باريس في يومها الأول بعد رفع الحجر: غضب وتظاهرات

باريس في يومها الأول بعد رفع الحجر: غضب وتظاهرات

12 مايو 2020
أصبح بإمكان الفرنسيين الخروج من منازلهم (Getty)
+ الخط -

اختلف مشهد اليوم الأول من رفع الحجر الصحي التدريجي في العاصمة الفرنسية باريس بين منطقة وأخرى؛ فبينما اكتظت بعض خطوط المترو بالركاب صباحاً، وتلاقى السكان في أماكنهم التقليدية، خصوصاً "كانال سان مارتان"، اختار سكان منطقة ايل سان دوني الخروج للتظاهر ضد عنف الشرطة، بعد حوادث كثيرة شهدتها مناطقهم كان آخرها سخرية الشرطة من شاب ألقى بنفسه بالنهر خوفاً منهم بعد ملاحقته.

حادثة إلقاء الشاب لنفسه في النهر تعود إلى تاريخ السادس والعشرين من إبريل/نيسان الماضي، لكنها عادت إلى الواجهة اليوم مع استعادة الفرنسيين حرية التنقل مع دخول البلاد مرحلة رفع الحجر الصحي التدريحي، بالإضافة إلى صدور قرار يقضي بترحيل الشاب الضحية، وهو مصري الجنسية يدعى سمير، بحسب ما ذكره نشطاء.

التظاهرة التي نظمت الإثنين، كانت قد دعت إليها منظمات سياسية وجمعيات مختلفة، تدخلت فيها الشرطة بشكل عنيف لتفريق المتظاهرين، إذ تم منعهم من تشكيل سلسلة بشرية مع وصولهم أمام مبنى بلدية ايل سان دوني، بناء على قرار منع التجمعات في فرنسا على خلفية وباء كورونا.

عمر سلوطي أحد منظمي التظاهرة، قال في مقطع مصور نشره على موقع "لا با" (هناك)، إن تظاهرة اليوم تأتي للتحذير من الأوضاع التي تعيشها "أحياء الطبقة العاملة في باريس والظلم الذي تلاقيه من الشرطة". وأضاف أن ما جرى مع الشاب المصري حمل استحضاراً لحقبة الاستعمار بسبب تفوه رجال الشرطة بعبارات عنصرية.

وقبل نحو أسبوعين، أظهر فيديو انتشر بكثافة على الإنترنت رجال شرطة فرنسيين يسخرون من الشاب المصري، بعدما ألقى بنفسه في النهر عندما كانوا يلاحقونه للاشتباه بعملية سرقة. ويسمع في المقطع أحد رجال الشرطة وهو يسخر من الشاب بوضوح عندما يقول له: "بيكو مثل هذا لا يعرف السباحة"، وكلمة بيكو باللغة الفرنسية هي كلمة تستخدم لتحقير عرب شمال أفريقيا والسخرية منهم. كما يُسمع في الفيديو شرطي آخر يتحدث مع زميله أثناء اقتياد الشاب إلى السيارة، بعد إخراجه من النهر "كان يجب أن تربط ثقلاً بقدمه".

الفيديو الذي أحدث ضجة وسخطاً كبيرين في فرنسا، دفع وزير الداخلية كريستوف كاستانير في ليلة انتشاره، إلى التنديد بالحادثة الساعة الثانية ليلاً، وقال في تغريدة على "تويتر": "لا مكان للعنصرية في صفوف قوات الشرطة. أخطرت المفتشية العامة للشرطة الوطنية بما حدث وسيُفتح تحقيق".

وفي وقت لاحق، قام مفوض الشرطة بنشر تغريدة على "تويتر" قال فيها: "بموافقة وزير الداخلية، طلب رئيس الشرطة ديدييه لاليمانت من رئيس الشرطة الوطنية إيقاف (عن العمل) الضابطين الضالعين في نطق التعليقات العنصرية المسموعة في مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في 26 إبريل".

وفي أول ظهور له بعد الحادثة، تحدث الشاب المصري في مقابلة أجراها معه موقع "لا با"، عما جرى معه، وقال: "رجال الشرطة قاموا بضربي بجانب النهر بعدما طلبت منهم المساعدة لإخراجي. شتموني وكانوا يضحكون، عاملوني مثل بالون. أخذوني إلى سيارة الشرطة، وقاموا بضربي طوال فترة الطريق إلى مركز الشرطة".

وتابع: "في مركز الشرطة، أخذ أحد العناصر هاتفي وقام بتحطيمه، ولاحقاً أخذوني إلى المستشفى نتيجة الحالة التي كنت بها. في الصباح قام أحد المحققين بإخلاء سبيلي، وخرجت مساء اليوم التالي للحادثة".

من جهة ثانية، خرجت أعداد محدودة من السترات الصفراء في وقفة احتجاجية أمام وزارة الصحة في باريس. وقالت صحيفة "لو باريزيان" إن نحو عشرين ناشطاً فقط قاموا بالتظاهر، ومع ذلك حضرت أعداد كبيرة من الشرطة خشية من تطور الموقف، فيما التقى ممثل من الوزير ثلاثة أشخاص من المحتجين.

وكانت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي قد أعلنت عزمها بدء التعبئة "ومحاصرة باريس يوم الإثنين". ونقلت "لو باريزيان" عن أحد المتظاهرين قوله: "لقد احترمت إجراءات الحجر. ولكن اليوم لدينا الحق في مساءلة الحكومة". وقال آخر: "يجب أن نرفع حالة الطوارئ الصحية غير الدستورية".. لماذا أوقفت الاقتصاد بأكمله ... ماذا ستكون الفاتورة للفرنسيين؟".