الولايات المتحدة تحيي ذكرى إنهاء العبودية على وقع الاحتجاجات

الولايات المتحدة تحيي ذكرى إنهاء العبودية على وقع الاحتجاجات ضد العنصرية

19 يونيو 2020
تظاهرة مناهضة للعنصرية في نيويورك (Getty)
+ الخط -

تحيي الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، ذكرى إنهاء العبودية، في خضم اضطرابات أوقد شرارتها عنف الشرطة غير المبرَّر ومن خلفه العنصرية والتمييز تجاه الأميركيين السود.

ومن المرتقب مشاركة الآلاف في تظاهرات عدة تمتدّ من نيويورك إلى لوس أنجليس لمناسبة الذكرى 155 لما يسمى بـ"جونتينث"، وهو اليوم الذي أدرك خلاله "العبيد" في غالفستون في تكساس أنّهم صاروا أحراراً. غير أنّ مآسي عدة وقعت خلال العام الحالي دفعت بالبلاد نحو الشروع في إعادة النظر في العنصرية التي طبعت ماضيها ولا تزال ماثلة في المجتمع.
وكان أبرز تلك الأحداث وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد (46 عاماً) اختناقاً في نهاية مايو/ أيار في مدينة مينيابوليس، بعدما جثا الشرطي الأبيض ديرك تشوفين فوق عنقه لأكثر من ثماني دقائق، وسط مناشداته المتكررة بعبارة "أعجز عن التنفس".
وأثار نشر المشهد كاملاً في مقطع فيديو سجّله مارّة صدمةً في البلاد وتظاهرات هائلة رفضاً للعنصرية الحاضرة في اليوميات، واحتجاجاً على عنف الشرطة. وقال شقيق جورج فلويد، فيلونيز، أمام جلسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف: "الحقيقة المؤلمة أنّ ما جرى لا يمثّل حادثة منفصلة". وأوضح أنّ "الطريقة التي عُذّب بها شقيقي ومقتله الذي وثقته كاميرا يعكسان كيفية معاملة الشرطة للسود في (الولايات المتحدة)".
ووسط الهتاف بشعار "حياة السود تهم"، تظاهر ملايين في الشوارع تنديداً بعدم المساواة. وألقت هذه التعبئة التي شابتها أعمال عنف ونهب الضوء على أساليب قوات إنفاذ القانون تجاه الأقليات في البلاد وسلوكها الجائر. وأججت الغضب حادثة شهدتها مدينة أتلانتا في 12 يونيو/ حزيران، حين أطلق شرطي أبيض رصاصتين على ظهر الأميركي الأسود رايشارد بروكس الذي كان يحمل آلة صعق بيده ويحاول الفرار من الشرطة. وكما في مينيابوليس، أقيل الشرطي واتّهم بالقتل.

إزالة صور

على الرغم من أنّ دونالد ترامب ندّد بمقتل فلويد وبروكس، لكنّه أضاع فرصة الظهور كرئيس جامع. فبدلاً من ذلك، انتقد المتظاهرين في عبارات نظِر إليها على أنّها تحمل إيحاءات عنصرية. وسكب الملياردير الجمهوري الزيت فوق النار، من خلال دعوته إلى تجمع انتخابي واسع في تولسا بولاية أوكلاهوما تزامناً مع ذكرى إنهاء العبودية. ولا تزال ذاكرة هذه المدينة مطبوعة بذكرى واحد من أسوأ أعمال الشغب العنصرية، إذ إنّها شهدت عام 1921 مقتل ما يصل إلى 300 أميركي من أصول أفريقية على يد حشد من البيض. ووُصِف خيار ترامب بأنّه استفزازي، ما اضطره إلى إرجاء التجمع ليوم واحد.
ودفعت هذه التظاهرات والاحتجاجات بالأميركيين إلى إعادة النظر في تاريخ بلدهم الذي مزقته مسألة العبودية التي كانت نظاماً وفّر الازدهار الاقتصادي.
وتكرّرت الدعوات إلى إزالة نصب تكرّم جنرالات ومسؤولين كونفدراليين في زمن الحرب الأهلية (1861-1865)، وهي منتشرة في جنوب البلاد، وجرى هدم بعضها.
ومنعت سباقات "ناسكار" للسيارات رفع أعلام الكونفدرالية في الحلبات، إذ غالباً ما ترفعها حشود في الجنوب حيث تشتهر هذه السباقات. وأمرت زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس نانسي بيلوسي، الخميس، بإزالة صور لأربعة رؤساء سابقين لمجلس النواب لأنّهم انحازوا إلى أنصار الكونفدرالية.


تهميش
على الرغم من المكاسب التي سُجّلت في الخمسينيات والستينيات بفعل حركة الحقوق المدنية، فإنّ أقلية السود (نحو 13% من السكان) تُعدّ مهمشة، فهي تعاني من نسب فقر عالية وغير ممثلة بشكل منصف على المستوى السياسي.
وضاعفت أزمة تفشي وباء "كوفيد-19" هذا الواقع، إذ ارتفعت معدلات البطالة بين السود بشكل كبير، وسط الشلل الذي أصاب الاقتصاد الأميركي. وفي ظل عمل السود عموماً في أعمال أساسية ولكنّها منخفضة الأجور، كانوا أكثر عرضة في مواجهة الفيروس.

(فرانس برس)