انتصارات سنجار والرمادي لمحاصرة "داعش" بالموصل قبل نهاية العام

انتصارات سنجار والرمادي لمحاصرة "داعش" بالموصل قبل نهاية العام

14 نوفمبر 2015
أيزيديون يحتفلون بتحرير مدينتهم سنجار (جون مور/getty)
+ الخط -
انتقلت القوات العراقية، ومعها البشمركة والعشائر، من موقع الدفاع إلى الهجوم، بحيث بينت المعطيات الأخيرة، وآخرها تحرير مدينة سنجار، والتقدم نحو الرمادي، أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خسر خلال شهر واحد نحو 90 كيلومتراً مربعاً، من مناطق سيطرته في البلاد، وسط مواصلة التقدّم نحو تحرير بقية المناطق، بدعم جوّي أميركي. وفيما بدأت الأصوات تتحدث عن بداية النهاية لـ"داعش"، تشير التوقعات إلى أنّ هذا النصر عجّل فيه العنصر الأميركي الذي قد يهدف إلى قطع الطريق أمام روسيا، وتقليص نفوذ إيران.

اقرأ أيضاًعملية تحرير سنجار العراقية: العين على الموصل والرقة

وتتضمن المناطق التي خسرها "داعش" بلدات ومناطق في الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وسط انتقال ثلاثة من تشكيلات القوات العراقية المشتركة من حالة الدفاع إلى الهجوم، ممثلة بالجيش النظامي، وتحديداً خمس فرق عسكرية دون سواها، وأبناء العشائر السنية وقوات البشمركة الكردية، من خلال دعم أميركي مفتوح بالسلاح والعتاد ومظلات جوية، تعتبر الأوسع من نوعها منذ بدء التحالف الدولي عمله في العراق، وسط تهميش وتراجع واضح لدور مليشيات "الحشد الشعبي"، الموالية لإيران.

وجاء تحرير سنجار بطعم "انفصال كردي" عن محافظة نينوى ذات الغالبية العربية، علماً أنها ثاني أكبر مدن نينوى وعاصمتها الموصل بالتزامن مع تحرير بلدة البو حيّات غرب العراق وبدء الهجوم الواسع لاستعادة الرمادي بخطة أميركية تشرف عليها قاعدة التقدم الأميركية في الحبانية شرق الرمادي. ويتوقع أن يكون تحرير سنجار على يد قوات البشمركة الكردية مصدر مشاكل جديدة بعدما كشف رئيس إقليم كردستان، "الفاتح" مسعود البرزاني، عن نيته تحويل القضاء إلى محافظة مستقلة عن نينوى، وهو ما يؤشر إلى المزيد من التوسع الكردي على حساب ما تبقى من العراق الموحد.

وتفتح سلسلة انكسارات تنظيم "داعش" في العراق الباب أمام الكثير من التساؤلات حول رغبة أميركية في تحقيق نصر يحسب لصالحها بالبلاد، بغرض قطع الطريق أمام الأطماع الروسية للدخول إلى بغداد، من بوابة القضاء على "داعش"، مدعومة من الأحزاب الحليفة لإيران، وسط معارضة من رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس الجمهورية الكردي فؤاد معصوم.

وأُعلن صباح أمس، بإشراف مباشر من رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، عن تحرير مدينة سنجار بمحافظة نينوى الواقعة على بعد 100 كيلومتر من الموصل، والتي تربط العراق بسورية، وتعدّ أحد أهم خطوط الاتصال بين البلدين بالنسبة إلى التنظيم. وقال البرزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في سنجار: "في هذا اليوم التاريخي سجلت قوات البشمركة ملحمة تاريخية وأنا هنا للإعلان عن تحرير سنجار".

وبحسب بيان لخلية الإعلام الحربي التابعة للحكومة العراقية، فإنّ قوات البشمركة اقتحمت سنجار من محورين؛ الشرقي والغربي، وسيطرت على مركز المدينة بعد انسحاب مقاتلي "داعش" شمالاً، حيث مدينة البعاج المجاورة التي لا يزال يسيطر عليها.

واندفع الآلاف من مقاتلي "البشمركة" إلى المدينة مدعومين بدبابات ودروع حديثة تسلمتها القوات أخيراً من ألمانيا والولايات المتحدة، تحت مظلة واسعة من طيران أميركي فرنسي، ساهم في حسم المعركة قبل تقدم القوات البرية على الأرض، بحيث شن أكثر من سبعين غارة بواسطة قنابل ارتجاجية وصواريخ فراغية، أسهمت في تعطيل خطوط دفاعات "داعش"، وتدمير غالبية مواقع مقاتليه، وخصوصاً الجبلية، والتي كانت نقطة قوة له قبل قصفها جواً.

وفي الأنبار، أعلن قائد قوات الجيش اللواء إسماعيل المحلاوي السيطرة على بلدة البو حيّات قرب مدينة حديثة غرب الأنبار، بعد معارك استمرت ليومين بين الجيش وعشيرة الجغايفة السنية، من جهة، وتنظيم "داعش"، من جهة أخرى.

وقال المحلاوي لـ"العربي الجديد" إن العمليات لا تزال مستمرة لاسترداد بلدات مجاورة من التنظيم بدعم مباشر من مقاتلات التحالف الدولي.

إلى الرمادي

يأتي ذلك مع بدء قوات مشتركة من الجيش وأبناء العشائر والشرطة المحلية في الأنبار عملية التقدّم نحو مركز مدينة الرمادي، عاصمة الأنبار، لاستردادها من التنظيم. وبحسب بيان صدر عن وزارة الدفاع العراقية، فإن القوات المشتركة حققت تقدماً من محور المدينة الشمالي والشرقي، ويُتوقع حسم المعركة سريعاً.

