نانسي بيلوسي تستعيد لقب أقوى امرأة في واشنطن

نانسي بيلوسي تستعيد لقب أقوى امرأة في واشنطن

04 يناير 2019
بيلوسي أول امرأة تتولّى رئاسة مجلس النواب في أميركا(Getty)
+ الخط -
بهدف استعادة لقب أقوى امرأة في السياسة الأميركية، اعتمدت نانسي بيلوسي على حسّها الاستراتيجي بمهارة، لسحق التمرّد في صفوف حزبها الديموقراطي بهدوء، لكنها تحتاج إلى حنكتها لمواجهة الرئيس المتقلّب دونالد ترامب. وعادت نانسي بيلوسي (78 عاماً) بعد ظهر أمس الخميس إلى رئاسة مجلس النواب، وهو المنصب الذي كانت أوّل امرأة في التاريخ الأميركي تتولاه بين 2007 و2010.

ومع تسلّمها المهام من رئيس المجلس المنتهية ولايته بول راين، أصبحت نانسي بيلوسي الشخصية الثالثة في هرم السلطة في البلاد بعد الرئيس ونائبه. وقد بدأت مهامها بتحدّ أول لدونالد ترامب تمثّل بالتصويت أمس الخميس على قوانين موقتة للميزانية، يمكن أن تسمح - إذا وقعها الرئيس - باستئناف العمل في الإدارات الأميركية التي توقفت بسبب "إغلاق" جزئي منذ 22 ديسمبر/ كانون الأول.

وبات الأمر يتعلّق الآن بمعرفة من سيستسلم أولاً في المواجهة بين دونالد ترامب "والسيدة رئيسة المجلس" التي لا يشكّ مؤيدوها في نتيجتها. وقالت ابنتها ألكسندرا لشبكة "سي إن إن"، يوم الأربعاء، "لم يسبق لأحد أن انتصر عندما راهن على مواجهة نانسي بيلوسي. هي يمكن أن تنزع رأسك بدون حتى أن تشعرَ بأنك تنزف". لكن هذه لن تكون المواجهة الأولى بين ترامب وبيلوسي، فقد جعل منها المرشح الجمهوري خلال حملته "فزاعة" استخدمها لإدانة السياسيين الديموقراطيين والحديث عن مشكلات السياسة في واشنطن.

ويدين محافظون آخرون "وقاحة" هذه السيدة المتزوجة من رجل أعمال مليونير. وشهدت الأشهر القليلة الماضي مشكلات داخلية، مع إعلان عشرات النواب والمرشحين الديموقراطيين رغبتهم في إجراء تغيير في القمة، ومنهم تيم راين عضو الكونغرس عن أوهايو الذي نافس بيلوسي على زعامة الديموقراطيين بعد انتخابات 2016 لكنه فشل. وقد أنكرت شابة تقدمية سلطتها، وذهبت إلى حدّ القسم بأنها لن تنتخبها كرئيسة لمجلس النواب. لكن بيلوسي تمكّنت في نهاية المطاف من إقناع عدد كاف من المترددين عبر الموافقة على تحديد مدة ولايتها وتوزيع عدد من مناصب المسؤولية.

ومثّلت بيلوسي في ولايتها الأولى قوة معارضة كبيرة للجمهوري جورج دبليو بوش في السنتين الأخيرتين من رئاسته، وسيكون دورها الرقابي على ترامب مماثلاً. كذلك، سيكون لديها وللقيادة الديموقراطية القدرة على منع تمرير قوانين يطرحها الجمهوريون، وتعطيل الكثير مما على أجندة ترامب، من مقترحات لخفض ضريبي جديد إلى بناء جدار على الحدود مع المكسيك. ويمكن لبيلوسي أن تصعّب الأمور أكثر على ترامب إذا ما أطلقت إجراءات لعزله. وحتى الآن عبرت عن معارضتها لاستخدام هذه العصا الغليظة ضده، قائلة إنها يمكن أن تؤدي إلى تعبئة الناخبين الجمهوريين لحماية الرئيس.

وفي دورها الجديد، سيتحتم عليها الوقوف أحياناً بوجه ترامب إذا استدعى الأمر ذلك، ولكن أيضاً العمل معه لإقرار قوانين إذا تيسّر الأمر. وقالت بيلوسي بعد الإعلان عن حصول حزبها على الأكثرية في مجلس النواب إن "كونغرس ديموقراطياً سيعمل على حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعاً الانقسامات". وأضافت "الشعب الأميركي يريد السلام. يريد نتائج".

وتعد بيلوسي، بلا جدل، من الأكثر حنكة بين القادة السياسيين من جيلها. وقادت قانون الرعاية الصحية الذي طرحه الرئيس السابق باراك أوباما في المجلس وصولاً إلى تمريره التاريخي الشائك في 2010. وقد يكون هذا سبب اعتبارها من كثيرين مصدر إزعاج بعد ثماني سنوات. وسأل ترامب جمهوراً في تجمّع في مينيسوتا الشهر الماضي "أيمكنكم تصور نانسي بيلوسي رئيسة لمجلس النواب؟"، مضيفاً "لا تفعلوا هذا بي! لا أتصوّر ذلك، ولا أنتم".

وتعود سمعة بيلوسي السيئة، في جزء منها على الأقل، لسنوات من هجمات اليمين. فالمحافظون يصوّرون زوجة مليونير الاستثمارات من كاليفورنيا، كتجسيد لنخبة اليسار. وهي متهمة في كل شيء، من السعي لزيادة الضرائب على العائلات المتوسطة إلى دعم تدفق المهاجرين غير الشرعيين. ومثلت بيلوسي لثلاثة عقود الدائرة الـ12 في الكونغرس عن كاليفورنيا، وتشمل سان فرانسيسكو، معقل السياسة اليسارية والثقافة المختلفة وحقوق المثليين، وهو ما يعتبره العديد من الناخبين المحافظين انحطاطاً أخلاقياً.

ولدت نانسي باتريشا داليساندرو في بالتيمور في عائلة تضم سياسيين جذورها إيطالية. وكل من والدها وشقيقها كان رئيس بلدية مدينة إيست كوست الساحلية. وبعد دراسة العلوم السياسية في واشنطن، انتقلت مع زوجها إلى سان فرانسيسكو ولديهما خمسة أولاد. انتخبت عضواً في مجلس النواب للمرة الأولى عام 1987، وشقّت طريقها لتصبح زعيمة الديموقراطيين في المجلس اعتباراً من 2002، وهو المنصب الذي لا تزال تتولاه. وبيلوسي التي زادتها الصراعات السياسية التي لا تحصى صلابة، تمكّنت بشكل كبير من الحفاظ على وحدة الحزب. وقالت في إحدى المرات إنّ السياسة الأميركية تتطلب ارتداء "درع" والقدرة على "تلقي لكمات".

(فرانس برس)

المساهمون