موقف إيران من الاحتجاجات الأميركية: انتقام ومناكفة

موقف إيران من الاحتجاجات الأميركية: انتقام ومناكفة

01 يونيو 2020
موسوي: النظام الأميركي يمارس العنف والتنمر (عطا كانار/فرانس برس)
+ الخط -
على طريقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مخاطبة الشعب الإيراني باللغة الفارسية، إبان وقوع احتجاجات في إيران خلال عامي 2018 و2019، خاطب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، اليوم الإثنين، الأميركيين المحتجين باللغة الإنكليزية في مستهل مؤتمره الصحافي الأسبوعي.

وقال موسوي إن "العالم سمع نداء مظلوميتكم وهو واقف بجانبكم. النظام الأميركي يمارس العنف والتنمر في داخل الولايات المتحدة وخارجتها في آن واحد"، مخاطبا الإدارة والشرطة الأميركيتين بالقول "أوقفوا العنف ضد شعبكم ودعوهم يتنفسون".

وردا على اتهامات أميركية لطهران بالتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، وهي نفسها التهمة التي وجهتها إيران لواشنطن خلال احتجاجاتها، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية صحة الاتهامات، قائلا "نحن نرفض التدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، لكن لا يمكننا ألا نعبر عن أسفنا وقلقنا تجاه الأحداث الجارية".

ووصف الاتهامات الأميركية بأنها "إسقاطات"، قائلا إن ترامب "يواجه مشاكل في إدارة البلاد وفشل في ذلك، كما هو الحال حول كبح تفشي كورونا"، معتبرا أن الاحتجاجات الأميركية "هي نتيجة سنوات من القمع".

وتعتبر إيران من الدول التي سارعت لاتخاذ موقف داعم للاحتجاجات التي تشهدها العديد من الولايات والمدن الأميركية على خلفية مقتل رجل أسود يدعى جورج فلويد على يد شرطي الأسبوع الماضي.

إلا أن دوافع هذا الموقف ارتبطت بالدرجة الأولى بالسعي لتسجيل نقاط في صراعها الدائر مع الإدارة الأميركية، وتحديدا مع الرئيس دونالد ترامب، سواء من منطلق الانتقام أو المناكفة.

وهذا الموقف ذاته الذي اتخذته واشنطن تجاه الاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال الفترة الماضية، بعد إعلان دعمها للمحتجين ومهاجمتها طهران.

كما أن إيران التي لطالما اتهمت الإدارة الأميركية خلال العامين الأخيرين بأنها تسعى من خلال ممارسة سياسة "الضغط الأقصى" عليها إلى إشعال الداخل الإيراني، تتابع بارتياح وربما بشغف، ما يحدث في هذه الأيام بالمدن الأميركية من احتجاجات واسعة.

وهذا على الأقل ما يظهر من خلال حجم وطبيعة التغطية الواسعة في وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أو تصريحات المسؤولين الإيرانيين، على أمل أن تشغل هذه الاحتجاجات "العدو" الأميركي بشؤونه الداخلية على حساب التركيز على متابعة استراتيجية "الضغوط القصوى"، ضد طهران، والتي أكدت التصريحات الأميركية أخيرا، أن واشنطن بصدد تشديد هذه الضغوط وأهم أدواتها، أي العقوبات أو ما تعتبرها طهران حربا اقتصادية "شعواء".

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين قد قال، أمس الأحد، إن إيران من الأطراف المستفيدة مما يحدث في بلاده، مضيفا أن "أعداء في الخارج يحاولون زرع الفتنة بين الأميركيين عبر تويتر وفيسبوك ومواقع أخرى"، مركّزا في حديثه على الصين.

إلى ذلك، فالموقف الإيراني من الاحتجاجات الأميركية أحدث تلاسنا بين وزيري خارجية البلدين، إذ بعدما اتهم محمد جواد ظريف في تغريدة الإدارة الأميركية بممارسة "العنصرية" تجاه السود، ودعا العالم إلى الوقوف ضد ذلك، رد عليه مايك بومبيو، اليوم الإثنين، في تغريدة، بتوجيه تهم "شنق المثليين ورجم النساء وإبادة اليهود" للحكومة الإيرانية، بحسب تعبيره.

ودعا الرئيس الجديد للبرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أمس الأحد، إلى عدم التفاوض مع واشنطن، معتبرا أن ذلك "مضر جدا"، وهاجم الإدارة الأميركية، في تغريدة عبر "تويتر"، معتبرا أن "أميركا مصدر الشر"، وقال إن "الدولة التي تنشر هياكلها السياسية والقضائية والاقتصادية الظالمة، الحروب والانقلابات والتمييز والتعذيب والاقتتال الداخلي والفساد الأخلاقي في أنحاء العالم، تنشر في الداخل العنصرية والجوع والإهانة والخنق بالركبة (في إشارة إلى مقتل فلويد)، فماذا يمكن تسميتها إلا أنها الشيطان الأكبر".

إلا أن حسابات على منصات التواصل الاجتماعي لم ترق لها تغريدة قالیباف، فتعاملت معها بنوع من الفكاهة والاستهزاء، وأشار أصحابها إلى طريقة التعامل مع محتجين إيرانيين خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

كما أن الموقف في داخل إيران من الاحتجاجات الأميركية لم يكن بعيدا عن المناكفات والتجاذبات السياسية الداخلية بين المحافظين والإصلاحيين، إذ بعدما لم تظهر وسائل الإعلام الإصلاحية أو المقربة من التيار الإصلاحي تلك الحماسة التي أبداها الإعلام المحافظ تجاه الأزمة الداخلية الجديدة في الولايات المتحدة، لم يرق ذلك لمحافظين وانتقدوا هذا الموقف.

وفي السياق، اتهمت وكالة "فارس" المحسوبة على الخط المحافظ، في تقرير لها، أمس الأحد، الصحف الإصلاحية بتجاهل الحدث الأميركي، قائلة: "بينما تصدرت الأحداث الأميركية خلال الأيام الأخيرة تغطية وسائل الإعلام في العالم، إلا أن الصحف الإصلاحية في تصرف منسق لم تبرز هذا الموضوع في صفحاتها الأولى". ​​