لا مؤشرات لانتخابات مبكرة بالعراق: تعطيل ينذر باستفزاز الشارع

لا مؤشرات لإجراء انتخابات مبكرة في العراق: تعطيل ينذر باستفزاز الشارع

28 يونيو 2020
الانتخابات المبكرة من أبرز مطالب الاحتجاجات (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من مرور 6 أشهر على تصويت البرلمان العراقي على قانون الانتخابات، المقرر أن تجري وفقا له انتخابات تشريعية مبكرة استجابة لأحد أهم مطالب الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلا أن البرلمان لم يكمل ملحق القانون المتعلق بتوزيع الدوائر الانتخابية داخل كل محافظة، الأمر الذي عطل تحديد موعد للانتخابات المبكرة، بالإضافة إلى أمور أخرى، مثل تخصيص مبالغ مالية لإجراء العملية الانتخابية، والاستعدادات الفنية من قبل مفوضية الانتخابات. 

وبعد أن كان الحديث عن تسويف أهم مطالب المتظاهرين المتعلق بإجراء الانتخابات يجري في كواليس الكتل السياسية خوفا من غضب الشارع، بدأت هذه الأحاديث تظهر للعلن بعد تراجع مستوى الاحتجاجات بسبب جائحة كورونا، وذلك على لسان نواب استبعدوا إجراءها بسبب عدم وجود رغبة حقيقية بذلك من قبل أغلب القوى السياسية.

وقال مقرر اللجنة القانونية في البرلمان، يحيى المحمدي، إنه "لا توجد رغبة حقيقية من قبل الكتل السياسية لإجراء الانتخابات المبكرة، ودليل ذلك عدم حسم قانون الانتخابات، فضلا عن عدم استكمال البناء الهيكلي لمفوضية الانتخابات"، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مفوضية الانتخابات غير قادرة على البدء بإجراءات التهيئة للعملية الانتخابية، كون قانون الانتخابات لم يكتمل حتى الآن".

وتابع أن "توزيع الدوائر الانتخابية ليس ملحقا فقط، بل هو جزء من قانون الانتخابات الذي لم يتم استكماله بعد بسبب غياب الجدية من قبل الكتل السياسية"، لافتا إلى عدم وجود أية مؤشرات لإجراء الانتخابات المبكرة.


واوضح أن أحد أهم مطالب الاحتجاجات التي لا تزال مستمرة هو إجراء الانتخابات المبكرة، لكن على المستوى المنظور لا توجد أجواء ملائمة لإجراء الانتخابات، بسبب غياب الاستقرار الأمني والمجتمعي، فضلا عن عدم اكتمال الإجراءات اللوجستية والفنية لإجراء الانتخابات، مضيفا: "الجميع يتحمل مسؤولية تأخير إجراء الانتخابات، بما فيها مفوضية الانتخابات، وكذلك السلطة التنفيذية، كونها المسؤولة وفقا للدستور عن إجراء الانتخابات بالتنسيق مع المفوضية، بالإضافة إلى مسؤولية الكتل السياسية". 

في المقابل، قال مسؤول حكومي عراقي لـ"العربي الجديد" إن البرلمان يتحمل المسؤولية الأكبر في تأخير تحديد ملامح الانتخابات المبكرة بسبب تعطيل إكمال ملحق توزيع الدوائر الانتخابية، موضحا أن "موعد الانتخابات لا يمكن أن يتم تحديده ما لم يتم إكمال قانون الانتخابات وتخصيص المبالغ المالية اللازمة التي تحتاجها مفوضية الانتخابات، التي ستكون مطالبة هي الأخرى بإجراء الاستعدادات اللوجستية".

لكن عضو مجلس النواب عن تحالف "سائرون"، علاء الربيعي، أكد لـ"العربي الجديد" أن "مسألة إجراء الانتخابات المبكرة من عدمه أصبحت الآن في ملعب الحكومة، وليس في ملعب الكتل السياسية"، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الجهة المسؤولة عن تحديد موعد الانتخابات هي المفوضية بالتنسيق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".

وتابع: "بعض القوى السياسية قد يرغب في التأخير، وقد ترغب قوى أخرى في إجراء الانتخابات المبكرة، إلا أن الكلمة الفصل هي لمفوضية الانتخابات والحكومة"، مبينا أن "رئيس الحكومة وعد الشعب العراقي بأن تكون هناك انتخابات مبكرة ونزيهة تمثل بداية جديدة للعملية السياسية، وتصحيح لمسارها، وهذا ما ندعو إليه، وقد خرجت التظاهرات للمطالبة به".