ووفقاً للضابط بمديرية استخبارات وزارة الدفاع العميد الركن محمد إسماعيل الموسوي لـ"العربي الجديد"، فإن التنظيم خسر نحو 90 كيلومتراً خلال شهر. وقال الموسوي إن "مجموع الأراضي التي فقدها (داعش) بلغت 90 كيلومتراً تقريباً، من الأنبار ونينوى وصلاح الدين، من بينها 30 كيلومتراً عبارة عن مدن وقرى مأهولة بالسكان والأخرى مناطق صحراوية وزراعية وجبلية". وبين أنّ "الولايات المتحدة زادت من ضغطها العسكري أخيراً بشكل يعدل ثلاثة أضعاف عما كانت عليه، وهذا سبب مباشر في التقدّم الحالي".

خطة للتحرير خلال أسابيع

وفي الإطار، كشف مسؤول حكومي رفيع في بغداد عن خطط لتحرير بلدات ومناطق أخرى قبل نهاية العام الحالي بوعد أميركي لرئيس الحكومة. وقال وزير عراقي بارز في حكومة حيدر العبادي لـ"العربي الجديد" إن "واشنطن رفعت وتيرة طلعاتها الجوية إلى أكثر من خمسين غارة يومياً كمعدل طلعات منطلقة من قاعدة انجرليك التركية ومن الكويت".

وأضاف أن "الدعم الأميركي ينحصر بخمس فرق عسكرية دون سواها في الجيش العراقي، فضلاً عن 18 ألف عنصر من أبناء العشائر بالأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، إضافة الى البشمركة".

وبيّن أنّ "هذا الدعم شمل أسلحة حديثة وصواريخ ذكية وذخيرة ودعماً جوياً للأصناف الثلاثة، في الوقت الذي لا تزال واشنطن تتحفظ على التعامل مع المليشيات المعروفة باسم (الحشد الشعبي) لأسباب سياسية معروفة. لكن تبقى المليشيات مستفيدة من الغطاء الأميركي بالمناطق التي تمثل ساحات قتال مع (داعش)".

انتصارات "أميركية"

ويرى مراقبون أن تراجع "داعش" في العراق تم بإرادة أميركية واتفاق مع رئيس الحكومة، بهدف منحه المزيد من القوة السياسية بعد ترنح حكومته، فضلاً عن صدّ أي تدخل روسي محتمل في العراق. في حين يرى آخرون أن الهدف من وراء تكثيف واشنطن عملياتها ضد "داعش" في العراق، هو تهميش المليشيات مقابل منح دور أكبر للجيش النظامي والعشائر والبشمركة.

ويقول الخبير بالشؤون الأمنية العراقية اللواء الركن المتقاعد حسن عبد الحميد الدراجي لـ"العربي الجديد"، إن الانتصارات الأخيرة على (داعش) أميركية صرفة؛ فمثل تلك الهجمات تكررت عراقياً، لكن من دون دعم أميركي وفشلت في سنجار في فبراير/شباط الماضي، ثم يونيو/حزيران من نفس هذا العام، وكذلك في الرمادي وبيجي والصينية بصلاح الدين.

ويضيف الدراجي أن "إيران باتت تقوم بدور المتفرج تقريباً في المعارك مقابل الدور الأميركي". ويبين أن "الانتصارات الأخيرة ستجعل من واشنطن لاعب الضرورة في العراق الذي لا غنى عنه، وسيساهم في تراجع دور (الحشد)، وبالتالي تراجع دور إيران".

سحب "داعش" من سورية

في السياق، يؤكد القيادي في الحزب الشيوعي العراقي حسام السعدي ضرورة وضع احتمال محاولة واشنطن استفزاز "داعش" لدفعه إلى إرسال المزيد من التعزيزات من سورية إلى العراق، وهو ما سيمنح المعارضة التي تدعمها فرصة في ترتيب صفوفها داخل سورية. ويضيف السعدي أن "استمرار التقدم سيدفع (داعش) إلى الرد من خلال إرسال مقاتليه في سورية إلى العراق وهذا بحد ذاته هدف غير خافٍ لواشنطن في تفكيك العقدة السورية أو التخفيف منها".

هجوم من النجف على واشنطن

في هذه الأثناء، أصدر المرجع الديني البارز في النجف الشيخ قاسم الطائي بياناً تزامن مع الإعلان عن تحرير سنجار اتهم فيه واشنطن بـ"الغدر". وأضاف البيان أن "الإدارة الأميركية لا تؤتمن، ولا يمكن أن تعمل لصالح العراق أو (داعش)، ولا يجوز للحكومة العراقية التعامل معها أو الثقة بقراراتها".

وتساءل الطائي "كيف للولايات المتحدة أن تأتي اليوم وتقاتل عصابات (داعش) الإرهابية، وهي من صنعتها وزرعتها في قلب العالمين العربي الإسلامي". وطالب الحكومة العراقية بـ"طرد السفير الأميركي وطاقم السفارة من العراق، كونها المنطلق الحقيقي لكل خطط التآمر"، على حدّ زعمه. 

لكن الموقف الرسمي الأبرز من النجف خرج عن المرجع علي السيستاني، أمس الجمعة، عندما بارك "للانتصارات التي حققتها قوات البشمركة في تحرير قضاء سنجار".


اقرأ أيضاً: مسؤولة أميركية: الحرب على داعش تستدعي قوات برية