بيان عراقي غاضب وملاحقة للمتورطين بالهجوم على معسكر التاجي

بيان عسكري عراقي غاضب وملاحقة للمتورطين بالهجوم على معسكر التاجي شمالي بغداد

14 يونيو 2020
إشراك "الحشد الشعبي" في التحقيقات (أميرة يورلماز/ الأناضول)
+ الخط -
قال مسؤول عسكري عراقي رفيع في بغداد، اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، إن فريقاً مشتركاً من وزارة الدفاع وجهازي مكافحة الإرهاب والمخابرات باشر، بأوامر من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، التحقيق بالهجوم الصاروخي الذي استهدف معسكراً يضم قوات أميركية في ساعة متأخرة من ليلة أمس السبت، شمالي العاصمة، للقبض على المتورطين ومحاسبة المسؤولين عن أمن المنطقة، مشيراً إلى أن الإجراءات تتم بالتعاون مع هيئة "الحشد الشعبي"، وهي المظلة الجامعة لنحو 70 فصيلاً مسلحاً تشكل أغلبها بعد اجتياح تنظيم "داعش" العراق عام 2014، ويرتبط كثير منها بإيران. 

ولم يسفر الهجوم الصاروخي عن أي خسائر في صفوف القوات الأميركية، أو القوات العراقية التي تتشارك معها معسكر التاجي، الواقع على بعد 25 كم إلى الشمال من العاصمة بغداد، وفقا لضابط بالجيش العراقي قال إن أحد الصواريخ سقط داخل ساحة خالية داخل المعسكر ولم يسفر عن أي خسائر. 

وأكد الضابط العراقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القوات العراقية عثرت عن منصة إطلاق الصواريخ قرب مقبرة تقع على بعد 10 كم من المعسكر، كاشفا عن تشكيل رئيس الوزراء العراقي لجنة من مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، وجهازي مكافحة الإرهاب والمخابرات، للبحث عن المتورطين بالهجوم، مبينا أنه تم إشراك هيئة "الحشد الشعبي" بالتحقيق، إذ يعتقد أن الهجوم تقف خلفه جماعة متمردة على اتفاق تهدئة توصل إليه رئيس الوزراء مع قادة الفصائل المسلحة بـ"الحشد الشعبي". 

وأعرب المتحدث ذاته عن اعتقاده بأن الجماعة المهاجمة ترتبط بكتائب "حزب الله" أو "النجباء"، كونهما تنشطان في بلدة التاجي حيث يقع المعسكر، فضلا عن إصدارهما تهديدات قبل وعقب إجراء أولى جلسات الحوار الاستراتيجي الأميركي العراقي الذي جرى الخميس الماضي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين مسؤولين بالخارجية العراقية ونظرائهم في واشنطن. 

قيادة العمليات العراقية المشتركة، من جانبها، أصدرت بيانا غاضبا فجر الأحد، قالت فيه إنه "رغم تحذيراتنا السابقة للجهات التي تحاول خلط الأوراق، من خلال العبث بالأمن وتهديد قواتنا الأمنية باستهداف معسكراتها، إلا أن هذه الجهات أقدمت، مساء السبت، على قصف معسكر التاجي التابع للقوات الأمنية العراقية".

وأكدت أن القصف "هو رسالة لا تريد الخير للعراق وشعبه، خاصة خلال هذه المرحلة"، مبينة أن "أجهزتنا الأمنية تلقت توجيها عاجلا للقيام بجهد استخباري نوعي للكشف عن هذه الجهات التي رغم تحذيراتنا لها، تسعى لإضعاف العراق"، مشددة على أن "كل من يحاول العبث بأمن العراق سيكون تحت طائلة القانون". 


ويرى مراقبون وسياسيون عراقيون أن عودة الهجمات تضع الكاظمي أمام أول تحدٍّ يواجهه إزاء ما بات يعرف بالمليشيات المنفلتة، في إشارة إلى عدم التزامها بما تقرره قيادة "الحشد الشعبي"، وهي بالعادة نفسها التي يطلق عليها أيضا بالفصائل "الولائية"، في دلالة على ارتباطها بإيران. 

الخبير في الشأن الأمني هشام الهاشمي اعتبر الهجمات رفضا للحوار مع واشنطن، والذي قد يتوسع بشكل خطير، وقال في تغريدة له إن "القصف هو رفض واضح من قبل (خلايا الكاتيوشا) لنتائج الحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي"، مرجحا أن "يتوسع الرفض إلى نبذ الهدنة المتفق عليها مع الحكومة الجديدة، والعودة إلى التصعيد".

واعتبر الباحث والخبير بالشأن العراقي باسل حسين استهداف قاعدة التاجي بأنه أول تحدٍّ للالتزام الذي قطعته حكومة الكاظمي على نفسها، بحسب ما جاء في البيان المشترك الختامي لجلسة الحوار الأولى بينها وبين الولايات المتحدة، وجاء فيه "التزام الحكومة بحماية القوات العسكرية للتحالف الدولي والمرافق العراقية التي تستضيفهم".

عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي أكد أن الهجوم "دليل جديد على عدم قدرة الحكومة على التعامل مع المليشيات، وقد تصل إلى مرحلة الرضوخ لإرادتها أو مواجهتها عسكريا"، مضيفا، لـ"العربي الجديد"، أن "الكاظمي يواجه ما واجهه من قبل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وقد تؤدي مثل تلك الهجمات إلى أن تتعزز قناعة الأميركيين بعدم جدوى أي تعهدات يلزم بها رئيس الوزراء نفسه".

وذكر حقي أن "الحكومة العراقية اليوم أمام تحدي فرض هيبة الدولة والقانون والالتزام بالتعهدات، وقد يؤدي تكرار الهجمات إلى رد فعل أميركي مشابه لهجوم منتصف مارس/ آذار الماضي"، في إشارة إلى الضربات الأميركية التي استهدفت مقار لفصائل مسلحة في بابل وكربلاء والأنبار، ردا على مقتل جنديين أميركيين وآخر بريطاني مطلع شهر مارس/ آذار بهجوم استهدف معسكر التاجي شمالي بغداد. 

وكانت مليشيات عراقية موالية لطهران، ومنها "كتائب حزب الله" و"العصائب"، قدد هددت، أمس، بـ"رد عسكري"، في حال فشلت الطرق الدبلوماسية في إنهاء جميع أشكال الوجود الأميركي في العراق، معتبرة أن الحوار الاستراتيجي يهدف إلى الإبقاء على القوات الأميركية فترة أطول في العراق.