وشدد على "ضرورة قيام الجميع، سواء كانوا قوى سياسية أو حكومة، بتنفيذ مطلب الشارع بإجراء انتخابات مبكرة تضمن المشاركة الفاعلة التي يمكن أن تنهي احتكار الأحزاب الكبيرة، وتمنح المستقلين والأكفاء فرصة للفوز"، داعيا إلى "ضمان عدم فرض المليشيات قوتها في الانتخابات المقبلة، والسعي إلى انهاء نفوذ المال العام والمال السياسي في الانتخابات".

ودافع الربيعي عن تعطيل إكمال ملحق قانون الانتخابات قائلا: "توجد مبررات لتأخر إكمال ملحق قانون الانتخابات المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، وذلك بسبب تعطيل أعمال مجلس النواب نتيجة للوباء الذي ضرب العالم"، مطالبا اللجنة القانونية بالبرلمان، التي قال إنها معنية، بإكماله بالانتهاء من الملحق.

وبين أن وزارتي التخطيط والتجارة، ومفوضية الانتخابات، معنية أيضا بإكمال ملحق الدوائر الانتخابية، مؤكدا أن الملحق يتضمن تحديد عدد الدوائر الانتخابية في كل محافظة وفقا للنسبة السكانية.

ولفت عضو البرلمان عن تحالف "سائرون" إلى أن قوة الكتل السياسية لم تعد كالسابق، بعد أن فقدت السيطرة على القرار في الدولة العراقية، مضيفاً: "لو كان الخيار للكتل السياسية لما اختارت الكاظمي رئيسا للحكومة".

وأوضح أن "رئيس الوزراء يتحمل المسؤولية كاملة في ما يتعلق بالانتخابات والإصلاحات وضرب الفاسدين"، مشيرا إلى وجود توجه حكومي لتوفير الأموال اللازمة لإجراء الانتخابات.

وبشأن احتمال تصاعد حدة الاحتجاجات في حال عدم إجراء انتخابات مبكرة، قال الربيعي "أغلب الناشطين في ساحات التظاهر بدأوا يتراجعون عن مطلب الانتخابات المبكرة، لأنهم بدأوا يفكرون سياسيا، وأصبحت لديهم مطالب سياسية بعد أن ذهب جزء منهم إلى السلطة وأصبحوا مديري مكاتب ومستشارين عند الكاظمي"، فيما أكد ناشطون بساحات التظاهر أن أي شخص ارتضى لنفسه أن يكون جزء من الحكومة لا يمثلهم.

وأكد الناشط في تظاهرات ساحة التحرير ببغداد علاء اللامي، لـ"العربي الجديد"، أن بعض الأشخاص الذين وصفهم بـ"المتسلقين" حصلوا على مواقع في حكومة الكاظمي بعد أن ادعوا أنهم يمثلون ساحات التظاهر، موضحا أن "الشعب العراقي يعلم أن الذين عيّنهم الكاظمي في مكتبه أو متحدثين باسمه لم تطأ أقدامهم يوما ساحات التظاهر، وأن ادعاء ذلك يهدف لمنح الحكومة مزيدا من الشرعية".

أما أحمد الناصري، وهو أحد ناشطي احتجاجات ساحة الحبوبي في ذي قار، فقال لـ"العربي الجديد" إن المتظاهرين لا يعولون على الحكومة والبرلمان في تحقيق مطالبهم، وفي مقدمتها الانتخابات المبكرة، مبينا أن التظاهرات التي تمكنت من تغيير الحكومة، وإثارة الهلع داخل البرلمان، قادرة على العودة بقوة بعد انتهاء وباء كورونا.

وأوضح أن "الحكومة والبرلمان والقوى السياسية أمام فرصة قد لا تتكرر تتمثل بإكمال قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات المبكرة"، مؤكدا أن عدم قيامهم بذلك يعني أنهم "وضعوا أنفسهم خصوما للشعب الذي قد ينتفض مجددا في أية لحظة".

وتعهد الكاظمي منذ نيل حكومته الثقة الشهر الماضي بإجراء انتخابات مبكرة تحقق تطلعات الشعب العراقي، وجدد ذلك خلال لقائه بممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، الثلاثاء الماضي، حين أكد لها أن حكومته تعمل "على التهيئة لإجراء الانتخابات المبكرة، وضمان أنها تعبر عن إرادة الشعب العراقي".

المساهمون