من هو دروكدال زعيم "القاعدة" الجزائري الذي قتلته فرنسا؟

من هو دروكدال زعيم "القاعدة" الجزائري الذي قتلته فرنسا؟

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
06 يونيو 2020
+ الخط -
حتى إعلان فرنسا، مساء الجمعة، أن قواتها العسكرية قتلت زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، عبد المالك دروكدال، في شمال مالي، لم يكن معروفاً بشكل واسع أن الأخير جزائري الجنسية وفار من الملاحقة الأمنية منذ أكثر من 27 عاماً.

وفي تأكيدها مقتل دروكدال كتبت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي، في تغريدة على "تويتر": "في الثالث من يونيو، قتلت قوات الجيش الفرنسي، بدعم من شركاء محليين، أمير القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال، وعدداً من أقرب معاونيه، خلال عملية في شمال مالي".

وطوت العملية التي شنها الجيش الفرنسي إحدى صفحات التنظيمات الإرهابية في الجزائر ومنطقة الصحراء بمقتل دروكدال، الذي ولد سنة 1970 في منطقة البليدة قرب العاصمة الجزائرية، وقضى 27 سنة في صفوف الجماعات المسلحة والنشاط الإرهابي.

وبعد سنة واحدة من إعلان وقف المسار الانتخابي وتدخل الجيش الجزائري في الشأن السياسي في عام 1993، غادر دروكدال رحاب الجامعة، وهو في الثالثة والعشرين من عمره، حيث كان يدرس التكنولوجيا في جامعة البليدة بين عامي 1990 إلى 1993.
وفي تلك الفترة أوكلت له الجماعات الإرهابية مهمّة الإشراف على ورشات لصناعة المتفجرات، وتذكر تقارير أمنية أنه انتمى لجماعة "جند الأهوال" التي نفذت سلسلة مجازر دامية ووحشية، قبل أن يصبح عام 2001 قيادياً في ما يسمّى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي انشقت عام 1998 عن "الجماعة الإسلامية المسلحة".
وبات دروكدال زعيماً لـ "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في 2006، في وقت تمكنت فيه السلطات الجزائرية من استنزاف الجماعات المسلحة في مستويين، كان أولهما توجيه ضربات أمنية وعسكرية قاسية لها، وثانيهما استدراج العشرات من عناصرها لتسليم أنفسهم والاستفادة من تدابير السلم والمصالحة الوطنية التي أقرّها استفتاء 2005، بمن فيهم الزعيم السابق للجماعة، حسان حطاب، الذي سلّم نفسه بعد اتصالات استمرت لفترة مع الأجهزة الأمنية.
وعلى العكس من ذلك، حاول دروكدال إثبات حضور التنظيم الإرهابي في المشهد الداخلي والدولي، فخطط لسلسلة تفجيرات انتحارية هزّت الجزائر طيلة عام 2007، واستهدفت مقار أمنية ورسمية حيوية، بدءاً من تفجيرات السابع من إبريل/ نيسان 2007 التي استهدفت مقر بعثة الأمم المتحدة وقصر الحكومة ووزارة الداخلية ومقر المجلس الدستوري، ثم تفجيرات لاحقة استهدفت عدداً من مراكز الأمن والبحرية والدرك، وتبعتها سلسلة كمائن دامية كان التنظيم يحرص على تصوير كل تفاصيلها، بما فيها التخطيط لها.

الولاء للقاعدة وتفجيرات 11 سبتمبر
وفي العام نفسه، أعلن دروكدال عن أول ارتباط رسمي لجماعته بتنظيم دولي، وتحويل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ومبايعة زعيم تنظيم "القاعدة" سابقاً، أسامة بن لادن، الذي أوفد له مبعوثاً يمنياً، رصدته أجهزة الأمن الجزائرية وقتلته في منطقة باتنة شرقي البلاد.
كان دروكدال عبر هذه العمليات الاستعراضية يستوحي نمط تفجيرات 11 سبتمبر التي نفّذتها "القاعدة" في الولايات المتحدة الأميركية، بهدف الرد على قانون المصالحة وإعلانه رفضه له بطريقته الخاصة. وبذلك وضع دروكدال نفسه وتنظيمه هدفاً للجهد العسكري والأمني الجزائري المكثف لإنهاء وجود الجماعات المسلحة والقضاء على الإرهاب.


وعلى الرغم من التضييق الحاد الذي ضربته قوات الجيش على الجماعات الإرهابية، خاصة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2017، تاريخ إعلان قائد الجيش الجزائري الراحل أحمد قايد صالح عن خطة "اجتثاث الإرهاب" والنجاح في تفكيك عدد كبير من شبكات دعم الإرهاب، فإن دروكدال استمر في نشاطه الإرهابي.

كذلك رفضَ سلسلة نداءات وجهتها إليه قيادات سابقة بارزة في الجماعات المسلحة ورفاقه السابقين الذين كانوا يختبئون معه في الجبال، خاصة المراجعات والنداءات التي وجهها عام 2013 زعيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، حسان حطاب، والقيادي السابق بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" أبو العباس واسمه الحقيقي تواتي عثمان، والقائد السابق لجماعة "الفاروق" التابعة لتنظيم "القاعدة"، منصوري أحمد المدعو عبد الجبار.
ويعتبر عبد المالك دروكدال أكثر قائد لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ينجح في التخفّي لهذه الفترة، إذ كانت أجهزة الأمن تنجح في كل مرة، في ظرف لا يتجاوز السنتين، في إطاحة قادة التنظيم.
ولم يكن يُعرف في السابق انتقال دروكدال إلى منطقة الصحراء وشمال مالي، بعد سنوات من تمركزه في جبال منطقة بومرداس وتيزي وزو القريبة من العاصمة الجزائرية ومنطقة جيجل شرقي البلاد، لكن خسارته جيوبه وتركيز قوات الجيش الجزائري على ملاحقته وتفكيك وضرب المجموعات الصغيرة التي كانت متبقية معه في الشمال، قد يكون دفعه إلى الهروب إلى الصحراء، حيث يوجد حلفاؤه من تنظيم "أنصار الدين" المالي، إذ أعلن في مارس/ آذار 2018 إقامة تحالف بين التنظيمين بقيادة المالي إياد غالي.


وكان آخر ظهور لعبد المالك دروكدال، في سبتمبر/ أيلول 2018، في تسجيل صوتي نفى فيه مزاعم فرنسية عن مقتل القيادي في تنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين"، أمادو كوفا، واعتبرها محاولة لصرف الاهتمام عن مظاهرات السترات الصفراء، وتعهّد بقتال القوات الفرنسية بالتعاون مع قبائل الطوارق والعرب والفلان وغيرها المتمركزة في شمال مالي والساحل.

دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.