عماد شاهين: الحل بمصر بعد 6 أشهر من الانتخابات

عماد شاهين: الحل بمصر بعد 6 أشهر من الانتخابات

20 مايو 2014
فوجئ شاهين باتهامه مع مرسي بقضية "التخابر مع حماس"
+ الخط -

يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، عماد شاهين، أن "الحراك الثوري" في الشارع المصري حقق نجاحاً بارزاً خلال الفترة التي اعقبت الانقلاب. وأكد، خلال حوار من الولايات المتحدة الأميركية مع "العربي الجديد"، أن عنصر الوقت يعد في صالح معارضي الانقلاب المصريين، متوقعاً أن يستمر المشير عبد الفتاح السيسي في تصعيد عمليات القمع، وأن تستمر هذه المرحلة على أقصى تقدير لخمسة أشهر بعد انتخابات 26 و27 من الشهر الجاري، لن يكون أمام السيسي بعدها إلا فتح باب الحل السياسي على مصراعيه.

وشدّد شاهين، الذي فوجئ منذ نحو شهرين بإدراج السلطات المصرية اسمه ضمن المتهمين مع الرئيس المعزول محمد مرسي في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التخابر مع حركة حماس"، على أن الخروج من الأزمة السياسية الراهنة بشكل سياسي لن يكون إلا من خلال خروج السيسي من المشهد، وانسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية المباشرة.
  • كيف تقيّم السياسة التي تتبعها السلطات في مصر في الوقت الراهن؟

- السياسة التي يتبعها النظام الحالي في مصر ستقوده حتماً للفشل في إدارة المشهد، لأنها سياسة قمعية، تجاوزت الخلاف السياسي مع جماعة الإخوان المسلمين، وأهم أسباب فشلها أنها لحسن الحظ تقوم بتوحيد كافة المعارضين للنظام الحالي.

  • لكن البعض يرى أن هناك اصطفافاً خلف السلطة الحالية في مصر من الذين نزلوا ضد الرئيس المعزول محمد مرسي في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي؟


- هذا الكلام غير صحيح، ولذلك علينا أن نوضح أنه قبل الثلاثين من يونيو، كانت هناك ثورة مضادة تُعدّ العدّة للإجهاز على الحكم والإطاحة بمحمد مرسي، وهذه الثورة المضادة تمثلت في المؤسسة العسكرية، وأجهزة الدولة، وهذا لا يعني أن نظام مرسي لم يخطئ، ولكن هذه المؤسسات اتخذت من غضب بعض الفئات ضد مرسي غطاء سياسياً لانقلابها وسيطرتها على الحكم. هؤلاء الغاضبون الذين اتخذهم العسكر غطاء لانقلابهم باتوا غاضبين من قادة الانقلاب في الوقت الحالي، لأن ما حدث بعد الثلاثين من يونيو لم يكن هو الذي خرجوا من أجله ضد مرسي، فكان مطلبهم الأساسي حينها هو انتخابات رئاسية مبكرة، تتم بشكل نزيه وحقيقي.
حركة تمرد التي كانت إحدى المكونات التي شكلت المشهد في انقلاب الثلاثين من يونيو، ظهرت حقيقتها أمام الجميع، خصوصاً بعد الانقسامات والانشقاقات التي حدثت داخلها. وبعض الرموز الليبرالية التي كانت تدعم السيسي، سحبت هي الأخرى دعمها وانسحبت من الحياة السياسية مثل الدكتور محمد البرادعي، ونائب رئيس الوزراء السابق زياد بهاء الدين، فضلاً عن إطاحة السيسي نفسه لعدد من الرموز الليبرالية والمعارضة التي اتخذها سلّماً في طريقه مثل الوزير السابق للتضامن الاجتماعي أحمد البرعي، ونائب رئيس الوزراء والوزير السابق للتعليم العالي حسام عيسى، والوزير السابق للقوى العاملة كمال أبو عيطة. هذه الصورة بدأت تأخذ شكلها الحقيقي، وبات واضحاً أن بقايا الفلول من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، هم من تبقوا حول السيسي، مثل رئيس الوزراء الحالي إبراهيم محلب، الذي شغل منصب عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل، وكذلك الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، إضافة الى اعتماده على بعض رموز الحزب المنحل بشكل غير علني مثل حسام بدراوي، الذي تولى منصب الأمين العام للحزب المنحل في آخر أيامه قبل حله.

  •  هل ترى جدوى من استمرار التظاهرات الرافضة للانقلاب في مصر؟

- بالطبع، فاستمرار التظاهرات لمدة تجاوزت العشرة أشهر منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي، هو أمر في غاية الأهمية وهو ربما لا يدرك ذلك سوى مؤسسة الدولة الحقيقية التي تتخذ القرار، وتعلم جيداً مدى خطورة تلك التظاهرات عليها.

  •  ولكن كيف تكون مجدية على الرغم من الضحايا الذين يسقطون يومياً على يد أجهزة الأمن؟

- قد تكون الخسائر كبيرة ومؤلمة، ولكن لا يمكن للثورات الحقيقية التي تسعى لتغيير جذري أن تحقق أهدافها من دون تضحيات عظيمة، فما يحدث حالياً هو الطريق الحقيقي للتغيير الجاد، وأهم جدوى لتلك التظاهرات أنها لا تمكن الانقلاب من الاستقرار في حكم البلاد، وتجعله غير قادر على السيطرة، وأقصد هنا السيطرة بمعناها السياسي، وهو مصطلح يعرف معناه جيداً المتخصصون وأساتذة العلوم السياسية، وهذا هو النجاح الحقيقي لحراك الشارع في مصر.

