ترامب والانتخابات... ولعنة الأرقام

ترامب والانتخابات... ولعنة الأرقام

26 يونيو 2020
ترامب يواصل التراجع أمام بايدن (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
يشبه المشهد الراهن في واشنطن، وإلى حدّ بعيد، ما كان عليه في عزّ الأزمة، خلال إبريل/ نيسان الماضي. كل شيء فيه متدهور ومفتوح على المزيد. 

كورونا ضرب اليوم الرقم القياسي: أكثر من 38 ألف إصابة في حوالي 30 ولاية. معه صار المجموع أكثر من 2,5 مليون إصابة، وعدد الوفيات تجاوز 126 الفاً. ليس هذا فحسب، بل إنّ الحجم الحقيقي للإصابات، وفق تقديرات مركز الأوبئة، يصل إلى "عشرة أضعاف" العدد المعلن، أي حوالي 25 مليونا، مع التحذير من أنّ "92 إلى 95% من الأميركيين عرضة للإصابة بالفيروس". 

أرقام جددت الخوف، لأنها تصدر لأول مرة ويربطها العارفون بـ"التأخير في الإغلاق من البداية، ثم بالعودة المبكرة عنه أواخر مايو/ أيار الماضي" بإصرار من الرئيس دونالد ترامب

كانت مراهنة ترامب أنّ الجائحة دخلت طور التراجع، وبما يسمح باستئناف الدورة العادية، وبالتالي بإنعاش الاقتصاد خلال الصيف، وبما يتيح توظيف ورقته في الانتخابات، فجاءت النتائج معاكسة، وكذلك التداعيات الاقتصادية. 

انضم هذا الأسبوع مليون ونصف مليون إلى جيش العاطلين من العمل. بعض الولايات، مثل تكساس التي ارتفع فيها تفشي الفيروس بنسبة 50%، عادت إلى شيء من الإغلاق أو إلى تمديد المتبقي منه. الناتج القومي الإجمالي للربع الأول من العام الجاري هبط إلى 4,8% سلبي (تحت الصفر)، والمتوقع للربع الثاني أسوأ. 

ترافق ذلك مع سلسلة استطلاعات تقاطعت جميعها عند ترجيح المرشح الرئاسي جو بايدن على ترامب بمعدل عشر نقاط وأكثر. ولا ولاية هامة يتقدم فيها الرئيس على منافسه. حتى من بين تلك التي منحته التأييد العارم في 2016، مثل تكساس التي كانت محسومة وبفارق واسع لصالح الرئيس.  

وضع أربك حملة ترامب الانتخابية التي أمست بلا أجندة دسمة، بحيث تقلصت إلى حدود معركة الحفاظ على النصب التذكارية لجنرالات الجنوب الكونفيدرالي في الحرب الأهلية أو الرموز التي تثير الاعتراض على ماضيها العنصري، والتي استهدفها الحراك الذي أطلقه مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد خنقاً تحت ركبة شرطي أبيض.

عدد غير قليل من هذه التماثيل جرت إزاحتها وبما رفع من درجة التوتر العنصري الذي يخشى البعض من تأجيجه وتحويله إلى "حرب أهلية ثقافية" خلال الأشهر المتبقية من الحملة الانتخابية التي قد يطغى عليها "العنف والاستقطاب". 

الأجواء محتقنة بما فيه الكفاية، وكان الاعتقاد أنّ الكونغرس قد يسارع إلى تنفيسها عبر التوصل إلى توافق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول مشروع قانون لإصلاح الخلل في أجهزة الشرطة، وممارساتها الخشنة التي كان فلويد آخر ضحاياها، والذي تسبب مقتله بخضة ما زالت تتفاعل حتى اللحظة رغم مرور شهر على الحادثة، لكن ذلك لم يحصل.

اقــرأ أيضاً
استطلاع: بايدن يتقدم على ترامب بأربع عشرة نقطة
الفريق الديمقراطي صوّت على مشروع من هذا النوع رفضته الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ مسبقاً. الخلاف بينهما حول طبيعة دور أجهزة الأمن حال دون إمكانية التلاقي حول صيغة مقبولة تساعد على تبريد الموقف، رغم حساسية الموضوع وخطورته.

الانتخابات الرئاسية صارت على مسافة 130 يوماً. الأرقام تحاصر الرئيس من كافة النواحي. كورونا يتفاقم وهو ما زال في الموجة الأولى. الثانية قادمة في الخريف، حسب التحذيرات الطبية، التي ثبتت صحتها منذ البداية وحتى الآن، ومع ذلك يتمسك البيت الأبيض بتوقعاته التي تتضارب مع بيانات المستشفيات والعيادات. 

يصرّ البيت الأبيض على التطمين بقرب العثور على لقاح "ربما قبل أواخر السنة"، خلافاً لتوقعات أهل العلم. 

غداً يعود ترامب مع فريقه الطبي إلى المؤتمر الصحافي اليومي الذي أوقفه، منذ أكثر من أسبوعين، لعلّ ذلك يهدئ من المخاوف. ومن المرجح أن يفاتح الكونغرس قريباً بضرورة إقرار حزمة تعويم وتحفيز جديدة، فالتردي الاقتصادي مقيم مادام كورونا مسيطرا على الساحة. وعلى الرئيس أن يخوض معركة تجديد رئاسته في مواجهة الأرقام العنيدة  لهذين الوضعين، والتي لا يقوى على تجاهلها، ناهيك عن تجميلها.

المساهمون