13 حملة عسكرية عراقية في 6 أشهر: الأسباب والنتائج

13 حملة عسكرية عراقية في 6 أشهر: الأسباب والنتائج

28 يونيو 2020
شارك ربع مليون جندي في العمليات الـ13 (مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -
مع إعلان الجيش العراقي، الأسبوع الماضي، البدء بعملية عسكرية برية جديدة، أطلق عليها اسم "أبطال العراق"، وتستهدف مساحة تقدر بنحو 5 آلاف كيلومتر مربع، ضمن محافظتي صلاح الدين وديالى وصولاً إلى بحيرة الثرثار جنوب سامراء، وتستهدف جيوب وخلايا تنظيم "داعش"، يكون الجيش والقوات المشتركة الأخرى قد نفذوا 13 عملية عسكرية برية منذ مطلع العام الحالي في مناطق شمالي وغربي العراق، بمجموع بلغ أكثر من 50 يوماً، وبإسناد سلاح الجو العراقي، وفي العمليات الأخيرة بدعم من سلاح الجو الأميركي أيضاً. تكرار العمليات العسكرية البرية للقوات العراقية ضد جيوب وعناصر التنظيم، وبهكذا تحشيد بشري واسع، حيث تؤكد مصادر عسكرية عراقية اشتراك أكثر من ربع مليون جندي في العمليات الـ13 منذ مطلع العام الحالي، مع عشرات الضربات الجوية، العراقية والأميركية، يفتح الجدل حيال استمرار هجمات "داعش" الخاطفة والمتكررة، وإيقاعه خسائر في صفوف المدنيين وقوات الأمن، والتي تتخذ طريقة حرب العصابات، إذ إن الهجمات تدوم دقائق معدودة.

وبعد كل عملية تعلن السلطات العراقية عن قتل واعتقال أعداد من مسلحي التنظيم، ومصادرة أسلحة وتدمير متفجرات. وقد أعلنت، في آخر عملية لها مطلع الشهر الحالي، تفكيك "خليتين إرهابيتين ومصادرة أحزمة ناسفة وصواريخ وقذائف هاون وكميات من مادة (تي أن تي)، فضلاً عن تدمير 58 وكراً لتنظيم (داعش)، يستخدمها كمخابئ تحت الأرض، بالإضافة إلى اكتشاف 6 أنفاق، وتدمير حقل ألغام وتحرير 3 مختطفين".

ويعتزم نواب عراقيون تقديم طلب لاستضافة وزير الدفاع جمعة عناد، الأسبوع المقبل، لتوضيح أسباب استمرار العمليات الإرهابية في مناطق عدة من شمالي البلاد، وتحديداً صلاح الدين وكركوك ومناطق محاذية لسلسلة جبال حمرين وشمال شرقي ديالى، بحسب ما أكده عضو في البرلمان عن محافظة كركوك شمالي البلاد. وقال النائب، لـ"العربي الجديد"، إنهم يريدون معرفة نتائج العمليات المتكررة، وحقيقة تحقيقها نجاحات بسبب استمرار الاعتداءات الإرهابية، لافتاً إلى أن "تصاعد الهجمات الإرهابية يحتاج إلى شرح من قبل وزير الدفاع حول حقيقة الوضع، خصوصاً في المناطق المتنازع على إدارتها مع أربيل". وقبل أيام أطلق النائب برهان المعموري تحذيرات من استمرار الخروقات الأمنية، وتكرار الهجمات الإرهابية في محافظة ديالى ومناطق قريبة منها شرقي العراق، مبيناً أن الأوضاع في المحافظة تنذر بانهيار أمني، داعياً رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي "لإرسال قوات تكفي للسيطرة على المناطق الرخوة وضبط أمن الحدود التي تربط المحافظة بالمحافظات الشمالية".

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، وهي أعلى تشكيل أمني وعسكري في العراق، اللواء تحسين الخفاجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تكرار إطلاق العمليات العسكرية، مبني على ضوء معلومات مسبقة، مشيراً إلى أن الإرهابيين يحاولون استغلال أي ظرف بالعراق. وأضاف: "صحيح أننا نجحنا في تطهير الأراضي وأخرجنا تنظيم داعش من العراق، لكن لغاية الآن هناك خلايا نائمة، وتوجد جذور وحواضن لها. ولهذا، العمل العسكري والأمني يجب أن يكون مستمراً من أجل الضغط لإنهاء وجود هذا التنظيم، والعمليات تحقق نجاحاً كبيراً". وبين أن "تنظيم داعش سيطر على الأراضي العراقية لأكثر من 3 سنوات ونصف السنة، واستطاع خلال هذه الفترة التغلغل داخل المناطق، وليس من السهولة الانتهاء منه من خلال عمليات عسكرية محدودة، وخلايا التنظيم لغاية الساعة ما زالت موجودة وهناك حواضن لها". وتابع أن "العراق منذ بداية العام الحالي يمر بظروف غير طبيعية، على مستوى سياسي أو اجتماعي وحتى اقتصادي وصحي. ولهذه الظروف تأثير على الوضع الأمني، وبقايا التنظيم يحاولون استغلال هكذا ظروف، ولهذا فإن العمليات العسكرية مستمرة. ولا يعتقد الدواعش أن الظروف التي نمر بها ستلهينا عن ملاحقتهم".

