رجل التسريبات رئيساً للاستخبارات: السيسي لا يثق إلا بظله

رجل التسريبات رئيساً لاستخبارات مصر: السيسي لا يثق إلا بظله

18 يناير 2018
اختيارعباس جاء لعدم ثقة السيسي بالقيادات الحالية لجهاز الاستخبارات(فيسبوك)
+ الخط -
يبدو أن "التسريبات" ستظل كلمة السر في الإطاحة برؤساء جهاز الاستخبارات العامة في مصر، الذي ينظر إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بوصفه "مناوئاً لحكمه"، إذ تطاوله الاتهامات دوماً بشأن تسريب أي تسجيلات صوتية، من شأنها الإساءة إلى نظام الأخير، وكشف مخططاته تجاه دول الخليج، وإدارة المشهد الإعلامي في الداخل.

وأصدر السيسي، الخميس، قراراً بتكليف مدير مكتبه، اللواء عباس كامل، بتسيير أعمال جهاز الاستخبارات العامة، بعد إعفاء رئيس الجهاز، اللواء خالد فوزي، من منصبه، إثر فضيحة التسريبات الأخيرة لأحد ضباط الاستخبارات الحربية مع إعلاميين وفنانين موالين للنظام، وجههم فيها إلى محاولة الإيقاع بين الكويت وقطر، والترويج بقبول قرار أميركا باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

وتولى فوزي إدارة جهاز الاستخبارات العامة في ديسمبر/كانون الأول 2014، خلفاً لرئيسه السابق، اللواء محمد فريد التهامي، الذي أطاحت به أيضاً "تسريبات مكتب السيسي"، التي أظهرت حجم ونفوذ عباس، وعدم مرور ورقة أو قرار إلا من تحت يديه، ومرافقته للرئيس الحالي منذ توليه منصب مدير جهاز الاستخبارات الحربية، مروراً بوزارة الدفاع، ووصولاً إلى رئاسة الجمهورية.

وأفادت مصادر مطلعة بأن اختيار عباس لشغل المنصب الجديد "جاء لعدم ثقة السيسي في أي من القيادات الحالية لجهاز الاستخبارات العامة، وشعوره بموالاتهم لرئيس أركان الجيش السابق، الفريق سامي عنان، الذي طرح نفسه كمرشح رئاسي في مواجهة السيسي"، مرجحة استمراره في إدارة شؤون الاستخبارات العامة، لحين الانتهاء من ماراثون الانتخابات الرئاسية.

وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن إعفاء فوزي ارتبط بأسباب عدة، ضمنها التسريبات التي أذاعتها قناة "مكملين" الفضائية مطلع الشهر الجاري، وتكشف في تسجيلات صوتية عن مدى سيطرة أجهزة الاستخبارات والأمن القومي على المشهد الإعلامي، منوهة إلى أن "تغييرات الاستخبارات العامة تأتي ضمن إعادة ترتيب للأوضاع داخل المؤسسات السيادية في المرحلة الراهنة".

وبات عباس رقماً صعباً في معادلة الحكم، وظلاً تابعاً للسيسي أينما حل، يقف على بعد خطوات قليلة منه في جميع اللقاءات الرسمية، ويجلس إلى جواره على طاولات المشاورات داخل مصر، وخارجها، بعد أن كان غير معروف لعموم المصريين، إلا بعد ظهور اسمه، للمرة الأولى، في التسريب الصوتي الخاص بحوار الكاتب ياسر رزق، مع السيسي، وقت أن كان وزيراً للدفاع.

ووجّه حينها رزق سؤالاً للسيسي عن عدد ضحايا فض اعتصام "رابعة العدوية"، ليرد بقوله "اسألوا عباس"، وبعدها توالى ذكر اسمه في التسريبات، التي كان بطلها الأول بلا منازع، باعتباره محركاً للأذرع الإعلامية، وتوجيه كبار مقدمي برامج الـ"توك شو" اليومي، ورؤساء تحرير الصحف، لتسويق قرارات السيسي، أو الهجوم على أي شخصية من معارضيه.

وفي نهاية العام 2015، بدأ البرلماني السابق، توفيق عكاشة، حملة إعلامية على مدير مكتب السيسي، مؤكداً أنه من يدير الحياة السياسية في مصر، والجميع يتحرك بتعليمات شخصية منه، كونه "صاحب العقلية الأخطر"، وهو ما دفع عباس لإدارة معركة الإطاحة به من البرلمان، من خلال إصدار تعليمات لائتلاف الغالبية النيابية (دعم مصر)، بشأن إسقاط عضويته في مارس/ آذار 2016.

ولعب عباس دوراً بارزاً في تمرير اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، من خلال اتصالاته المستمرة مع رئيس البرلمان، علي عبد العال، وقيادات الكتل النيابية المؤثرة، ورؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة، للترويج بسعودية الجزيرتين، وانتهاءً بتحريك تظاهرات في الميادين المصرية ترفع علم السعودية.

ويدير عباس، العديد من المجموعات، التي شُكل قوامها مما يسمى بـ"شباب البرنامج الرئاسي"، بهدف الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي لإعادة ترشح السيسي، وإعداد فيديوهات عن افتتاحه للمشروعات، بدعوى توضيح "حجم الإنجازات" على الأرض، وعن كلماته "المؤثرة" ببعض الأحداث، بغرض إذاعتها عبر وسائل الإعلام بشكل متكرر على مدار اليوم، فور إعلان ترشحه بشكل رسمي.

وثمة عناصر تشابه بين عباس ووزير الدعاية السياسية بحقبة ألمانيا النازية، جوزيف غوبلز، عبر سيطرة كل منهما على إعلام بلديهما في لحظات فارقة، واستخدام نظريات إعلامية للتحكم في عقول الجماهير، من بينها ما يسمى "نظرية التأطير"، للتأثير في ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺿﻊ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻫﻤﻴﺔ، ﺗُﻘﻴﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ.

وشملت تسريبات عباس، وقت أن كان السيسي وزيراً للدفاع، حديثهما عن حصيلة ما قدمته لهم دول خليجية من أموال إلى مصر، والكشف عن تجاوزها إجمالاً الثلاثين مليار دولار، وبيان دور دولة الإمارات في تمويل الانقلاب على الرئيس السابق، محمد مرسي، عن طريق أذرع موالية للجيش، على غرار حملة "تمرد"، الداعية لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وكشفت التسريبات عن فتح أبو ظبي حسابا لتمويل الحملة، تحت إشراف جهاز الاستخبارات الحربية، ومكالمات بين عباس، ووزير الدولة الإماراتي، سلطان الجابر، عن وديعة ضخمة وضعت في البنك المركزي المصري، لتمويل مشروعات للجيش، ودخول طائرة إماراتية، مخصصة للنقل العسكري، من طراز (C17)، إلى ليبيا من خلال مصر.