لبنان يبحث موضوع التمديد لـ"اليونيفيل" بالتزامن مع تطورات بارزة

لبنان يبحث موضوع التمديد لـ"اليونيفيل" بالتزامن مع تطورات بارزة

03 يونيو 2020
لبنان يطلب التمديد لسنة إضافية (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
شدّد الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال الاجتماع الذي ترأسه قبل ظهر اليوم الأربعاء في قصر بعبدا، بحضور رئيس الحكومة حسان دياب، ووزير الخارجية ناصيف حتي، وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، من أجل بحث موضوع التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب، على تمسّك لبنان بقوات "اليونيفيل" والدور الإيجابي الذي تلعبه. 

ولفت عون إلى أنّ مجلس الوزراء اتخذ قراراً بالتوجّه إلى مجلس الأمن بطلب تمديد مهمتها لسنة إضافية حتى 31 أغسطس/آب 2021 من دون تعديل لولايتها ومفهوم عملياتها وقواعد الاشتباك الخاصة بها، "تمكيناً لها من الاستمرار في القيام بدورها الحيوي، والذي هو حاجة إقليمية ودولية، والتمسّك بها لا يفوقه سوى تشبثنا بالحريات العامة وسيادة لبنان التامة"، على حدّ قوله.

وبرزت تطورات كثيرة على الساحة اللبنانية والخارجية قبيل قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن التصويت على تجديد التفويض الممنوح لـ"اليونيفيل"، والذي كرّر مطالبته أخيراً بنزع سلاح "حزب الله" اللبناني وحصره بيد الدولة اللبنانية، ومنها رفض "حزب الله" تعزيز مهام "اليونيفيل"، إذ تحدّث أمينه العام حسن نصر الله، في إطلالته الأخيرة بمناسبة عيد المقاومة والتحرير عبر إذاعة "النور" التابعة للحزب، عن "طرح أميركي بناءً على مطالب إسرائيلية لتغيير مهام اليونيفيل في لبنان ومن دون تنسيق مع الجيش اللبناني"، بالإضافة إلى دخول "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" حيّز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران الحالي، والذي يفرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه ومموليه، ومن المتوقع أن يحاصر "حزب الله" ويربك الحكومة اللبنانية التي تدرس موقفها من القانون. 

وسبقت ذلك مباشرةُ الدولة اللبنانية بإقفال المعابر غير الشرعية، التي توجد بمعظمها في مناطق محسوبة على "حزب الله"، ولا سيما في البقاع، والتي يستخدمها لإرسال السلاح والعناصر التابعة له إلى سورية، إلى جانب الإشكالات التي حدثت في بلدة بليدا في مرجعيون، جنوب لبنان، الشهر الماضي، بين "اليونيفيل" والأهالي، وغيرها من الملفات، في وقت تتكثف الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية وعلى الحدود الجنوبية في خرق علني للسيادة اللبنانية.

وشدد الرئيس عون على أهمية استمرار وتعزيز الشراكة بين اليونيفيل والجيش اللبناني، وعلى الدور الذي تلعبه هذه القوات في رصد خروقات إسرائيل اليومية الجوية والبرية والبحرية وانتهاكها المتمادي للقرار 1701 (اعتمده مجلس الأمن في حرب يوليو/ تموز 2006، ويهدف إلى وقف القتال بين لبنان والعدو الإسرائيلي)، وما تقومم به من خرق للأجواء اللبنانية لقصف الأراضي السورية، ولفت إلى تقديم الجيش اللبناني كل التسهيلات اللازمة لليونيفيل وفق ما تطلبه من أجل حسن تنفيذ مهامها.

بدوره، شدد رئيس الحكومة حسان دياب على أنّ "الاستقرار في جنوب لبنان ثابت بقرار لبناني مفاده الاحتكام إلى الشرعية الدولية في فرض هيبتها، ومنع العدوان على السيادة اللبنانية". وقال: "لولا هذا القرار، لكانت الانتهاكات الإسرائيلية اليومية تسببت بتوتر دائم على الحدود. من هنا، فإن لبنان يتطلع إلى تأكيد التزام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بحفظ الاستقرار على حدود جنوب لبنان، وفرض تطبيق القرار 1701 على إسرائيل". وأعلن دياب أن مجموع الانتهاكات الإسرائيلية بلغ 374 في البرّ في العام 2020، و386 في البحر على مدى خمسة أشهر فقط، و250 انتهاكاً في الجو على مدى أربعة اشهر.

وإذ أشار إلى أن استمرار عمل قوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان هو حاجة دولية قبل أن يكون مطلباً لبنانياً، شدد دياب على أن وجود هذه القوات، وفق الوكالة المعطاة لها، والدور المناط بها، من دون أي تعديل في مهماتها، هو اليوم ضرورة لمنع التوتّر ولاستدراك أي خطر يلوح عند الحدود نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة للقرار 1701. وقال: "لبنان يتوقّع أن يدرك المجتمع الدولي محاذير أي تعديل في عديد ومهمات اليونيفيل، خصوصاً في ظل الواقع الذي يعيشه لبنان اقتصادياً واجتماعياً ومالياً، ولذلك، فإننا نراهن على حكمة المعنيين في مجلس الأمن ووعيهم لأهمية الدور الذي يجب أن تقوم به قوات اليونيفيل". 

وقالت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيه إنّ بلادها تثمن وجود "اليونيفيل" والجنود موجودون من أجل تطبيق القرار 1701 بالكامل، و"لا أعتقد أنه يمكننا القول إن التطبيق الكامل لهذا القرار قد حصل. لذا نحتاج إلى النظر في زيادة فاعلية اليونيفيل إلى مداها الأقصى، وإذا لم تتمكن من تحقيق ولايتها بالكامل فعلينا أن نطرح الأسئلة حول ما إذا كان عددها الحالي هو الأفضل". 

ولفتت إلى أن "الأملاك الخاصة لا يمكن لليونيفيل إن تنفذ إليها"، معتبرة أن "المسألة يجب أن تعالج بصراحة ومن دون أي تردد". وكان نصر الله قد أشار، في هذا السياق، إلى أنّ "الإسرائيليين يريدون إطلاق يد اليونيفيل، وأن يكون لها الحق بمداهمة وتفتيش الأملاك الخاصة، والأميركيون يضغطون على لبنان بهذا الملف". 

وأيضاً أكد سفراء الدول المشاركون في الاجتماع (الصين، فرنسا، روسيا، بريطانيا، أميركا)، تأييد بلادهم لضرورة استمرار "اليونيفيل" في مهامها، والدور المهم الذي تلعبه للحفاظ على الهدوء والاستقرار في المنطقة.

وأكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، على استعداد الأمم المتحدة لمساعدة لبنان ودعمه. وقال: "نحن سنراقب دائماً ونرصد ونفيد عن الخروقات للقرار 1701 وسائر القرارات ذات الصلة، وسنذكرها في تقاريرنا للأمين العام، حيث نعبّر عن التزامنا الكبير بتطبيق هذا القرار وغيره من القرارات في تعاون وثيق مع بلدكم ومع المؤسسات والسلطات اللبنانية المعنية"، مشدداً على ضرورة تعزيز وتطوير الشراكة بين "اليونيفيل" والجيش اللبناني.

وشدد من جهة ثانية على أهمية مساهمة لبنان و"دوره الفاعل في إعداد التقرير المتعلق بالتقييم الذي نقدمه إلى الأمين العام، وذلك سيشكل قاعدة للانطلاق في مباحثات مجلس الأمن في ما يتعلق بموازنة اليونيفيل وهيكليتها وعديدها وولايتها".