التجاذبات الإقليمية وسياسة المحاور بين السعودية والعراق، وبفعل النقمة على الزعامات السياسية التقليدية التي جرى تحميلها مسؤولية النكبة وقيام إسرائيل، تلقت الديمقراطية في سورية أولى الضربات القوية، بقيام أول انقلاب عسكري في البلاد بقيادة حسني الزعيم، الذي حكم البلاد أقل من خمسة أشهر، قبل أن ينقلب عليه سامي الحناوي، الذي سرعان ما أطاحه العقيد، أديب الشيشكلي.

استمر حكم الشيشكلي، حتى عام 1954، عندما أجبرته المعارضة الشعبية المتزايدة على الاستقالة ومغادرة البلاد إلى لبنان ومنها إلى السعودية.

مع تواري الشيشكلي، أعيدت الحكومة الوطنية وعادت الحياة الديمقراطية تدريجياً، لكنها واجهت اضطرابات عدة، وعصفت بها مجدداً سياسة المحاور الإقليمية والدولية، لكنها عاشت تجربة ديمقراطية فريدة خاصة في انتخابات 1954 التي تعد أهم انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد.

بعد هذه الفترة الذهبية من الحياة السياسية النشطة في البلاد بين عامي 1954 و1958، كانت الوحدة السورية المصرية التي حظيت بدعم من غالبية القوى السياسية والشعب السوري آنذاك.

وبموجب استفتاء أجري في فبراير/شباط من عام 1958، أصبح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، رئيساً للجمهورية العربية المتحدة، التي كانت سورية إقليمها الشمالي.

غير أن تجربة الوحدة لم تدم طويلاً، ففي سبتمبر/أيلول 1961، وقع انقلاب بقيادة عبد الكريم النحلاوي، أعلن بموجبه انفصال سورية عن مصر، وبعد أن تم انتخاب برلمان جديد، اختير ناظم القدسي رئيساً لجمهورية سورية في حكومة الانفصال بين عامي 1961 و1963.

ففي عام 1963، وبموجب انقلاب جديد، وصل حزب "البعث العربي الاشتراكي" إلى السلطة، وحكم سورية بشكل مؤقت لؤي الأتاسي، ثم أعقبه أمين الحافظ، الذي حكم من يوليو/تموز 1963، وحتى فبراير/شباط 1966، حين أطاحه انقلاب أفرزته الصراعات داخل قيادة "البعث" التي دفعت بنور الدين الأتاسي، رئيساً للجمهورية.

بعد وصول "البعث" إلى السلطة، توقفت التعددية السياسية، وحُلّت جميع الأحزاب، ما عدا بعض الأحزاب الصغيرة، ذات التوجهات اليسارية والقومية، والتي انضوت لاحقاً في إطار ما سمي "الجبهة الوطنية التقدمية" التي أسسها حافظ الأسد، لاحتواء أحزاب المعارضة تحت قيادة حزب "البعث" الحاكم.

وفي عام 1970، عزل الأسد، بصفته وزيراً للدفاع، الأتاسي، وعين أحمد الخطيب، رئيساً مؤقتاً للبلاد حتى فبراير/شباط 1971، حين أحكم قبضته على السلطة وزج بخصومه، وفي مقدمهم صلاح جديد، في السجون، بينما هرب آخرون إلى لبنان ومنهم محمد عمران، الذي اغتيل في طرابلس عام 1972، وإبراهيم ماخوس، الذي كان وزير خارجية سورية آنذاك.

ومع وصول الأسد، إلى السلطة في فبراير/شباط 1971، ظل في منصب الرئاسة حتى وفاته عام 2000، وعندها سارع مجلس الشعب إلى تعديل الدستور على عجل ليسمح لنجله بشار الأسد، بالوصول إلى سدة الحكم، وهو ما تم بالفعل في 17 يوليو/تموز عام 2000.

ويقول مراقبون: إن أول انتخابات فعلية حصلت في سورية هي انتخابات الجمعية التأسيسية عام 1928، وباستثناء استفتاءات حسني الزعيم، وأديب الشيشكلي، والوحدة مع مصر، فإن جميع الانتخابات كانت نزيهة.

ولم تعرف سورية انتخابات ديمقراطية منذ تولي حزب "البعث" السلطة عام 1963، وقبل ذلك تم تنظيم انتخابات ديمقراطية في عام 1943، ونوفمبر/تشرين الثاني 1949، وسبتمبر/أيلول 1954، ومايو/أيار 1957 وديسمبر/كانون الأول 1961.

وتوالى على رئاسة سورية 29 رئيساً خلال 82 عاماً، منها 43 عاماً لعائلة الأسد، وهم محمد علي العابد من 1932 الى 1936، هاشم الأتاسي (المرة الأولى) من 1936 الى 1939، ناصوحي سالم البخاري (لأشهر معدودة في 1939)، بهاء الدين الخطيب من 1939 الى 1941، (رئيس مجلس المفوضين الاحتلال الفرنسي)، خالد العظم (لأشهر معدودة في 1941)، الشيخ تاج الدين الحسيني من 1941 الى 1943، جميل الألوسي (لأشهر معدودة في 1943)، عطا الأيوبي (لأشهر معدودة في 1943)، شكري القوتلي (المرة الأولى) من 1943 الى 1949، حسني الزعيم بانقلاب عسكري في 1949، محمد سامي حلمي الحناوي بانقلاب عسكري في 1949، هاشم الأتاسي من 1949 الى 1951، أديب الشيشكلي (المرة الأولى)، يوم واحد في 1951، فوزي السلو من 1951 الى 1953، أديب الشيشكلي (المرة الثانية) من 1953 الى 1954، مأمون الكزبري (المرة الأولى)، ثلاثة أيام انتقالية في 1954، هاشم الأتاسي من 1954 الى 1956، شكري القوتلي من 1955 الى 1958، جزء من الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر، من 1958 الى 1961، مأمون الكزبري (المرة الثانية، ولأشهر معدودة في 1961)، عزت أنوس (لأشهر معدودة في 1961)، ناظم القدسي من 1961 الى 1963 انتهت بانقلاب وتسلم حزب البعث السلطة، لؤي الأتاسي (لأشهر معدودة في 1963)، محمد أمين الحافظ من 1963 الى 1966، نور الدين الأتاسي من 1966 الى 1970 انتهى بانقلاب (الحركة التصحيحية)، أحمد الحسن الخطيب من 1970 الى 1971، حافظ الأسد من 1971 الى 2000، عبد الحليم خدام (رئيساً لأسبوع بالوكالة)، بشار حافظ الأسد من 2000 الى اليوم.