وأقر الخفاجي "بتنفيذ 13 عملية منذ مطلع العام الحالي تستهدف المناطق الصحراوية، أكثر من المدن، لأن داعش يعتقد أن المناطق الصحراوية والجبلية والوديان أكثر أمناً له، ولا يمكن الوصول إليه فيها. كما أن التنظيم يعتقد أن وجوده في هذه المناطق نوع من التكتيك". وتابع "الآن معركتنا ضد تنظيم داعش استخباراتية وأمنية. ولهذا نحن نقوم بين حين وآخر بعمليات نوعية، بفضل المعلومات الاستخباراتية. وهذا جاء بفضل التعاون بين المواطنين والجهات الأمنية".

واعتبر الناشط السياسي في محافظة كركوك نصر بابان أن "استمرار الهجمات، مع تكرار العمليات العسكرية، يطرح عدة تساؤلات حول قدرة التنظيم، وكيف سيكون الوضع لو لم تطلق هذه العمليات العسكرية، وكذلك دقة الإنجازات المعلنة من قبل قيادات الجيش العسكرية. فهناك اعتداءات إرهابية وقعت في مناطق خضعت مسبقاً لعمليات عسكرية". وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العمليات التي نفذت في عهد حكومة (عادل) عبد المهدي خلال الأشهر الأولى من العام الحالي تبدو عشوائية، وبعضها سياسي مرتبط بتفجر الاحتجاجات ضد حكومته وقمع المتظاهرين، عكس العمليات الثلاث الأخيرة التي نفذت في فترة حكومة الكاظمي منذ منحه الثقة قبل قرابة الشهرين".

بدوره، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان كاطع الركابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه على اطلاع بوجود المئات من عناصر تنظيم "داعش" في العراق. وقال: "صحيح أننا قضينا على التنظيم عسكرياً، وانتهى وجوده على الأرض، لكنه ما زال يملك وجوداً، ويسعى لتنظيم صفوفه مجدداً". وكشف عن وجود عمليات عسكرية أخرى غير معلنة تتم من خلال أجهزة أمنية مختصة، تستهدف الخلايا والحواضن في المناطق الحضرية والسكنية، بعيداً عن العمليات العسكرية في المناطق الصحراوية. وأضاف "عناصر داعش في العراق بالمئات، وليس بأعداد كبيرة، وإذا استمرت العمليات العسكرية والأمنية على هذه الوتيرة، فإنه سيتم الانتهاء من التنظيم نهاية العام الحالي". ودافع عن تكرار العمليات العسكرية، معتبراً أنها عززت أمن المناطق واستقرارها.

الخبير في الشأن الأمني العراقي هشام الهاشمي أكد أن "العمليات العسكرية التي تنفذ حالياً، خلال حكومة مصطفى الكاظمي، باتت تُجرى بطريقة جديدة وأفضل من السابق، فالقوات الأمنية والعسكرية تعمل في الوقت الحالي على إبعاد عناصر داعش عن المدن الحضرية والأرياف، وحصر وجزدهم خارجها، لتتولى قوات جهاز مكافحة الإرهاب، بدعم من سلاح جو التحالف الدولي، معالجة مناطق وجودهم في المناطق الصحراوية والمفتوحة"، معتبراً أن استمرار الاعتداءات الإرهابية يتطلب عملاً غير تقليدي من قبل القوات العراقية. وأضاف أن "الجهاز الاستخباراتي لا أهمية له من دون توفر ثقة بين المواطن والجهات الأمنية. وعدم وجود الثقة جعل القوات الأمنية في بعض المناطق غير قادرة على الرؤية. عدم الثقة لا يعود إلى أن المواطنين لا يريدون التعاون، بل هم تعاونوا، لكن هناك من سرب معلومات عن المتعاونين، الذين قتل داعش بعضهم".

ومنذ منتصف الشهر الماضي، استأنف طيران التحالف الدولي تعاونه مع القوات العراقية، من خلال إعلانه رسمياً تنفيذ ضربات جوية لمواقع داخل الصحراء الغربية للعراق والمناطق الجبلية شمالاً، بينما عاودت البيانات الرسمية العراقية ذكر دور التحالف في المهام والعمليات العسكرية كما في السابق، بعد قطيعة دامت عدة أشهر في زمن حكومة عبد المهدي، جراء تداعيات اغتيال الولايات المتحدة لقائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب زعيم "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس.

المساهمون