  • ما هو تقييمك لإدارة التحالف الوطني لدعم الشرعية للمشهد عقب الثالث من يوليو الماضي؟
  • - هناك مستويان للتقييم، الأول يتعلق بالحراك على الأرض، وهو أمر ناجح للغاية ويعطي بريق أمل بأن هذا الانقلاب قد ينكسر قريباً، أما التقييم الثاني بالنسبة للإدارة السياسية للتحالف، فهناك قصور شديد للغاية يبدو واضحاً، فهناك حاجة واضحة لوجود استراتيجية جديدة لتوسيع التحالف، وتكوين جبهة ثورية تضم الرافضين كافة للوضع الحالي في مصر، وهذا لن يتم إلا من خلال الوقوف على هدف مشترك بين مكونات هذا الاتجاه كافة، وهو ما يتطلب أيضاً تغييراً في بعض المطالب التي يرفعها التحالف، وكذلك تغييراً في الخطاب المستخدم، مع إعطاء تطمينات للقوى الثورية كافة، بالسعي لتأسيس حياة ديموقراطية لا يسعى فيها طرف للمغالبة على باقي الاطراف.


    لكن هناك أزمة ثقة بين الأطراف الرافضة للانقلاب في مصر، المتمثلين في فريقين هما التحالف الذي يقوده الإخوان المسلمون، وبعض الحركات الثورية ذات التوجه اليساري والليبرالي والذين شارك بعضهم في الثلاثين من يونيو، فكيف يتم تجاوز هذه الأزمة؟

- يجب على التحالف الوطني لدعم الشرعية في المقام الأول اتباع سياسة تبديد المخاوف لدى بعض الأطراف الأقل قوة، أي "الاقليات"، في الفريق الرافض للانقلاب، والاتفاق على منظومة جديدة تضع أطراً ومعايير محددة تلتزم بها الأطراف كافة، مع اعتراف وإقرار كل طرف بالأخطاء التي ارتكبها.

  • من وجهة نظرك ما هو الحل السياسي لإخراج مصر من الأزمة الراهنة؟

- لا يوجد سوى حل واحد وهو خروج السيسي من المشهد، وتراجع المؤسسة العسكرية خطوتين للوراء، وابتعادها عن العملية السياسية المباشرة. وأقصد هنا المباشرة لأن الجيش لن يخرج تماماً من العملية السياسية، بخلاف هذا لن يكون هناك حل سوى المسار الثوري الذي يضع على رأس أهدافه تطهير مؤسسات الدولة.

  •  وما هو توقعك للمشهد عقب الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل؟

  • - أتوقع أنه عقب الانتخابات الرئاسية التي تتم في صورة أقرب للاستفتاء، سيستمر السيسي في عمليات القمع وسيصعد منها، وخصوصاً أن المؤسسات وأصحاب المصالح المحيطين به، مثل رجال الأعمال والقضاة والإعلاميين يرون في المصالحة نهايتهم، بعدما باتت أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء. والتصعيد الذي سيمارسه السيسي سيواجه من وجهة نظري بمزيد من المقاومة في ظل حالة من الاستقطاب بين قاعدة هشة للسيسي، وقاعدة صلبة للرافضين للانقلاب والذين في تزايد مستمر، في ظل السياسة القمعية التي يستخدمها النظام الحالي، ووقتها لن يكون هناك مفرّ أمام السيسي إلا فتح باب الحل السياسي واسعاً على مصراعيه.
    كما أتوقع أن يحدث ذلك في غضون ثلاثة أو 5 أشهر على أقصى تقدير عقب الانتخابات الرئاسية.

    عنصر الوقت من وجهة نظرك في صالح مَن أطراف الصراع؟

- بكل تأكيد في صالح الرافضين للانقلاب وأنصار استعادة المسار الديموقراطي المتمثل في القائمين بالحراك الثوري، خصوصاً وأن النظام الحالي يواجه أزمة اقتصادية حقيقية.

  •  يرى البعض أن الموقف الغربي يحمل جدلاً كبيراً بشأن تعاملهم مع ما يجري في مصر؟

- تقديري أن الموقف الغربي المتمثل في الموقفين الأميركي والأوروبي، واضح تماماً، وهو أنهما لم يبديا أي اعتراض على الانقلاب العسكري، وذلك لأنهما لم يكونا راضين عن حكم محمد مرسي، لأنه كان سيغير قواعد اللعبة في المنطقة، وهم في النهاية يؤيدون نظاماً يحقق لهم الاستقرار على الأرض بما يضمن المصالح الغربية. ومن خلال نقاشي مع دبلوماسيين ومسؤولين غربيين، علمت منهم أن هناك ضغوطاً مارستها المجموعات الاقتصادية الكبرى في أوروبا على القيادة السياسية، لمنح السيسي فرصة بدعوى ضرورة إعادة الاستقرار ليتمكنوا من استكمال نشاطهم الاقتصادي في مصر. أما في ما يتعلق بالولايات المتحدة، فالمؤسسة العسكرية هناك تدخلت، بحسب عسكريين أميركيين، لصالح نظرائهم في مصر، فالكثير منهم خلال لقاءات معهم قالوا حرفياً: نحن من قمنا بتربية السيسي وصدقي صبحي، وهو ما يوضح أن المؤسسة العسكرية المصرية هي الأقرب لنظيرتها الأميركية.

المساهمون