النظام السوداني يحاصر المعارضة: طلب أمني بتجميد حزب الأمة

النظام السوداني يحاصر المعارضة: طلب أمني بتجميد حزب الأمة

17 يناير 2015
قررت المهدي المواجهة (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
طالب الأمن السوداني "مجلس الأحزاب"، بتفعيل سلطاته في تجميد نشاط حزب "الأمة" المعارض بزعامة الصادق المهدي، عبر شكوى دفع بها للمجلس أخيراً، "بسبب إقدام الحزب على توقيع إعلان باريس ونداء السودان مع الجبهة الثورية، التي تضمّ فصائل الحركة الشعبية قطاع الشمال، والحركات المسلّحة الدارفورية". في خطوة تصعيدية جديدة قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة في البلاد.

وحملت شكوى الأمن، الصادرة في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وحرّكها عملياً "مجلس الأحزاب"، يوم الأحد، جملة اتهامات للحزب، من بينها "التحالف مع حركات تحمل السلاح ضد الحكومة، وإسقاط النظام". الأمر الذي اعتبره الأمن، أنه "يتنافى مع دستور البلاد وقانون مجلس الأحزاب". ويتيح "قانون الأحزاب" للمجلس، الحق في النظر في الشكاوى التي تصله، في شأن تجميد نشاط أي حزب أو حرمانه من الدخول في انتخابات، بعد موافقة ثلثي أعضائه.

وفي المقابل، رفض حزب "الأمة" الخطوة، وعدّها تغوّلاً على حرية الأحزاب، مع إقراره بتلقّيه خطاباً من "مجلس الأحزاب"، في 11 يناير/كانون الثاني الحالي، يستفسره فيه بشأن الاتهامات الواردة في الشكوى، والردّ عليها خلال أسبوع كحدّ أقصى.

وكشفت نائب رئيس حزب "الأمة" مريم الصادق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حزبها سيتعامل مع الشكوى وفقاً لمسارين، سياسي وقانوني". وأشارت لطلب دفعه حزبها إلى "مجلس الأحزاب، لمنحهم مهلة شهر للردّ على تلك التهم". وذكرت أن "الخطوة في حدّ ذاتها كانت متوقعة، بالنظر للتشويهات الدستورية التي تمّت على الدستور الانتقالي أخيراً". في إشارة إلى التعديلات التي أدخلها البرلمان، ووسّعت من صلاحيات "جهاز الأمن".

وقالت إن التعديلات "تأتي في إطار سلسلة البلاغات التي فتحت في مواجهة رئيس الحزب الصادق المهدي، بتقويض النظام الدستوري، فضلاً عن البلاغات التي فتحت في مواجهة رئيس هيئة تحالف المعارضة فاروق أبو عيسى، والناشط في المجتمع المدني أمين مكي مدني، بسبب التوقيع على اتفاق نداء السودان مع الجبهة الثورية". ودافعت الصادق، بشدة عن "إعلان باريس" و"نداء السودان". ورأت في اختيار النظام في الخرطوم لحزب "الأمة" ليواجهه، "مجالاً مفتوحاً لتعليم النظام درساً في الوطنية وفي سيادة حكم القانون".

وسبق أن أقدم الأمن في سبتمبر/أيلول من العام 2011، على حظر نشاط "الحركة الشعبية قطاع الشمال"، وصودرت ممتلكاتها على خلفية الحرب التي قادتها ضد الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

ويخشى مراقبون، من أن تؤدي الخطوة للعودة إلى ما كان أيام النظام الأولى، بعد الانقلاب، في عام 1989. لا سيما وأن من شأن الخطوة أن تطال جميع أحزاب تحالف المعارضة، التي وقّع عنها رئيس الهيئة فاروق أبو عيسى، على "نداء السودان". ولا يزال أبو عيسى مسجوناً حتى الآن.

واعتبر مراقبون أن "القصد من الخطوة هو الضغط على الصادق المهدي وإجباره على العودة للخرطوم، والتراجع عن إعلان باريس ونداء السودان، لا سيما وأن النظام يرى أن المهدي يمنح الحركات المسلحة الغطاء السياسي، وهو ما لا تريده الخرطوم".

ويرى المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "من شأن الخطوة أن تقود إلى ارتداد كامل في المشهد السياسي، سيترتب عليه تنامي وزيادة الاحتقان السياسي". وأوضح أن "المشهد الآن يسير نحو حالة انسداد. والحكومة تعتقد أنها تمكنت من كسر شوكة الحركات المسلحة، عبر العمليات العسكرية التي تقودها ضدهم. وستنظر بالتالي للخطوة التالية، على أساس الانقضاض عليهم سياسياً، إما بإجبارها على قبول تسوية سياسية بشروط الحكومة، أو إذا فقدت قوتها العسكرية وباتت من دون غطاء سياسي، إذ ستصبح من دون قيمة، لا سيما بعد تحجيم حلفائها في الداخل".

في السياق، وجّه الأمين السياسي لـ"المؤتمر الشعبي" المعارض كمال عمر، انتقادات لاذعة لخطوة الأمن. وأكد أنها "ستزيد من إرباك المشهد السياسي". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الخطوة لا تتفق مع حرية العمل السياسي، ولا مع الحق الدستوري والقانوني للأحزاب في ممارسة نشاطها". واعتبرها "مجرّد محاولة للضغط على الحزب"، مؤكداً أنهم "أبلغوا حزب الأمة تضامنهم معهم". وأوضح أنه "على الرغم من تحفظاتنا على نداء السودان، إلا أن قضية الحريات بالنسبة لنا خط أحمر، لذلك نحن على استعداد كامل، للوقوف مع حزب الأمة ضد هذا الإجراء قانونياً وسياسياً وأبلغناهم بذلك".

يُذكر أنه في الأيام الأولى للنظام الحالي، أي في العام 1989، صدرت جملة مراسيم دستورية، كان من ضمنها حلّ الأحزاب السياسية وإيقاف نشاطها الحزبي. وظلّت الأحزاب محظورة حتى العام 1998، عند إجازة قانون "التوالي السياسي"، الذي رفضته الأحزاب المعارضة، ومن بنيها حزب "الأمة"، والحزب الشيوعي والحزب الاتحادي.

وتمّ تعديل القانون في العام 2000، عبر تخفيف شروط تسجيل الأحزاب، لفتح المجال أمام الأحزاب التاريخية المعارضة للتسجيل وممارسة نشاطها السياسي، ومع توقيع اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السلام في 2005، شهد النشاط الحزبي انفراجاً واسعاً.

المساهمون