حكومة الكاظمي أمام البرلمان العراقي: محاولة أخيرة لتذليل الاعتراضات

حكومة الكاظمي أمام البرلمان العراقي: محاولة أخيرة لتذليل الاعتراضات

06 مايو 2020
يتحدث تكتل المالكي عن إمكان حصول مفاجآت(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
يعقد البرلمان العراقي، في الساعة التاسعة من مساء اليوم الأربعاء، جلسته الخاصة للتصويت على حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وسط استمرار مفاوضات الأخير مع عدة كتل سياسية متحفظة على بعض أسماء كابينته الوزارية، ما يجعل إمكانية تغيير أسماء أعضاء الحكومة قائماً، بل وشبه مؤكد، إذ إنّ غالبية الخلافات الحالية على أسماء خمسة وزراء تتحفظ عليها كتلتا "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، و"الوطنية" بزعامة إياد علاوي، فضلاً عن كتل صغيرة أخرى.

وحتى ظهر أمس الثلاثاء، ضمن الكاظمي أصوات القوى السياسية السنية والكردية، فضلاً عن كتل "سائرون"، و"الفتح"، و"الحكمة"، و"النصر"، وقوى شيعية أخرى، ما يعطيه، في حال استمر هذا الدعم، أكثر من ثلثي أصوات أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً. ويقضي الدستور النافذ في البلاد بأن تحصل الحكومة على أغلبية النصف زائد واحد، لتعتبر حائزة على الثقة وتباشر ممارسة أعمالها.

وبحسب مصادر في الدائرة القانونية بمجلس النواب، فإنّ غالبية أعضاء البرلمان وصلوا إلى بغداد نهار أمس الثلاثاء عبر الخطوط الجوية العراقية، من خلال مطارات البصرة وأربيل والسليمانية، بينما تمّت تهيئة مواكب سيارات رسمية لانتقال الآخرين من المحافظات القريبة من بغداد. وستكون جلسة اليوم هي الأولى من نوعها منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي، بعد عقد جلسة للتصويت على حكومة محمد توفيق علاوي، لم تدم لأكثر من ربع ساعة، ورفعت بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. وأكّدت المصادر إعداد دعوات لسفراء وممثلي بعثات أجنبية وقضاة ومسؤولين عراقيين لحضور الجلسة، وفقاً لما جرت عليه العادة في مثل هذه المناسبات، من دون توجيهها لهم بعد، بانتظار تأكيد أجواء انعقاد الجلسة وتمرير الحكومة.

وتنتهي المهلة الدستورية المحددة لإكمال الكاظمي تشكيلته الحكومية وعرضها على البرلمان، في التاسع من شهر مايو/ أيار الحالي، وفقاً لنصّ الدستور الذي حدد هذه المهلة بشهر واحد فقط من تاريخ إعلان رئيس الجمهورية تكليف شخصية لتشكيل الحكومة بشكل رسمي.

وعلم "العربي الجديد"، من مصادر مقربة من الكاظمي، أنّ الأخير يحاول تسوية الخلافات الحالية عبر تقديم مرشحين جدد للوزارات التي عليها اعتراض أو تركها شاغرة. وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ الكاظمي سيذهب إلى البرلمان بحظوظ أكبر من سلفيه محمد علاوي وعدنان الزرفي.

في السياق، قال النائب عن تحالف "الفتح"، فاضل الفتلاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "هناك توافقاً بين أغلب القوى السياسية العراقية على تمرير الحكومة في جلسة الأربعاء (اليوم)"، مستدركاً بأنّ "هناك بعض الوزراء قد يتم استبدالهم أو إسقاطهم وعدم منحهم الثقة، لوجود ملاحظات واعتراضات عليهم من قبل بعض الكتل السياسية، لكن بصورة عامة الحكومة سوف تمنح الثقة، بغالبية وزرائها".

وكشف الفتلاوي أنّ الكاظمي "قام بإجراء تعديل جديد على كابينته الوزارية، بعد الاعتراضات على بعض المرشحين، وما زال يحاور القوى السياسية وسيبقى على تواصل معها، إلى ما قبل موعد جلسة التصويت بساعات". وأضاف أنّ "كل القوى السياسية داعمة لحكومة الكاظمي، بسبب وجود ملفات حساسة يجب التعامل معها من قبل حكومة بكامل الصلاحيات، على رأسها الوضع الصحي والاقتصادي والأمني، وكذلك قضية مشروع قانون الموازنة، وإجراء الانتخابات المبكرة، وغيرها من الملفات الساخنة".

وأكد النائب عن تحالف الفتح أنّ "قضية كسر (عدم توفير) النصاب القانوني لجلسة التصويت على حكومة مصطفى الكاظمي من قبل بعض الكتل السياسية والنواب أمر مستبعد، فالكل داعم لتمرير الحكومة، لكن لا يمكن تمرير أي وزير عليه ملفات فساد وشبهات أخرى".

من جانبها، قالت النائب عن تحالف "القوى العراقية"، انتصار الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "غالبية القوى السياسية العراقية، باستثناء ائتلافي دولة القانون والوطنية وكتلة سند، أعطت التزاماً لرئيس الوزراء المكلف، بالتصويت لصالح منحه الثقة، والجميع جاد بهذا الالتزام". وأوضحت الجبوري أنّ "بعض الوزراء قد يسقطون في تصويت النواب، ولا يتم منحهم الثقة، لكن الحكومة الجديدة سوف تمضي وتمنح الثقة. ومن الممكن ألا يتم تقديم بعض الحقائب الوزارية للتصويت عليها، بسبب استمرار المباحثات بين القوى السياسية والكاظمي، كما من الممكن حسمها قبل انعقاد الجلسة بدقائق قليلة".

وأكدت الجبوري أنّ "الساعات المقبلة ستشهد أيضاً اجتماعات بين كل القوى السياسية العراقية، ورئيس الوزراء المكلف، للتأكيد على دعم هذه القوى له والتصويت لصالحه في البرلمان، ونستطيع القول حتى الآن إنّ أمر الحكومة الجديدة حُسم وسيتم التصويت عليها مساء اليوم بالأغلبية البرلمانية".

بدوره، قال النائب عن تيار "الحكمة"، عباس صروط، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع في العراق، الصحي والأمني والاقتصادي، لا يسمح بعرقلة تمرير الحكومة الجديدة، ولهذا تمّ الاتفاق بين غالبية القوى السياسية على منح الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي خلال جلسة اليوم".

وأشار صروط إلى "اعتراضات ما زالت قائمة على بعض مرشحي الحقائب الوزارية، وربما سيتم إسقاط هؤلاء في البرلمان. كما أنّ الكاظمي ما زال يبحث مع القوى السياسية الخيارات التي يمكن اعتمادها، بحيث لا يواجه مشاكل في التصويت على كابينته الوزارية". وأكد صروط كذلك أنّ "حكومة الكاظمي ستمنح الثقة اليوم، خصوصاً أنّ هناك ضمانات من الأغلبية في البرلمان بالتصويت لصالحها، مع الاعتراض على عدد قليل من مرشحي الوزارات، ويبقى حسم أمرهم بيد النواب، من خلال التصويت لهم من عدمه".

في المقابل، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، سعد المطلبي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ "كل الخيارات ستبقى مفتوحة في جلسة التصويت على حكومة الكاظمي، فربما تمنح الثقة وربما لا يتم التصويت لها، وهذا الأمر يعتمد على الكابينة الوزارية التي ستعرض للتصويت عليها في البرلمان". وأوضح المطلبي أنه "قد تحصل مفاجأة قبل موعد انعقاد الجلسة بقليل، تكون ضدّ الكاظمي، خصوصاً في حال عدم وجود تغيير جذري في الكابينة الوزارية. كل الخيارات مفتوحة، ونحن موقفنا ثابت برفض هذه الكابينة، وننتظر ما سيحصل من مستجدات، والتي ربما تكون لصالح الكاظمي أو ضده".